+A
A-

للراغبين بالتقاعد: “احسبوها صح لا تستعجلون”

وضعت ندوة بعنوان :”التقاعد الاختياري لموظفي الحكومة.. فرصة أم فخ؟” بعض النقاط على الحروف فيما يتعلق بالجوانب المبهمة أو التي لم يفهمها الكثير من الناس تجاه العرض الحكومي المفاجئ للتقاعد الاختياري، غير أن جوانب أخرى تبدو في حاجة إلى التريث من جانب موظفي الحكومة الراغبين لأن (يحسبوها صح ولا يستعجلون)، فيما يلزم على الدولة ممثلة في وزارة المالية، الهيئة العامة للتقاعد وديوان الخدمة المدنية تكثيف التوعية الإعلامية لتعريف الناس بشكل كاف بهذا النظام.

فكرة العرض

وتحدث في الندوة التي استضافها مجلس المحامي يوسف زينل الأسبوعي رئيس جمعية الحكمة للمتقاعدين الدكتور سعيد السماك، وبمشاركة فرعية كمداخلات لكل من الباحث الاقتصادي عبدالحميد عبدالغفار وعضو مجلس إدارة التأمينات الاجتماعية (سابقًا) والمحاضر بالجامعة الأميركية في الإمارات حسن الماضي.

وبدأت بتساؤل وجّهه السماك للحضور : “أسأل موظفي الحكومة الموجودين في المجلس.. من يفكّر في الاستفادة من عرض التقاعد الاختياري؟”، ومع قلة عدد من رفعوا يدهم، واصل السماك القول أن الكثير من الناس يرون أنها فرصة متاحة وبالتالي سيكون العرض مناسبًا لهم، ما يدفعنا لأن نستبعد كلمة (فخ)، أما كون العرض فرصة فهو فرصة بالفعل، إلا أن السؤال هو كيف جاءت فكرة العرض وخرجت بشكل مفاجئ؟

وتناول السماك في حديثه المخاض العسير الذي تزامن مع قانون المقترح قبل أشهر لرفع سن التقاعد والنقاشات التي دارت حوله إلى حين صدور التوجيهات الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى بإعادة بحث القانون، علاوة على الحديث منذ سنين عن العجز الاكتواري للتأمينات، فنظام التقاعد الاختياري يدل على أن ذلك العجز كان (وهميًّا)! ذاكرًا بأنه أحد الذين لا يشجعون على التقاعد المبكر من أجل المحافظة على قوى العمل الوطنية من جهة، ومنح المواطن الفرصة لإدارة المؤسسات، فحتى عرض التقاعد الاختياري الجديد فيه تمييز إذ لم يشمل موظفي القطاع الخاص وكأنهم (سكند كلاس.. درجة ثانية)، رغم ضغط العمل في القطاع الخاص وانخفاض مستوى أجوره والملاحقة اليومية الشديدة للموظفين أضعاف ما يشهده الموظف في القطاع الحكومي.

معلومات إيجابية

قال السماك: ”أبسط موظف يتساءل.. أليس في هذا العرض خدعة؟” فالكثيرون متخوفون، لكن من الضرورة بمكان أن تضخ الحكومة معلومات إيجابية كافية عن التقاعد الاختياري من خلال وسائل الإعلام، فيلزم على وزارة المالية وديوان الخدمة المدنية وهيئة التأمين الاجتماعي توفير المعلومات للناس، فكما أعلن فإن قرابة 6 آلاف شخص تقدموا بطلباتهم في الأسبوع الأول من التقديم للتقاعد الاختياري وقد يرتفع العدد كما هو متوقع إلى 20 ألفًا ممن تنطبق عليهم الشروط لمرحلة رئيس قسم ولا يشمل المديرين والوظائف الإدارية العليا، كما أن هذا التقاعد مشروط بغربلة الطلبات من جانب ديوان الخدمة المدنية والإدارات المعنية لا سيما في شأن إلغاء الوظيفة. وأعاد السماك التأكيد على أن العرض فرصة لمن خدم لمدة عشر سنوات في الحكومة، إلا أنه من المهم (عدم التهور) فهذه حسبة معيشية والمشروع مجز لمن سيحصل على معاش تقاعدي بنسبة 60 % أو أكثر لكن عليه أن (يحسبها صح)، مؤكدًا أهمية القرارات التي تعيد القوة لهيئة التأمين الاجتماعي والحد من الخسارة، ومنها على سبيل المثال، إيقاف تقاعد النواب في الدورات القادمة، فقد كلف تقاعد النواب الدولة قرابة 100 مليون دينار وهذا وضع غير دستوري فالنائب تطوع لخدمة الوطن.

 

25 سنة

تطرّق عضو مجلس إدارة التأمينات الاجتماعية (سابقً) والمحاضر بالجامعة الأميركية في الإمارات الدكتور حسن الماضي إلى ضرورة التفريق بين التقاعد المبكر، وبين النظام الجديد وهو تقاعد اختياري وفق قانون الخدمة المدنية الذي له الصلاحية في تطبيق قوانينه على موظفي الحكومة وإلغاء بعض الوظائف، وهو يختلف عن قانون موظفي القطاع الخاص الذي لا يتيح إلغاء الوظيفة.

كما أن طلبات المتقدمين من موظفي الدولة لن تقبل إذا لم تكن وظيفته قابلة للإلغاء، وعدد بعض الفئات التي يمكن أن تستفيد من هذه الفرصة وهم الموظفون الذين خدموا لمدة 25 سنة حيث سيتسلمون رواتب 35 سنة وسيكون لهم راتبًا تقاعديًّا بمعدل 70 % من راتبهم، أما من خدموا لمدد تتراوح بين 10 إلى 20 سنة فهؤلاء عليهم أن يدققوا في (حسبتهم) جيدًا.

 

تخوف من الاتجاه نحو الخصخصة

حدد الخبير الاقتصادي عبدالحميد عبدالغفار سبب تخوف الناس وأرجعه إلى شح المعلومات والغموض في آلية تطبيق النظام الجديد، كما أنه من الخطأ أن تعتبر الدولة جهاز التأمينات كأداة تتصرف في خزينته وتوظفه كحل لإشكالية مالية، والخطأ الثاني هو توظيف التأمينات كأداة أساسية لحل إشكالية في سوق العمل، فحين يتم إلغاء وظائف حكومية وتقليصها فهذا سيعزّز الاتجاه نحو الخصخصة وهذا أمر خطير، وشبّه عبدالغفار الوضع بصندوق كان يستثمر بنسبة 50 % من موجوداته، وهو في الأساس يعاني من العجز، فكيف سيتم تقليص موجوداته إلى نسبة 30 %؟

ومع تعدد مداخلات الحضور، إلا أن غالبها كان يدور حول معلومات وتساؤلات تلزم توفير معلومات وتوضيح وشرح من جانب الدولة، بحيث يتسنى للموظفين الراغبين في الاستفادة من (الفرصة) وليس (الفخ) اتخاذ قرارهم (بحسبة صح).