+A
A-

دبلوماسية الأمير خليفة بن سلمان... سجل حافل بالإنجازات رسّخ مواقف البحرين الخارجية

تنويع أطر العلاقات مع الخليج ومختلف الدول في العالم

مشاركة فاعلة في العديد من التحالفات للتصدي للإرهاب

سموه اكتسب بفضل رؤيته احترام المجتمع الدولي

 

سجلت الدبلوماسية البحرينية منذ نشأتها الأولى قبل 50 عامًا، انطلاقة قوية، واستطاعت أن ترسم لنفسها خطًّا واضحًا ورؤية متكاملة في الانفتاح على العالم بما يحقق مصالح الوطن العليا في عالم أصبحت فيه العلاقات بين الدول أكثر تشابكًا وتعقيدًا، وبات للتكتلات بمختلف أشكالها السياسية والاقتصادية أهمية كبرى في تحديد وصياغة مستقبل البشرية.

وخلال هذه السنوات قامت الحكومة برئاسة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، بالعديد من الخطوات التي عزّزت من حضور مملكة البحرين دوليًّا من خلال تبني سياسة خارجية تتسم بالتوازن والعقلانية، وارتكزت على العديد من المبادئ الحضارية التي تحث على الاحترام المتبادل وبناء صروح التعاون على قاعدة تحقيق المصالح المشتركة، وهو الأمر الذي أسهم في الارتقاء بمكانة المملكة وجعل منها عنصرًا فاعلاً ومؤثرًا في مختلف الدوائر الإقليمية والدولية.

وجاءت مواقف الدبلوماسية البحرينية في بدايتها الأولى لتؤكد أمام العالم عروبة البحرين واستقلالها وسيادتها في مواجهة الأطماع الإيرانية، ولترسخ حقيقة أن شعب البحرين لا يقبل أي بديل عن عروبته، إذ سجل صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، موقفا تاريخيا في وجه المطامع الإيرانية في البحرين، والتي شكلت أبرز وأخطر التحديات التي واجهت البحرين في العصر الحديث، إذ تحلت قيادة سموه للأزمة بالصلابة والقدرة والحكمة، وانتهت باعتراف العالم بأسره بحقوق البحرين وسيادتها واستقلالها وعروبتها.

وخلدّ التاريخ لسموه ما جرى خلال مباحثات جنيف بين البحرين وإيران في العام 1968، إذ كان رد سموه حازمًا على الوفد الإيراني بأن “البحرين قد تكون صغيرة المساحة، إلا أننا سوف ندافع عنها بكل ما نملك من قوة وإيمان وعزيمة، وحتى آخر قطرة من دمائنا، ولن ينزل جندي أجنبي إلا ليجدها نارًا مشتعلة”.

ومع مرور الوقت اكتسبت الدبلوماسية البحرينية بمواقفها الحاسمة تقدير احترام وثقة دول العالم أجمع، بمواقفها المتوازنة، ويدها الممدودة بالسلام والتعاون، وفق مبادئ التعاون والدولي والاحترام المتبادل، واستطاعت البحرين بقيادة عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ودعم رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان ال خليفة، وولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، أن ترسخ لنفسها مكانة متميزة في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، لتنطلق بعدها الدبلوماسية البحرينية إلى آفاق أوسع من النجاح، انطلاقًا من قاعدة مهمة هي الإيمان التام بأهمية تعزيز العلاقات مع جميع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية بالشكل الذي يخدم المصالح الوطنية في المقام الأول.

وخلال مسيرة الدبلوماسية الحافلة حرصت البحرين على تنويع أطر العلاقات مع الدول الخليجية الشقيقة، حيث اهتمت الحكومة وبتوجيهات من صاحب الجلالة الملك بتعزيز هذه العلاقات إدراكًا بحتمية المصير بين شعوب الدول الخليجية وأن عنصر قوتها يكمن في تقاربها.

وتعد زيارات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الرسمية أو الأخوية إلى دول مجلس التعاون وما تشهده من مباحثات ولقاءات خير برهان على ما تحظى به مملكة البحرين من محبة ومكانة واسعة والتقدير الكبير الذي تحمله لها هذه الدول، وقد لعبت زيارات ولقاءات سموه على الصعيد الخليجي دورًا مؤثرًا في تعزيز العلاقات بين البحرين ودول مجلس التعاون في مختلف المجالات.

