+A
A-

براءة متهم بتزوير جواز سفر لصالح عربي لقصور بالأدلة

برأت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى متهما معارضا لحكم إدانته في وقت سابق بالسجن 3 سنوات، بعد اتهامه وآخر نال ذات العقوبة المذكورة و3 آخرين بالحبس لمدة 4 أشهر، بتهمة تزوير جواز سفر بحريني مقابل حصول أحد المتهمين على مبلغ 80 ألف دينار، مدعيا لطالب الجواز -الجنسية- صحة صدوره من الجهات المختصة.

وكانت المحكمة حكمت في وقت سابق بسجن المتهم الأول والثاني -المعارض- لمدة 3 سنوات وبمعاقبة الثالث والرابع والخامس من إحدى الجنسيات العربية لمدة 4 أشهر عما أسند إليهم من اتهامات، كما أمرت بمصادرة صورة المحرر المزور المضبوطة.

وكانت النيابة العامة وجهت للمتهمين الخمسة أنهم في غضون العام 2017، ارتكبوا الآتي:

أولا: المتهمان الأول والثاني:

1. اشتركا مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير محرر رسمي، وهو جواز سفر بحريني بأن قدما للمجهول له أصل جواز سفر بحريني منتهي الصلاحية وصورة وبيانات خاصة بالمتهم الثالث، فقام بتزويره بأن عدل بياناته بحذف وإضافة البيانات والصورة ونسب الجواز للمتهم الثالث، فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.

2. استعملا المحرر المزور موضوع التهمة بالبند أولا /‏ 1 مع علمهما بتزويره.

ثانيا: المتهم الأول: طلب لنفسه المبالغ المالية المبينة القدر والوصف بالأوراق بزعم أنها رشوة لموظف يستطيع استخراج جنسية وجواز سفر بحرينيين بمخالفة النظام، وكان ينوي من ذلك الاحتفاظ بالمبلغ المالي لنفسه.

ثالثا: المتهمون من الثالث وحتى الخامس: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب التهمة موضوع البند ثانيا، فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.

وجاء بحكم المحكمة أن الواقعة تتحصل في أن المتهم الأول وحال جلوسه برفقة صديق له بأحد المقاهي أخبره الأخير عن رغبة أحد الأشخاص في الحصول على جواز سفر بحريني ولديه استعداد لدفع مبلغ 100 ألف دينار، فأبدى استعداده للقيام بهذا العمل.

وعلى إثر ذلك التقى المتهمان الرابع والخامس بمكتب الرابع وتفاوض مع الخامس على الحصول على مبلغ 80 ألف دينار؛ نظير استخراج ذلك الجواز، يدفع نصفه مقدما والنصف الآخر عقب تسليمه الجواز، وأبلغه أنه سيعطي مبلغ 40 ألف دينار لشخص لديه المقدرة على إنهاء الإجراءات الرسمية، ومن ثم فهما يعلمان بأن الإجراءات ستكون بالمخالفة للقانون.

كما أوضحت أن المتهم الخامس أبلغ الأول أنهم حاولوا من قبل مع أشخاص آخرين، لكنهم اختلفوا معهم لكونهم طلبوا دفع المبلغ مقدما، وبعد مرور 3 أيام التقى المتهم الثالث ومعه المتهم الخامس واتفقا على استخراج الجواز بالمبلغ سالف البيان، وأبلغه الثالث أنه في حال استخرج له الجواز الخاص به، فإنه سيجلب له 3 أشخاص آخرين يرغبون في الحصول على جوازات السفر البحرينية مقابل 100 ألف دينار للشخص الواحد.

وأفاد الثالث للأول أن جميع الإجراءات سيتولاها المتهم الخامس نيابة عنه، وبعدها التقى المتهم الأول بالثاني -المعارض- وأخبره بالأمر، وأثناء عودتهما من إحدى الدول قال له الثاني أنه توصل إلى شخص في تلك الدولة يستطيع عمل الجواز الذي يبتغيه، وطلب منه جواز سفر بحريني، فأعطاه جواز سفر نجله المنتهي الصلاحية وبيانات المتهم الثالث الذي حصل عليها من المتهم الخامس.

ولفتت إلى أن المتهمين الأول التقى بالثاني في مطار دولة خليجية وسلمه الجواز المزور، ولدى وصول الأول إلى مملكة البحرين التقى بالمتهمين الرابع والخامس وعرض عليهما الجواز المزور وطلب المبلغ المتفق عليه، فأخبره المتهم الخامس أن المتهم الثالث سيدفع له المبلغ، فقام بحرق الجواز وأبلغهم أن الاتفاق لاغٍ.

