+A
A-

باركنسون... فيتامين 3B يوقف موت خلايا الدماغ

يسهم فيتامين B-3 في وقف موت الخلايا العصبية الذي يترافق مع داء باركنسون، حسبما كشفت دراسة جديدة تقودها ألمانيا قد تؤدي إلى علاجات جديدة لهذا المرض الذي يقضي على الدماغ. نُشر تقرير الباحثين أخيرًا في مجلة Cell Reports.

ويوضح الباحثون كيف يساعد أحد أشكال الفيتامين B-3 يُدعى نيكوتيناميد ريبوسيد في الحفاظ على الخلايا العصبية بتحفيز متقدراتها، التي تشكّل مراكز إنتاج الطاقة فيها.

وتذكر ميشيلا ديليدي وهي باحثة بارزة شاركت في وضع تقرير الدراسة وتقود مشاريع بحث حول الدماغ في جامعة توبنغن وجمعية هيلمهولتز في ألمانيا “تحفّز هذه المادة عملية أيض الطاقة المختلة في الخلايا العصبية المصابة وتحميها من الموت”.

باركنسون والمتقدرات

داء باركنسون حالة تزداد سوءًا بمرور الوقت وتنشأ بسبب موت الخلايا العصبية (العصبونات) في جزء من الدماغ مسؤول عن الحركة.

وتنتج الخلايا مادة كيماوية تُدعى الدوبامين تؤدي دورًا مهمًا في التحكم في الحركة. ومع تقدّم المرض، يزداد المشي، والتنسيق، والتوازن صعوبة.

وقد يُصاب المريض بأعراض أخرى، من بينها اضطرابات النوم، ومشاكل في الذاكرة، وتعب، وكآبة.

ويعيش نحو مليون شخص مع داء باركنسون في الولايات المتحدة، حيث تُشخَّص 60 ألف حالة جديدة كل سنة. ويسود الاعتقاد بين العلماء أن هذا المرض ينجم عن تفاعل بين عوامل وراثية وبيئية.

وتحتوي كل خلية من خلايانا على مئات الحجرات الصغيرة تُدعى متقدرات وتعمل، من بين وظائف عدة، على تحويل الطعام إلى طاقة للخلية.

ولما كانت الخلايا العصبية تملك حاجة أكبر إلى الطاقة مقارنةً بالخلايا الأخرى، “فتعتمد بشكل خاص على المتقدرات”.

وتُعتبر مشاكل المتقدرات الوظيفية خاصية شائعة في الأمراض التي تترافق مع موت أنسجة الدماغ، مثل ألزهايمر، وباركنسون، والتصلب الجانبي الضموري، وهنتنغتون.

في حالة باركنسون، تُظهر الدراسات أن خلايا الدوبامين التي تموت تحمل متقدرات متضررة.

أحد أسباب المرض أم تأثيراته الجانبية؟

وتساءلت ديليدي وزملاؤها عما إذا كانت المتقدرات المختلة أحد أسباب المرض أو “أحد تأثيراته الجانبية فحسب”.

أخذ الباحثون أولًا خلايا جلد من أشخاص يعانون داء باركنسون ويحملون نسخًا من جينة GBA، التي يعرف الباحثون جيدًا أنها تزيد خطر الإصابة بهذا المرض.

ودفعوا بعد ذلك خلايا الجلد إلى التراجع إلى خلايا جذعية غير ناضجة، ثم أرغموا هذه الخلايا الجذعية على التحول إلى خلايا عصبية. فأعربت الأخيرة عن خلل في المتقدرات شبيه بما لوحظ في خلايا دماغ مريض باركنسون.

بغية اختبار ما إذا كان من الممكن تحفيز نمو متقدرات جديدة في هذه الخلايا، زاد الفريق معدلات تميم الإنزيم ثنائي نوكليوتيد الأدنين وأميد النيكوتين.

وغذى الفريق بذلك الخلايا بشكل من الفيتامين B-3 يُدعى نيكوتيناميد ريبوسيد، وهو المركب الطليعي لتميم الإنزيم هذا.

ويشير معدو الدراسة في تقريرهم إلى أن طلائع ثنائي نوكليوتيد الأدنين وأميد النيكوتين “اقتُرحت بهدف تحسين المرض والتراجع الأيضي المرتبط بالسن”.

وأدت هذه الخطوة إلى ارتفاع معدلات ثنائي نوكليوتيد الأدنين وأميد النيكوتين في الخلايا، ما قاد بدوره إلى متقدرات جديدة وزيادة في إنتاج الطاقة.

واقتصرت التجارب على التأثيرات التي تختبرها الخلايا المزروعة في المختبر. لذلك شملت الخطوة التالية اختبار هذه العملية على كائن حي.

واختار العلماء ذبابًا يعاني خللًا في جينات GBA لأنه أُصيب أيضًا بأعراض باركنسون مع تقدمه في السن وتعرض لتراجع خلايا الدوبامين.

واستخدم الباحثون مجموعتين من الذباب تعانيان خللًا في GBA، وأضافوا الفيتامين B-3 إلى غذاء مجموعة واحدة منهما دون الأخرى.

ولاحظ الفريق تراجعًا كبيرًا في عدد الخلايا العصبية الميتة، فضلًا عن احتفاظ الذباب الذي تناول الفيتامين B-3 بقدرته على الحركة مدة أطول، مقارنةً بالذباب الذي لم يتناوله.

وتشير ديليدي إلى أن هذه النتائج تُظهر أن “خسارة المتقدرات تؤدي بالتأكيد دورًا مهمًا” في تطور داء باركنسون. تخطط هذه الباحثة وزملاؤها راهنًا لاختبار تأثيرات هذا الفيتامين في مرضى باركنسون. وتكشف الأدلة من دراسات أخرى أن هذا الفيتامين لا يؤدي إلى تأثيرات جانبية في حالة الأشخاص الأصحاء.

تختم الدكتورة ديليدي: “قد يشكّل إعطاء المرضى نيكوتيناميد ريبوسيد نقطة انطلاق جديدة لعلاج هذا المرض”.