+A
A-

“ميثاق الرياض” يحث على إنشاء هيئة وطنية وخليجية لرعاية المسنين

تنشر “البلاد” على حلقات أبرز ما يتضمنه كتاب أستاذ علم الاجتماع المساعد بقسم الاجتماع بكلية الآداب في الجامعة أحلام القاسمي الموسوم “الشيخوخة النشطة: التحديات والمؤشرات والتجارب الناجحة وتطبيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي”.

وأعدّ الكتاب لصالح المجلس التنفيذي لمجلس وزراء العمل ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وذكرت القاسمي إن التجارب الرائدة في الاهتمام بالشيخوخة النشطة، في المنطقة العربية، جاءت من بلدان الخليج العربي، ويأتي “ميثاق الرياض حول رعاية المسنين” (مارس 2009)، الذي صدر عن الندوة الخليجية لرعاية المسنين، والمنعقدة في الرياض.

وشكل المكتب التنفيذي لجنة أمراض الشيخوخة ورعاية المسنين التي عقدت اجتماعها الأول بالرياض من 20-21 يوليو 1993م، والتي أوصت بعقد ندوة لمناقشة الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية للموضوع.

 

“ميثاق الرياض” أول وثيقة استراتيجية خليجية لرعاية المسنين

لا يتجاهل الجانب الصحي... وينصح بمشاركة المسنين بأنشطة المجتمع

لا يتجاهل “ميثاق الرياض” الجانب الصحي، بل إنه يحث وزارات الصحة على تفعيل المبادرات العالمية مثل الرعاية الصحية الأولية الصديقة للمسنين، والمستشفيات الصديقة للمسنين، والمدن الصديقة للمسنين، مع التأكيد على أهمية تحسين أنظمة الرعاية الصحية الأولية لتلبية احتياجات المسنين تلبية فعالة، والعمل على بناء القدرات الوطنية في مجال طب الشيخوخة ورعاية المسنين وتنمية الكوادر الوطنية من أجل توفير رعاية صحية للمسنين تتسم بالجودة. والتركيز على خدمات الرعاية الصحية المجتمعية المرتكز مثل الرعاية النهارية - الرعاية الصحية النهارية - برامج التمرين - الترويح - المواصلات - مراكز كبار السن - الإحالة - مجموعات الدعم – وكذلك الخدمات المنزلية مثل استجابة الطوارئ للرعاية الصحية والزائر المؤانس)جليس المسن) تقديم الوجبات - وتدبير المنزل والمرافقة وخدمات الإيواء مثل المعيشة المدعومة، ودور المسنين، ومجتمع المسنين، السكن المشترك بحسب الأحوال المحلية والظروف والعادات والتقاليد في كل مجتمع. وكل هذه الخدمات تهدف إلى توفير البيئة الداعمة والتمكينية للشيخوخة النشطة، وقد رأينا نجاحها في تجارب الدول الأوروبية ذات التصنيف المرتفع في الشيخوخة النشطة.

إلا أن الجديد في “ميثاق الرياض” أنه أول وثيقة استراتيجية خليجية تنطوي على رؤية متكاملة لرعاية المسنين، الأمر الذي يجعلها خطوة مهمة نحو تحقيق الشيخوخة النشطة في دول مجلس التعاون الخليجي. فإضافة إلى التأكيد على صحة المسنين وتوفير الخدمات الصحية لهم، فإن الميثاق يؤكد على أهمية مشاركة المسنين في أنشطة الحياة والمجتمع، كما يشدد على توفير البيئة التمكينية للشيخوخة النشطة. فهو يحث وزارات العمل والشئون الاجتماعية على تزويد المسنين بالامتيازات والتسهيلات الضرورية وخصوصا منحهم الأولوية في الأماكن العامة وتخصيص مقاعد لهم في وسائل المواصلات العامة والحدائق والمسارح والنوادي الثقافية والاجتماعية، وتأمين وسائل الحركة للمعوقين والعاجزين ومنحهم حسومات مناسبة في أجور المواصلات البرية والبحرية والجوية وأجور العضوية في النوادي وغيرها من المؤسسات التي تقدم الخدمات الاجتماعية والترفيهية والرياضة وغيرها، وبحث إيجاد فرص العمل وإيجاد أنشطة للقادرين من المسنين. وتمكين كبار السن من المشاركة الفاعلة والمتكافئة في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية داخل المجتمع المحلي والدولي، وضمان حقهم في التعليم المستمر والتنمية المهنية لهذه الفئة.

كما يحث الميثاق على إنشاء هيئة وطنية وخليجية لرعاية المسنين في غضون 3-5 سنوات من تاريخ هذا الميثاق بمشاركة أعضاء من وزارات الصحة، والعمل والشئون الاجتماعية، والثقافة والإعلام، والإسكان والبلديات، والشؤون الإسلامية، بحيث تكون مسئولة عن إعداد قاعدة بيانات بشأن الوضع الحالي للمسنين من أجل دعم صنع القرار، وإعداد خطة عمل استراتيجية وطنية تكون مبنية على الأدلة.