لكن وبعد مرور فترة من الزمن تواصل المتهم الخامس مع الأول مجددا وطلب منه استكمال الإجراءات، فطلب منه الأخير دفع مبلغ 20 ألف دينار، وبعد التفاوض وافق المتهم الثالث على إعطائه مبلغ 10 آلاف دينار عن طريق المتهم الخامس، والذي تواصل معه هاتفيا وتم الاتفاق على أن يتم توثيق المبلغ كمديونية لصالح المتهم الرابع لرغبة المتهم الثالث في تجنب ذكر اسمه في المعاملة.

وأضافت أن الأول التقى المتهمين الرابع والخامس وسلماه المبلغ وحرر سند المديونية بمكتب التوثيق باسم المتهم الرابع، وظل المتهم الخامس يطالبه بالجواز وهو يماطله، حتى وردت معلومات إلى نقيب بإدارة المباحث والتحقيقات الجنائية من أحد مصادره السرية، مفادها وجود جواز سفر مزور، كما قدم له نسخة من ذلك الجواز ونسخة من سند المديونية بين أطراف متعلقة بذلك الجواز، ومن ثم قام باستخراج البيانات المنسوبة إلى الجواز المزور وقام باستدعاء المتهمين الأول والثالث واعترف له الأول بارتكابه الواقعة بمساعدة من المتهم المعارض.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة حضوريا لجميع المتهمين عدا الثاني، بمعاقبة الأول والثاني بالسجن لمدة 3 سنوات ومصادرة صورة المحرر المزور، وبمعاقبة كل من المتهمين الباقين بالحبس لمدة 4 أشهر عما أسند إليهم.

إلا أن المتهم الثاني لم يقبل بهذا الحكم وطعن عليه بالمعارضة؛ كون الحكم صدر غيابيا بحقه، فقضت المحكمة بقبول معارضته شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه والقضاء مجددا ببراءة المعارض مما نسب إليه.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه لما كان الثابت بعد تمحيص واقعة الدعوى والإحاطة بظروفها وأدلة الإثبات فيها، والتي قام الاتهام على أساسها، فقد ساورها الشك في ذلك، إذ إن الدليل الوحيد في الأوراق قِبَلَ المعارض قام على اعتراف المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة في حقه دون أي دليل آخر يشد من أزره.

ولما كان اعتراف متهم على آخر يتطلب حتى يكون دليلا صالحا وكافيا للحكم بالإدانة أن يؤيده دليل آخر، وهو ما خلت منه الأوراق، فضلا عن أن المحكمة لا تطمئن إلى ما قرره المتهم الأول بشأن اشتراك المتهم المعارض معه في تزوير المحرر المزور محل الاتهام؛ وذلك لتناقض أقواله بالاستدلالات مع أقواله بتحقيقات النيابة العامة فيما يتعلق بمكان ارتكابه لواقعة التزوير، حيث قرر بالاستدلالات أن التزوير تم في البحرين، فيما قرر بالنيابة العامة أنه قد تم في دولة أخرى، وبشأن المبلغ المتفق عليه قرر بالاستدلالات أن المتهم المعارض حصل على مبلغ 3000 دينار، في حين قرر بالنيابة العامة أنه سيحصل على مبلغ 20 ألف دينار، ولم يقدم المتهم الأول دليلا واحدا قِبَلَ المعارض على استلامه جواز السفر الخاص بنجله وتسليمه إياه، وبعدها قاموا بتزويره باسم المتهم الثالث، علاوة على ذلك، فإن المتهم المعارض أنكر ما نسب إليه واعتصم بالإنكار.

وانتهت إلى القول إنه لما كانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين لا الظن والتخمين، وكانت الأوراق قد افتقرت دليلا يقينيا قبل المتهم أو مشاركته للمتهم الأول في تزويره المحرر سند الدعوى، الأمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة إسناد الاتهام للمعارض، ومن ثم تكون أوراق الدعوى قد جاءت خلوا من الدليل القاطع على ارتكاب المعارض للواقعة، مما يتعين معه والحال كذلك القضاء بإلغاء الحكم المعارض فيه والقضاء ببراءة المتهم المعارض عملا بنص المادة (255) من قانون الإجراءات الجنائية.