+A
A-

عِش حاضرك فقط!

كثير منا من يعيش في قلق وتوتر مستمر، والسبب في ذلك إما أننا نعيش في الماضي أو في المستقبل مع نسيان حاضرنا. هناك كثير من الدراسات التي تربط بين الأمراض والوفاة وكثرة الضغوط النفسية والتوتر، كل هذا نتيجة للتفكير في الماضي أو المستقبل.

مهما كان الماضي قاسيًا بجراحاته وآلامه، لابد من تركه خلفنا والمضي قدمًا إلى الأمام.

قد يكون الماضي المؤلم عبارة عن فشل سابق، أخطاء مختلفة، رحيل شخص قريب أو حبيب، كل هذا يجب أن يمنحنا قوة دافعة في الحاضر من خلال التعلم والخبرة ومواجهة الصدمات.

علينا أن ندرك بداخلنا أنه لا “ينفع البكاء على اللبن المسكوب”، كما علينا أن نترك الحسرة والندم خلفنا، فهي لن تنفعنا بشيء، فالله يقدر ويفعل ما يشاء، و“لو” تفتح عمل الشيطان، كما جاء في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)، ما علينا فعله هو التوكل على الله في كل شيء والقيام بالأمور بأحسن طريقة ممكنة وترك الباقي على الله سبحانه وتعالى، ثم قلب صفحة الماضي إلى الحاضر، علينا أن نسامح أنفسنا عن أخطاء الماضي ونتذكر بأن الله هو الغفور الرحيم.

كثيرون أيضًا من يفكرون بالمستقبل، ماذا سيحدث بعد كم عام؟ ماذا سيحل بالدخل المادي والبيت والزواج والعائلة والمجتمع والدولة؟ التفكير كثيرًا بتلك الأمور يخلق نوعًا من الخوف والارتباك ويشتت الفرد عن حاضره، وعندما يتشتت الشخص الحاضر كيف سيبني المستقبل؟ لابد من رسم الأهداف قصيرة الأجل، لكن الأهداف طويلة الأجل تتغير حسب المعطيات والأحوال المقدرة بيد الله سبحانه وتعالى، نحن لا نقول أن نقود السفينة دون خارطة ولكن علينا ألا نُفكر كثيرًا بالمستقبل ونُصاب بهوسه، أي أن نكون معتدلين حتى بالتفكير في أحلامنا وأهدافنا المستقبلية.

بين الماضي والمستقبل هناك الحاضر، الحاضر ما نعيشه فعلًا، وهي كل ثانية مقبلة من أفق المستقبل لتمر بسرعة إلى نفق الماضي.

الحاضر هو الوقت الذي يمكننا أن ندركه ونستفيد منه فعلًا، فيجب ألا نتباكى على الماضي وألا نعيش في وهم المستقبل، علينا أن نعيش حاضرنا بجميع تفاصيله، التفاصيل الصغيرة هي ما تصنع الصور الجميلة، فلنعش الحاضر ونستمتع به، ولنقم بجميع الأمور التي ترضي الله لنعيش في سلام نفسي، نصلي الصلوات الخمس في وقتها ونقرأ القرآن، نساعد الناس ونهتم بهم، نتحدث إلى من نحبهم ونزورهم، نعمل في وظيفة أو مشروع لدينا شغف فيه، نقوم بأمور محللة لم نقم بها من قبل، ونفعل الأنشطة التي نحبها من قلبنا فعلًا، لنفتح قلبنا ونبحث عن أنفسنا في حاضرنا ونوصد الباب على ماضينا ونغلق النوافذ على مستقبلنا.