+A
A-

ترشيد الخطاب الديني أحد أعمدة تعزيز الانتماء وترسيخ قيم المواطنة

يعد ترشيد الخطاب الديني من بين المتطلبات اللازمة لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة؛ باعتبار أن القيم الدينية تمثل أمرا حاكما في الشخصية الوطنية، وهو ما يتفق مع كون مملكة البحرين نموذجا في الانفتاح والتنوع الثقافي والتسامح على مر التاريخ ومقصدًا لاستقرار كثير من شعوب الحضارات القديمة، حتى أصبحت نقطة التقاء حضاري، ما أثرى ثقافة المجتمع وأضفى على الهوية البحرينية الجامعة الأصيلة بعدًا مميزًا في قبول واحترام الآخر.

وفي العهد الزاهر لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حرص جلالته على ترسيخ تلك القيم في المجتمع، وإيصال ذلك إلى العالم؛ لتصبح البحرين نموذجا حيا يجسد التسامح والتعايش والوسطية والاعتدال.

وفي إطار هذه الرؤية السامية لجلالة الملك، جاءت الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة “بحريننا” التي تقوم على 5 محاور رئيسة هي: التشريعات والأنظمة، المناهج والمقررات، المطبوعات، حملات العلاقات العامة، برامج الانتماء، وتنفذ من خلال 70 مبادرة، تسير في اتجاهات مختلفة، في عمل مؤسسي واضح، وشراكة مجتمعية تحمل فيها كل جهة مسؤولياتها تجاه الوطن.

إن إنجاح الخطة الوطنية، مسؤولية وطنية مشتركة، بين جميع مؤسسات الدولة، الرسمية والمجتمعية، وهي واجب وطني ملزم على الجميع، من الأسرة والمدرسة، والمجتمع، والوزارات والهيئات، ومختلف الوسائل الإعلامية والفعاليات المتعددة.

وتفعيلا لمبادرات الخطة الوطنية، تأتي أهمية ترشيد الخطاب الديني كواحد من الأهداف الرئيسة للخطة، كما أكد ذلك وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، خلال الاجتماع الأول للجنة متابعة تنفيذ الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة، إذ أوضح أن الخطة تهدف إلى مواصلة البناء على ما تم إنجازه لتقوية الجبهة الداخلية وحفظ الأمن الوطني والاستقرار المجتمعي وتعزيز الولاء والانتماء وترسيخ قيم المواطنة والحفاظ على وسطية واعتدال الخطاب الديني ونشر روح التسامح والاعتدال والالتزام بالوحدة الوطنية.

إن ترشيد الخطاب الديني يأتي وفقًا لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف والذي دعا للوسطية، وانعكاسا لما جُبِل عليه أهل البحرين من وسطية واعتدال، وهو ما تُترجمه رؤية جلالة الملك بالتأكيد الدائم على ترسيخ قيم الاعتدال والوسطية، وبالتالي فإن إستراتيجية وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، تنبع من هذه الخلفية الراسخة، إذ تدعو المبادرة لأن يركز الخطاب الديني على ثقافة الحوار ونبذ ثقافة العنف والتشدد، فالاختلاف لا يعني إلغاء الرأي المخالف أو إقصاءه، كما تنبع من الإدراك الوطني بوجود محاولات لاستهداف الهوية الوطنية البحرينية وتكريس نهج التطرف وزعزعة الاستقرار وبث الفتنة في المجتمع، وهو ما يؤكد أهمية الخطاب الديني في الدفاع عن الهوية الوطنية، فللمنبر الديني أثره في تعزيز العمل الوطني وحب الوطن والولاء لهذه الأرض، إضافة إلى تأكيد لغة التسامح والتعايش الكريم.

إن وجود إستراتيجية وطنية شاملة لترشيد الخطاب الديني، يمثل حاجة ملحة؛ نظرًا لدوره المحوري، ومن هنا جاءت أهمية مواكبة الخطاب الديني للحاجات والمعطيات والمستجدات، بما يحقق الوحدة الوطنية وتنمية قيم المواطنة الصالحة وبث روح الانتماء للوطن وتفعيل قيم التعايش المشترك.  ويؤكد هذا الارتباط الوثيق بين تعزيز الانتماء للوطن والخطاب الديني، أهمية تفعيل دور الأئمة والخطباء في طرح ما يخدم التلاحم الوطني ويحذر من الفرقة والتشرذم.

وكانت الحاجة ماسة لإطلاق خطة وطنية للحفاظ على وسطية واعتدال الخطاب الديني ونشر روح التسامح والاعتدال، لاعتبارات عدة.  وحققت البحرين، خطوات مهمة في مجال الحفاظ على وسطية واعتدال الخطاب الديني، من أبرزها ضوابط وآداب الخطاب الديني والتي أصدرتها وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف وأكدت أن إلقاء الخطب والدروس والمحاضرات الدينية، يكون وفق الآداب والضوابط التي تعمل على بث روح الانتماء للوطن والدفاع عن ثوابته الإسلامية وهويته العربية، واحترام مبدأ المواطنة الصالحة والتعايش المشترك، واحترام التعددية تحت مظلة الإسلام وتجنب الخوض في كل ما يثير الطائفية، واتخاذ الوسطية والاعتدال في الطرح منهاجًا عامًا في الخطب والدروس الدينية وتجنب التعصب للآراء في المسائل الخلافية والدعوة إلى التسامح والتواصل والحوار واحترام الرأي الآخر.