+A
A-

ناصر بن محمد: المنافسة تتحكم بسوق “الاتصالات”

كشف القائم بأعمال المدير العام لهيئة تنظيم الاتصالات الشيخ ناصر بن محمد آل خليفة أنه وفي إطار عملية الفصل الوظيفي لـ “بتلكو” سيتم إتاحة شبكة الألياف الضوئية لجميع المشغلين في البحرين؛ من أجل ربط أبراج الاتصالات، كما سيتاح لشركات الاتصالات الأخرى طرح خدمة الإنترنت عبر الألياف الضوئية للمنازل والمؤسسات.

وتوقع الشيخ ناصر أن يتم طرح هاتين الخدمتين من “بتلكو” لقطاع الجملة للشركات خلال الشهرين المقبلين، مما يسهم في تعزيز شبكات الهاتف النقال والاستعداد لتقديم خدمات الجيل الخامس مستقبلًا، وتمكين الشركات من رفع كفاءة شبكتها اللاسلكية عبر ربطها بالألياف البصرية، كما سينعكس على مستوى أسعار وجودة خدمات الاتصالات المقدمة للمستخدم النهائي.

وأكد الشيخ ناصر لـ “البلاد” أن عملية الفصل الوظيفي لشركة “بتلكو” بين قطاع الجملة وقطاع التجزئة تسير بحسب الخطة الوطنية الرابعة للاتصالات، وأن هذه العملية تهدف إلى تعزيز التنافسية وتطوير خدمات الاتصالات في السوق.

وفيما يتعلق بخدمات الهاتف المتنقل، بين الشيخ ناصر أن الهيئة انتهت من إعداد دراسة شاملة لوضع سوق النقال في المملكة؛ من أجل الوقوف على مدى استعدادية البيئة الاستثمارية والقانونية لتمكين شركات الاتصالات من تطوير خدماتها والاستثمار في التقنيات الحديثة مثل الجيل الخامس لخدمات الهاتف النقال و “انترنت الأشياء” والمدن الذكية؛ تماشيا مع خطة البحرين لتكون مركزا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وتم وضع التوصيات التي من شأنها تشجيع المنافسة واستمرارها مع ضمان مواصلة الاستثمار في هذا القطاع.

وقال الشيخ ناصر إنه إذا طرأ أي تغير جذري في هيكلة سوق الهاتف النقال على سبيل المثال من خلال الاندماج أو أي تطورات أخرى من شأنها التأثير على المنافسة في القطاع، فإن جميع الخيارات للتعامل مع تلك التطورات ستكون مطروحة؛ للحفاظ على المنافسة الفعالة ومصالح المستخدمين، والتي قد يكون بينها طرح رخصة لمشغل جديد لخدمات الاتصالات المتنقلة.

وبخصوص وجود تشابه كبير بين الباقات التي تطرحها شركات الهاتف المتنقل، وعن وجود اتهامات من قبل البعض بوجود نوع من الاتفاق بين هذه الشركات على توحيد الأسعار، أوضح الشيخ ناصر أن التواطؤ يعتبر من الممارسات غير التنافسية التي تخالف قوانين الاتصالات في المملكة، وأن الهيئة تقوم باستمرار بمراقبة السوق من حيث الأسعار وجودة الخدمة واتخاذ الإجراءات اللازمة عند ثبوت أي ممارسة تؤثر على المنافسة ومصالح المشتركين.

وفيما يلي نص اللقاء مع الشيخ ناصر:

 

- الحديث حاليًا منصب على ثاني أهم خطوة بعد تحرير قطاع الاتصالات، ألا وهي فتح الشبكة الأرضية والألياف البصرية للمنافسة، عقب الفصل الوظيفي لشركة “بتلكو”، أين وصلت هذه العملية وما أهميتها للقطاع ؟

- تهدف عملية الفصل إلى تحقيق سياسة الحكومة المتمثلة في الخطة الوطنية الرابعة للاتصالات وتحديدًا إنشاء شبكة اتصالات للألياف البصرية والتي بدورها ستدعم إقامة الشبكة الوطنية للنطاق العريض.

كما تهدف إلى تحسين جودة الخدمات وخفض الأسعار وتشجيع التقدم التكنولوجي المبتكر، عبر تحفيز المنافسة بين المزودين في تقديم خدمات التجزئة اعتمادا على الشبكة الواحدة وبصورة عادلة.

قطعنا شوطا كبيرا في مشروع فصل “بتلكو” إلى شركتين، واحدة لتقديم خدمات الجملة والأخرى لتقديم خدمات التجزئة، وتم عرض الخطة الكاملة وتم طرح المتطلبات التي ستلتزم بها “بتلكو”.

