+A
A-

تلفزيونات زمان... إرسال محدود وبرامج تلبي كل الأذواق

لست هنا في صدد استعراض تاريخ دخول التلفزيون في منطقة الخليج العربي، ولكني أجد نفسي وقبل الخوض في تقريرنا التالي أستحضر ما كتبه المؤرخ والكاتب البحريني الصديق الراحل خالد البسام في كتابه الجميل “تلك الأيام”. يقول البسام “انتهى العام 1953 بامتلاك محمود شكيب وحسين يتيم وأحمد فخرو وغيرهم جهاز فيلبس التلفزيوني 17 بوصة عندما اشتروه بـ 950 روبية”.

ويضيف “أرامكو كانت في حاجة إلى مشروع لإيجاد نوع من الترفيه والتثقيف لأبناء المنطقة الشرقية في السعودية، فتبارك الجهات المسؤولة الخطوة وتعطي أرامكو الضوء الأخضر لإنشاء محطة، وفي الحال تعلن الشركة لموظفيها العرب أنها ترغب في توظيف بعضهم ليعملوا في مهام التحرير والترجمة والتقديم والتصوير”.

وبهذه المجموعة الصغيرة تبدأ المحطة بث برامجها في يوم غير عادي، 16 ديسمبر العام 1956. ويتحدث المذيع العربي في الساعات الثلاث اليومية ليقول للجمهور القليل: هنا تلفزيون “أرامكو” من المملكة العربية السعودية، ثم تزداد ساعات البث إلى 7 ساعات ليحتاج التلفزيون إلى الأفلام والمسلسلات العربية والغربية المدبلجة ومن المسلسلات كما يذكرها البسام “بيري ميسون”، “الفارس المغوار”، “والت ديزني”، “الكلب لاسي”، “الحصان فيوري”، “بن كيس”، وغيرها. وكانت الإحصاءات تؤكد وجود أكثر من 6 آلاف جهاز بالعام 1964 في البحرين.

عموما، تلك كانت إحدى قصص التلفزيون في البحرين، ولكن على مر الأجيال اختلف الحال وأصبح لكل زمان برامج ومذيعون وأفلام ومسلسلات، والذي أعرفه حق المعرفة وعايشته بنفسي وأنا طفل هو انتهاء برامج تلفزيون البحرين في تمام الساعة 11 ليلا، ويكون الختام بموجز الأنباء، أما تلفزيون الإمارات العربية المتحدة فكان يختتم برامجه بفيلم أجنبي في الساعة 10 ليلا، وتلفزيون أرامكو القناة 3 يختتم بفيلم السهرة في تمام الساعة 10 ليلا، وتلفزيون السعودية القناة 2 ببرنامج إسلامي ثم نهاية الإرسال عند الساعة 11 ليلا، وكل تلفزيونات الخليج كانت تفتتح برامجها في أوقات متفاوتة في ذلك الزمن، فتلفزيون البحرين، القناة 55، كانت تبدأ الساعة 5 مساء بالقرآن الكريم، وتلفزيون الإمارات في تمام الساعة 3 عصرا بالقرآن الكريم ومن ثم الرسوم المتحركة، والتلفزيون السعودي في تمام الساعة 6 مساء بالقرآن الكريم ثم بالرسوم المتحركة، وأرامكو الساعة 4 عصرا.

ومن الملاحظ في تلفزيونات الخليج وأنا أتحدث عن فترة السبعينات وبداية الثمانينات أنها كانت تبدأ ببث برامج الرسوم المتحركة ثم تتنوع البرامج، وهي عادة كانت تلبي كل الأذواق، وفي فترة إرسال تعتبر قصيرة جدا آنذاك، مثل المصارعة الحرة، والأخبار، وندوة عن المرور، ومسلسل عربي، ومسلسل أجنبي، وبرنامج للأسرة وبرنامج علمي، ومباراة كرة قدم، واستعراض برامج المساء والسهرة، وأكثر ما كان يجذبنا المسلسلات الأجنبية التي كانت تعرضها قناة أرامكو، والمسلسلات الكويتية التي كان يعرضها تلفزيون الكويت مثل “ابن الحطاب”، “الحدباء”، و “شحفان القطو” الذي كان يعرض على تلفزيون الإمارات.

أما نشرات الأخبار فكان لها وقع خاص ليس عند الشباب وإنما عند الكبار، فالكل يترقب ماذا في جعبة التلفزيون هذا المساء من أخبار بما فيها حالات الطقس، والتي كانت تقدم بطريقة متواضعة في ذلك الوقت، مجرد خريطة ملصقة على الجدار ويقف المذيع أمامها بعصا صغيرة ويؤشر على المناطق والمدن. ومن الثوابت في كل الأستوديوهات وجود مزهرية ومنظر طبيعي وراء المذيع، باستثناء نشرات الأخبار. ولعل أبرز برنامج ديني عرفناه هو “على مائدة الإفطار”، الذي كان يقدمه الشيخ علي الطنطاوي (رحمه الله)، وبرنامج المسابقات الألماني “تيلي ماتش”، والمسلسل البدوي “وضحى وبن عجلان”، وأيضا المسلسل الخالد “رأس غليص”.

وكما ذكرت، لكل جيل برامجه وذوقه، فجيل اليوم يختلف تماما عن جيلنا، ففي ذلك الزمن الرائع لم يكن هناك شيء اسمه “ستلايت” أو فضائيات، إنما تلفزيون صغير و “أريل” من معدن مثبت فوق السطح، وإذا هبت نسمة هواء “تشوش الجو واختربت السهرة”.