+A
A-

جسدت مسيرة فريدة على الصعيدين الوطني والدولي

يجسّد نهج دولة الإمارات في تمكين المرأة نموذجًا متفردًا يحتذى به على مستوى العالم، فالمرأة الإماراتية شريكة في مسيرة التنمية ومربية لأجيال المستقبل، وتعد جزءًا لا يتجزأ من رؤية الدولة لاستشراف المستقبل. وجاء هذا النموذج الريادي في تمكين المرأة تجسيدًا لنهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) ورؤية القيادة في الاعتماد على المرأة كشريك مهم ورئيس في مسيرة التنمية وكصانعة لأجيال المستقبل الذين تتواصل بسواعدهم مسيرة نماء وتطور الوطن على مختلف الأصعدة.

• تمكين المرأة على المستوى الوطني

يكفل دستور الإمارات العربية المتحدة حقوقًا متساويةً لكل من النساء والرجال. وتتصدر الإمارات العربية المتحدة العديد من المؤشرات الإقليمية والعالمية فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين وإنجازات المرأة، والتعليم ومحو الأمية، ونصيب المرأة في قطاع التوظيف، ومؤشر “معاملة النساء باحترام” ضمن مؤشرات الرقم القياسي للتقدم الاجتماعي، إلى جانب مؤشرات عديدة أخرى.

وتدعم دولة الإمارات مشاركة المرأة في صنع القرار؛ مما يشكل دعامة رئيسة لتمكينها اقتصاديًا، وأصدر مجلس الوزراء قرارًا في التاسع من ديسمبر 2014 يلزم جميع المؤسسات والهيئات الحكومية بتمثيل العنصر النسائي في مجالس الإدارات، وبلغت نسبة تمثيل النساء 15 % في المؤسسات الحكومية، وبلغ عدد عضوات المجلس الوطني الاتحادي في الفصل التشريعي الـ 16 تسع عضوات، يشكلن ما نسبته 22.5 % من إجمالي الأعضاء البالغ عددهم 40 عضوًا؛ كما تشكل المرأة 27 % من التشكيل الوزاري الجديد للحكومة العام 2016، بينهم 8 وزيرات من بينهم أصغر وزيرة في العالم تبلغ من العمر 23 عامًا.

كذلك فقد تم تأسيس مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين في العام 2015، كجهة اتحادية ملتزمة بتكثيف جهود دولة الإمارات الهادفة لتحقيق التوازن بين الجنسين في قطاعات الدولة كافة وفي مراكز صنع القرار.  ودخلت المرأة سلك القضاء والنيابة العامة كقضاة ووكلاء نيابة عامة، وكذلك تعزيز وجودها في الشرطة والسلك العسكري.

وفي مجال العمل الدبلوماسي تشغل المرأة حاليا نسبة 30 % من العاملين في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية والتعاون الدولي، إذ بلغ عدد العاملات في السلك الدبلوماسي والقنصلي للعام 2017 (234) موظفة، بينهن عدد من السفيرات اللاتي يمثلن الدولة في الخارج.

على صعيد آخر، تمكنت دولة الإمارات من تحقيق تقدم لافت على صعيد سد الفجوة بين الجنسين في التحصيل العلمي للفتيات في مراحل التعليم الأساسي والجامعي، إذ تبلغ نسبة الفتيات أكثر من 70 % من خريجي الجامعات.

وفي المجال الاقتصادي، تمثل المرأة 46.6 % من إجمالي القوى العاملة، إذ تشغل 66 % من وظائف القطاع العام منها 30 % في مراكز صنع القرار. ويبلغ عدد سيدات الأعمال 23000 ألف سيدة، يدرن مشاريع قيمتها حوالي 15 مليار دولار.

• تمكين المرأة على الصعيد الدولي

لم تقتصر مساهمات وإنجازات دولة الإمارات في مجال تمكين المرأة على المستوى الوطني، وإنما تعدت ذلك لتحقيق إنجازات أو تقديم مساهمات ملفتة على الصعيد الدولي، إذ جعلت حكومة الإمارات موضوع “تمكين النساء والفتيات” أحد مجالات التركيز المواضيعية العالمية الثلاثة التي ترتكز عليها سياسة المساعدات الخارجية لدولة الإمارات العربية للفترة 2017 - 2021، كما أنها أحد مجالات التركيز الاستراتيجية لوزارة الخارجية والتعاون الدولي.

ومن خلال مساعداتها الخارجية تم توجيه ما يزيد عن 14 % من إجمالي المساعدات الخارجية لدولة الإمارات المقدمة خلال العام 2016 لصالح تمكين النساء والفتيات في مختلف أنحاء العالم. وبعد خصم الدعم ثنائي الأطراف لميزانيات الحكومات، والذي يمثل ما يزيد عن نصف قيمة المساعدات الخارجية المقدمة من دولة الإمارات خلال العام 2016، تصل نسبة المساعدات الهادفة لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة إلى ما يقرب من ثلث المساعدات الإجمالية.