وفي الوقت نفسه، تعمل الهيئة بالتعاون مع “بتلكو” على تلبية احتياجات المرحلة الانتقالية عبر توفير خدمات الجملة للشركات المرخصة الأخرى، والتي تشمل خدمات الألياف الضوئية للأفراد والشركات، أو ما يطلق عليه Bit stream over fiber، والتي ستتيح لشركات الاتصالات الأخرى (إلى جانب بتلكو) تقديم خدمات الألياف الضوئية للمستخدمين، عبر اتفاقات بين الشركات و “بتلكو” طبقا لمعايير دولية، وهذا يعني أن أي شركة اتصالات في البحرين ستستطيع تقديم خدمة الألياف الضوئية لقطاع التجزئة، إلى جانب الربط بين أبراج الاتصالات للشركات الأخرى غير “بتلكو”، وذلك عبر خدمات شركة “بتلكو” لقطاع الجملة.

ونتوقع أن يتم طرح هاتين الخدمتين في السوق قريبًا، ربما خلال شهرين من الآن، وسيكون للمستهلك خيارات أخرى غير “بتلكو” للحصول على خدمات “الفايبر”.

كما نعتقد أن هذه الخطوات سترفع من مستوى الخدمة المقدمة، وتمكين الشركات من تقديم خدمات عالية الجودة بأسعار تنافسية.

واليوم نرى أن الاستخدام الأساس للاتصالات هي “البيانات”، والتقارير التي نشرناها تظهر أن قطاع البيانات تعدى قطاع المكالمات الصوتية بكثير.

من جانب آخر ولتكون شركات الاتصالات مستعدة للجيل الخامس، فإن عليها ربط الأبراج عبر الألياف الضوئية؛ لكي تتمكن هذه الأبراج من تحمل متطلبات هذه التقنية من حيث السرعات العالية ومستوى الضغط على الخدمة، ونحن نعمل على إعداد هذا الجانب من الآن.

وبحسب الخطة، فإن الهدف هو أن يتم تقديم خدمات إنترنت بسرعة تنزيل بيانات لا تقل عن 100 ميجابت للمنازل و1 جيجابت للمؤسسات التجارية وأبراج الاتصالات الراديوية.

كما نريد التأكد من أن الخدمة التي ستقدمها “بتلكو” لخدمات الجملة بالمستوى الذي تطلبه شركات الاتصالات.

- لكن هل من حق “بتلكو” منع أي شركة منافسة من استخدام شبكة الألياف الضوئية الخاصة بها؟

- بحسب التعديلات في قانون الاتصالات، فإن من حق أي شركة الاستفادة من شبكة الألياف الضوئية التي تشغلها شركة “بتلكو” لقطاع الجملة.

ومن أهم شروط عملية الفصل ألا يكون هناك تمييز في المعاملة بين الشركات وأن تكون هناك معاملة متساوية في الحصول على خدمات البنية التحتية للألياف الضوئية.

 

- متى تتوقعون اكتمال عملية الفصل الوظيفي لـ “بتلكو”؟

- نأمل أن يتم إنجاز العملية بحسب الخطة المعدة خلال شهر مايو المقبل، لكن يجب التنبيه إلى أن عملية الفصل يجب ألا تتم بطريقة تضر بقطاع الاتصالات وشركة “بتلكو”، وأن تكون هناك مرونة تصب في مصلحة جميع الأطراف المعنية في القطاع. لو تحدثنا عن فصل الشركة قانونا، فنحن نتحدث عن أنظمة وبنية تحتية، وعملية النقل تتطلب جهودًا كبيرة والتأكد من مطابقة الانتقال للنظام المطلوب، بما يحقق الأهداف المرجوة من هذا المشروع.

 

- يقال إن هناك خططا لطرح “بتلكو للجملة” للمساهمة من قبل الشركات الأخرى، هل هناك أي إلزام من قبل “الهيئة” بهذا الخصوص؟

- في الخطة الوطنية الرابعة للاتصالات، ورد أنه من الممكن أن تكون هناك مساهمات من قبل مستثمرين راغبين بما في ذلك الشركات المرخصة الأخرى، في إطار المبادئ التوجيهية التي ستضعها الجهات المعنية.  كما ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن “بتلكو” هي شركة مساهمة عامة وبالتالي يجب مراعاة حقوق المستثمرين وأصحاب الأسهم وقرارات مجلس إدارة شركة “بتلكو” عند اتخاذ أي قرار في هذا الصدد.

 

- أشرت قبل قليل إلى موضوع البنية التحتية وأنها تعتبر جزءا كبيرا من تكاليف الشركات، هل تقر أن الاستثمارات في هذا القطاع قد لا تكون كبيرة وهذا انعكس في تذمر البعض من جودة الاتصالات والسرعات المقدمة للزبائن؟

- تقوم الهيئة باستمرار بقياس السرعات والجودة ومراقبتها وهناك مقاييس علمية لمعرفة ذلك، والهيئة تقوم بنشر الأرقام التي تظهر تطورا ملحوظا في السرعات وجودة الخدمة.

وللإنصاف يجب أن نتفهم بعض الأمور التقنية، خصوصًا فيما يتعلق بالضغط في بعض الأحيان على الشبكة أو على بعض المواقع في الشبكات اللاسلكية، مثلًا لا يمكن أن تقارن برج اتصالات يقدم خدمته لـ 20 ألف مستخدم وبرج آخر يخدم ألف مستخدم فقط.