من جانب آخر، فإن الدائرة العربية احتلت أيضًا مكانة مهمة في تحركات الدبلوماسية البحرينية، إذ عملت الحكومة على تعزيز التعاون مع مختلف الدول العربية الشقيقة، ضمن رؤية تدعم التضامن والتكامل العربي في مواجهة التحديات الراهنة وتوطيد عرى التعاون والتنسيق مع هذه الدول بما يلبي المصالح المشتركة، إلى جانب مساندة القضايا العربية العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وحظيت العلاقات مع جامعة الدول العربية بمكانة كبيرة في سياسة الحكومة، إيمانًا بالدور المحوري للجامعة العربية في تنمية العمل العربي المشترك وما تمثله من مظلة جامعة للشعوب العربية ومصدرًا لقوتها ووحدتها في ظل عالم بات لا يتعرف إلا بلغة التكتلات القوية، ولذلك فإن سمو رئيس الوزراء يؤكد دائمًا على أهمية الحفاظ على الجامعة “بيت العرب” وتقوية أركانها لتكون حائط صد منيع لحماية الدول العربية من كل المخططات التي تستهدف النيل منها.

وتقديرًا لهذه الرؤية الحكيمة و جهود سموه في تعزيز العمل العربي المشترك منحت الجامعة العربية سموه “درع الريادة في العمل التنموي” في احتفالية كبيرة في أبريل 2017 بمقر الجامعة بالقاهرة، كأول قائد عربي ينال هذا التكريم، وهو الدرع الذي يعد تكريمًا لمملكة البحرين لدورها الرائد وجهود قيادتها في العمل التنموي ودعم العمل العربي المشترك.

وكان للعلاقات مع الدول الإسلامية نصيب وافر من الاهتمام من قبل الحكومة، حيث عملت على تعزيز دور مملكة البحرين داخل منظمة التعاون الإسلامي، ودعم التعاون مع الدول الإسلامية في شتى المجالات ومساندة القضايا الإسلامية في مختلف المحافل.

وعلى صعيد آخر، حرصت الدبلوماسية البحرينية على توطيد علاقات التعاون بين مملكة البحرين ومختلف الدول الآسيوية والأفريقية والأوروبية والأميركية انطلاقا من رؤية شاملة تنبثق من التأكيد على الاحترام المتبادل والتفاهم والسعي من أجل تحقيق المصالح المشتركة لاسيما الاقتصادية منها، وعلى مدار العام يلتقي صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بكبار المسئولين وسفراء هذه الدول ويتباحث معهم عن أفضل السبل لتعزيز العلاقات الثنائية وفتح آفاق جديدة للتعاون من شأنها أن تعود بالنفع على شعب البحرين.

وتشكل زيارات سموه العديدة لدول القارة الآسيوية ومنها تايلند والفلبين وسريلانكا والهند وماليزيا والصين وسنغافورة وغيرها، آلية مهمة تعتمد عليها سياسة مملكة البحرين الخارجية، والتي في إطار حرص الحكومة على أن تصب نتائج هذه الزيارات في كل ما يخدم المصالح السياسية والاقتصادية لمملكة البحرين وجذب المزيد من الاستثمارات التي تدعم الاقتصاد الوطني وتوفر العديد من فرص العمل للمواطنين، إلى جانب الاهتمام بمد جسور التعاون بين البحرين ومجموعة رابطة “الآسيان” في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية، في ظل ما تشكله “الآسيان” من كتلة اقتصادية وسياسية مؤثرة في العالم ولها مكانتها الدولية.

واهتمت الحكومة أيضًا بتوطيد التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، إيمانًا بأهمية دورها في دفع جهود الدول نحو تحقيق التنمية المستدامة وإرساء الأمن والاستقرار الدوليين وتعزيز العلاقات بين الدول والشعوب واستطاعت البحرين من خلال ذلك أن تحتل مكانتها كشريك فاعل في جهود المجتمع الدولي في طرح الحلول والمعالجات لمختلف القضايا التي تهم العالم، فضلا عن أن المملكة تحتضن العديد من المقرات الإقليمية والمكاتب التابعة للأمم المتحدة وبرامجها.