وتشمل مشاريع المساعدات الخارجية التي تسهم في إفادة ودعم هذه القضية المهمة: التدريب المهني للنساء ودعم رائدات الأعمال في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، إضافة إلى دعم ما يزيد عن 100 مشروع في قطاع الصحة للنساء والأطفال، دعمت دولة الإمارات صناعة الزعفران في أفغانستان، إذ تمثل النساء 80 % من أنشطة الإنتاج. وفي سريلانكا، قدمت كذلك دولة الإمارات دعمًا ماليًا لمعهد مكرّس لتمكين المرأة.

وتعتبر البنية التحتية - والتي تعد من بين محاور تركيز المساعدات الخارجية لدولة الإمارات - أحد العوامل الرئيسة المساهمة في التغيير عندما يتعلق الأمر بتمكين المرأة. فبالفعل تساعد البنية التحتية المحسّنة في زيادة القدرة على التحرك والدخول إلى الأسواق وخفض الوقت الذي تقضيه النساء في أداء المهام المنزلية وغير المدفوعة، مما يتيح لهن المزيد من الوقت للإنتاجية والمساهمة في النشاط الاقتصادي.

وتلتزم دولة الإمارات بتمكين النساء والفتيات في مجال ريادة الأعمال، إذ تعهدت بقيمة 50 مليون دولار لمبادرة تمويل رائدات الأعمال (WeFi) التي أطلقها البنك الدولي، وستسهم تلك المبادرة في حشد ما يزيد عن مليار دولار في صورة تمويلات لرائدات الأعمال. كما تلتزم الدولة بتزويد النساء بالأدوات والفرص.

ومن خلال مبادرة “1000 قائدة”، ستوفر الدولة التدريب وفرص التمكين للنساء، لشحذ مهاراتهن وقدراتهن ليصبحن قادة في الجيل الحالي والأجيال المقبلة ضمن قطاعات الأنشطة التي يخترن العمل بها، سعيًا منها للإطاحة بالمفاهيم الشائعة والقوالب المحفوظة عن توزيع الأدوار بين الجنسين وقدراتهم، وجعلها جزءًا من الماضي.

• تمكين المرأة ضمن الآليات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان

وضعت دولة الإمارات منظومة مترابطة من السياسات والاستراتيجيات الوطنية التي تسعى إلى تعزيز وكفالة التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، واحتل موضوع تمكين المرأة مكانة متقدمة على هذا الصعيد، إذ أنشأت دولة الإمارات “مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين” في العام 2015، والذي يهدف إلى تقليص الفجوة بين الجنسين، والعمل على تحقيق التوازن بين الجنسين في القطاعين العام والخاص خصوصا في مراكز صنع القرار.

من جهة أخرى، تبنت الدولة عددًا من السياسات والاستراتيجيات الوطنية الرامية إلى تمكين المرأة الإماراتية وتعزيز مكانتها في القطاعات كافة، ومن هذه السياسات إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة 2015 - 2021، والتي تهدف إلى تمكين وبناء قدرات المرأة الإماراتية وتذليل الصعوبات أمام مشاركتها في المجالات كافة، وتوسيع نطاق مشاركتها التنموية وتعزيز مكانة المرأة الإماراتية في المحافل الإقليمية والدولية.

كما قامت دولة الإمارات وفي إطار التزامها بالاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان التي تعد طرفا فيها، وفي إطار سعيها الحثيث لاستيفاء التقارير الدورية المطلوبة منها من قبل الهيئات التعاهدية والجهود التي تبذلها في متابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن تلك اللجان، قامت باستعراض تقريرها الثاني بشأن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) أمام اللجنة المختصة في نوفمبر 2015.

وفي إطار تعهداتها الطوعية المتعلقة بترشيح دولة الإمارات العربية المتحدة لعضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة 2016-2018، قدمت دولة الإمارات الدعم لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، من خلال تمويل افتتاح مكتب اتصال للهيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ وقّعت دولة الإمارات وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في يوليو 2016 اتفاقية مقر لافتتاح مكتب اتصال الهيئة المخصص لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أبوظبي، وتم افتتاح المكتب رسميا في شهر أكتوبر 2016، ووفر الاتحاد النسائي العام بالدولة الإمكانيات والتسهيلات والتمويل اللازم لافتتاح المكتب.

وفي العام 2009، انضمت الدولة إلى بروتوكول الأمم المتحدة لحظر وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال (بروتوكول باليرمو). كما تعد دولة الإمارات عضو مؤسس في مجموعة أصدقاء متحدون لمكافحة الاتجار بالبشر والتي أسست في سبتمبر 2010 على هامش الدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وفي الختام، ستظل المرأة حجر زاوية ليس في الحاضر الإماراتي فحسب، ولكن في مستقبله كذلك، إذ تؤمن الدولة أن التقدم في المواضيع المتعلقة بحقوق المرأة أمر ضرري لبناء مجتمع معاصر يتحلى بالتسامح. ومع ما حققته من منافع ومعارف وخبرات عملية، ستواصل دولة الإمارات العمل بدأب على ضمان تمتّع المرأة في بقية أنحاء العالم بنفس التقدير والقدرة على المشاركة التي حققتها داخليًا.