وخدمة الاتصالات السلكية لا تتعلق ببرج فقط، بل هي منظومة متكاملة تشمل الأجهزة والألياف البصرية والسعات المتاحة عبر الكابلات الدولية. والهيئة تعد حاليًا لتطوير القطاع كمنظومة متكاملة وليس فيما يتعلق بالأبراج أو الألياف البصرية فقط.

وبخصوص السرعات، فإن تقديم خدمة في منطقة ما قد يكون فيها شريحة قليلة من الزبائن، يتطلب استثمارات كبيرة لتركيب الأبراج، لكن مع التقنيات الحديثة ومع وجود الألياف البصرية التي ستتاح لجميع الشركات، ستتمكن شركات الاتصالات من تقديم الخدمة عبر جهاز صغير (Small cell) يشبه “الراوتر” يتم تركيبه على المباني ويقدم الخدمة بأقل كلفة ويخفف الضغط على الشبكة.

 

- كما ذكرت أن التقنية الحديثة وفتح الألياف البصرية ستعطي خيارات أوسع للشركات لتطوير الخدمة، لكن ماذا يمكن للهيئة تقديمه للشركات لمنحها قدرة أكبر للاستثمار خصوصًا مع التغيير في مستوى ربحيتها في السنوات الماضية، سواء من ناحية الرسوم أو التكاليف الأخرى؟

- تحرص الهيئة على أن تكون رسوم التراخيص والتكاليف الأخرى في مستوى يحقق التوازن بين الحفاظ على المنافسة الفعالة من جهة وقدرة الشركات على تحقيق عوائد على الاستثمار بما يضمن مواصلة الاستثمار في القطاع من جهة أخرى.

وفيما يتعلق برسوم التراخيص ينبغي علينا مقارنة أنفسنا بالدول المجاورة ودول العالم، إذ يجب أن تكون الرسوم تتناسب مع قيمة الخدمات وحجم الاستثمارات من قبل الشركات في القطاع، ولا يمكن منح تراخيص بأسعار منخفضة ولا أن تكون بأسعار عالية لدرجة يتحمل عبئها المشترك.

قانون الاتصالات يعطي الحق في فرض رسوم تبلغ 1 % من إيرادات شركات الاتصالات، وتم خفضها في مرحلة ما إلى 0.8 % كنوع من المساعدة للشركات، ثم تم إرجاعها إلى مستوى 1 %.

وليست هناك رسوم عشوائية من قبل الهيئة، كما تصلنا تقارير إيرادات الشركات، إذ إن الرسوم كلها مبنية على دراسات، والاطلاع على تجارب دولية، مع الأخذ في الاعتبار قياس الأعباء على الشركات وعدد السكان والمنافسة والمصروفات وغيرها؛ للتوصل إلى رقم عملي، ودائما ما نقوم بدراسات ومراجعة للسوق والخدمات.

 

- يرى البعض أن شركات الاتصالات قامت بتوحيد الأسعار، ربما بعد أن وصلت باقات النقال إلى أسعار متدنية جدًا قد تضر بالوضع المالي للشركات، ألا يشير ذلك إلى وجود نوع من التواطؤ بين الشركات على تحديد الأسعار؟

- طبعا الاتفاق على الأسعار يعتبر فعلا غير تنافسي مخالفا للقانون، ولابد من أن تتوفر براهين وأدلة على ذلك. والهيئة تراقب بشكل مستمر ما يجري في السوق والتغييرات في الأسعار.

 

- هل ستكون هناك دراسة بخصوص سوق خدمات النقال؟

- ستتضمن أي دراسة مستقبلية جميع الجوانب المتعلقة بالمنافسة في سوق الاتصالات المتنقلة وستخرج هذه الدراسة بالتوصيات اللازمة لحماية وتشجيع المنافسة والتي من الممكن أن تتضمن الترخيص لمشغل جديد إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وكما لاحظ الجميع، فإن القرارات التي اتخذتها الهيئة بناءً على الدراسات السابقة لوضع السوق أثرت بشكل إيجابي وكبير على تحفيز المنافسة وحماية مصالح المستخدمين.

وقبل أن تدخل شركة الاتصالات الثالثة إلى السوق، لم تكن هناك منافسة فعالة، ولكن مع دخولها أصبحت هناك طفرة وتغيرت الأسعار بشكل ملحوظ، إذ عشنا الوقت الذي كان في السابق يصعب أن يكون مبلغ الفاتورة الاعتيادية أقل من 20 دينارا، لكن الوضع تغير الآن ومتوسط مبلغ الفواتير يصل إلى 8 دنانير فقط.

 

- بدأت الهيئة بتصحيح وضع الأبراج المخالفة، متى تتوقعون الانتهاء من هذه العملية؟

قمنا بمخاطبة الشركات بأن المدة لتصحيح الأوضاع هي 15 عامًا والبعض قد يراها فترة طويلة، لكن معظم الأبراج التي توجد في مناطق سكنية وتجارية سيتم تصحيحها في غضون 5 سنوات. والهدف من هذه المدة هو عدم وضع عبء على شركات الاتصالات يتحمله في النهاية المستهلك.