وتبذل مملكة البحرين العديد من الجهود في مساعي المجتمع الدولي نحو مستقبل أكثر ازدهارًا لشعوب دول العالم، عبر المشاركة الفاعلة في العديد من التحالفات التي تهدف إلى لضمان الأمن الإقليمي والتصدي بحزم للتحديات والمخاطر التي تمس استقرار الدول لاسيما في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها خطر الإرهاب والتهديدات الأخرى الناجمة عن الكوارث الطبيعية والنزاعات والحروب والاتجار بالبشر وغيرها، ومن أبرز هذه التحالفات التي تشارك فيها مملكة البحرين بقوة التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، والتحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.

وفي سياق آخر، فقد اكتسب صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بفضل رؤيته وسعيه الدؤوب لتعزيز علاقات البحرين الخارجية احترام وتقدير المجتمع الدولي، بالإضافة إلى جهود سموه في نشر السلام وتعزيز جهود التنمية المستدامة، وهو ما تجسد في نيل سموه للعديد من الجوائز والأوسمة العالمية تقديرًا للإنجازات التنموية التي حققها سموه في الارتقاء بمستويات النهضة الحضارية في المملكة، والتي عززت بدورها من مكانة البحرين العالمية، ومن أبرزها جائزة الشرف للإنجاز المتميز في مجال التنمية الحضرية والإسكان للعام 2006 من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وميدالية ابن سينا الذهبية من منظمة اليونسكو 2009، وجائزة تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية لعام 2010، والجائزة الدولية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للتنمية المستدامة” من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2015 وجائزة السلام من الاتحاد الدولي للسلام وغيرها.

 

سموه حصد جوائز دولية تتويجًا لجهوده في الدعوة لإحلال السلام

ليس هذا فحسب، وإنما يحرص سموه بشكل دائم على مشاركة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في تسليط الضوء على مختلف القضايا التي تهم الإنسانية، من خلال الرسائل والكلمات التي يوجهها سموه في مختلف مناسبات الأمم المتحدة، مثل اليوم العالمي للسلام، ويوم الأمم المتحدة، واليوم العالمي لحقوق الإنسان، ويوم الموئل العالمي”، وغيرها من المناسبات العالمية الأخرى، إضافة إلى مبادرة سموه لتدشين جائزة تحمل اسم سموه “للتنمية المستدامة” والتي وضعت مملكة البحرين على خريطة الدول التي تولي اهتمامًا خاصًّا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أن سموه يدعو دائمًا إلى ضرورة تعزيز التعاون الدولي في كل ما من شأنه تحقيق أكبر قدر من السلام والاستقرار في المنطقة والعالم من أجل عالم تسوده المحبة والطمأنينة لتنعم بها كل دول وشعوب العالم.

ويشكّل الاحتفال بمرور خمسين عامًا على العمل الدبلوماسي، مناسبة للاحتفاء بجهود مملكة البحرين الدبلوماسية ورجالاتها، وما قدموه من خدمات جليلة لرفعة الوطن وتعزيز مكانته الإقليمية والدولية، كما أنها مناسبة لاستذكار جهود الرواد الأوائل الذين وضعوا الأسس واللبنات لصرح الدبلوماسية البحرينية وعلى رأسهم رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وسمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الذي قاد الدبلوماسية البحرينية لأكثر من ثلاثة عقود، حققت خلال الدبلوماسية البحرينية إنجازات متميزة في مختلف الميادين.

ويبقى القول، إن تاريخ الدبلوماسية البحرينية المديد زاخر بالعديد من المواقف المشرفة التي يسجلها التاريخ بأحرف من نور، وهي مواقف اتسمت بالعقلانية والشجاعة والإيمان بأهمية العمل الجماعي الدولي في حماية حاضر ومستقبل البشرية، والتأكيد على ضرورة احترام المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تشدد على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون الدول، وأن تكون العلاقات الدولية مبنية على قيم تدعم وح التسامح وقيم التعايش ومبادئ الحوار بين مختلف الدول والشعوب، فاستحقت البحرين بذلك أن تنال تقدير واحترام العالم أجمع.