جاء ميثاق الرياض متوافقاً مع ما جاء به الإسلام حول رعاية المسنين، ومستنداً إلى القرارات والتقارير والتوصيات والاستراتيجيات الدولية والإقليمية المعنية بكبار السن بدءاً من قرارات المؤتمر العالمي الأول لحقوق كبار السن الذي انعقد في مدينة فيينا بالنمسا في العام 1982، وانتهاء بقرار الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية في دورتها الثامنة والخمسين حول تعزيز التشيخ النشط والصحي في مايو 2005، واستراتيجية التشيخ النشط والصحي ورعاية المسنين في إقليم شرق المتوسط (2015-2006). وهذا، فيما يبدو، أول تبني خليجي لمفهوم الشيخوخة النشطة.

يتضمن الميثاق وعياً جلياً بالتغيرات الديموغرافية التي تحصل في منطقة الخليج والمتعلقة بزيادة معدلات العمر المتوقع للسكان، وبالزيادة المضطردة التي تشهدها دول إقليم شرق المتوسط، ومن بينها دول مجلس التعاون في أعداد ونسب السكان الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما. وما يستلزمه ذلك من الاستعداد لمواجهة التحديات المتوقعة التي تسببها ظاهرة التشيخ ومنها ضعف استعداد النظم الصحية للتعامل مع هذه الفئة صحياً ونفسياً واجتماعياً وإنسانياً، وكذلك وجود عبء مزدوج من جراء التشيخ والفقر، التشيخ والبطالة، وشيوع الأمراض المزمنة.

 

معدل الخصوبة بدول الخليج في انخفاض مطرد

حملات التطعيم المستمرة تخفض حجم إصابة الأطفال بالأمراض

بحسب تقارير التنمية الإنسانية التي يصدرها برنامج الأمم المتحدة للتنمية UNDP، فإن متوقع العمر عند الولادة في دول مجلس التعاون كان يرتفع بشكل مضطرد. وبالاستعانة بهذه التقارير يمكن رصد التحسن الكبير الذي طرأ على متوقع عمر الإنسان الخليجي منذ العام 1991 حتى العام 2015.

ويعزى التحسن الكبير في المتوسط العمري للفرد في منطقة الخليج الى التطور الكبير في الخدمات الصحية، فمعدل وفيات الاطفال الرضع قد انخفض خلال العقدين الماضيين بشكل كبير إذ وصلت وفق إحصاء العام 2001 الى 13 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي كما وصلت حالات الوفاة في اوساط اطفال دون سن الخامسة الى 15,6 حالة لكل 1000، كما ان حملات التطعيم المستمرة قد خفضت من حجم إصابة الاطفال بأمراض الشلل والدفتيريا والدرن وغيرها.

أضف إلى هذا أن معدل الخصوبة في دول مجلس التعاون في انخفاض مضطرد.

يبدأ نص الميثاق بتأصيل اهتمامه بكبار السن بالاستناد إلى حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المضمنة في كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان العام 1948 والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان لسنة 1966 إنما تنطبق في غير تمييز وعلى سبيل الإطلاق في حق سائر الأفراد وفي غير اعتبار لفئتهم العمرية.

بعد ذلك يؤكد الميثاق على أهمية تغير النظرة للمسنين وما شابها من مفاهيم مغلوطة من تلازم الإقعاد والمرض والاعتماد على الغير مع تقدم العمر، وعدم قدرة المسنين على التعلم أو العمل، وظهور مفاهيم جديدة تؤكد على النظرة الإيجابية للتشيخ، وإلى قدرة المسنين على المشاركة النشطة في مجتمع من شتى الأعمار، وأنهم شركاء في التنمية ومساهمون نشطاء فيها ومستفيدون منها وأنه ينبغي النظر للشيخوخة على أنها ليست حالة من المرض والعجز، وإنما هي حالة من الصحة واللياقة. وهذا يستلزم التأكيد على ضرورة إشراك المسنين بصفة مستمرة في الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والروحية والثقافية والمدنية والعمل على تعزيز الصحة وتوفير البيئة المناسبة لذلك، وتحضير المسنين نفسياً قبل التقاعد من أجل اجتناب الصدمة التي قد تنتج عن العزلة والتعطل.

ولا يغفل الميثاق متطلبات المدن الصديقة للمسنين، إذ يخصص قسماً للإسكان والبلديات، ويطالب هذه الجهات بالعمل على تخطيط المناطق السكنية على النحو الذي يلبي بصفة خاصة الاحتياجات الخاصة لفئة كبار السن وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة مع ضمان السكن الملائم لمن يعوزه السكن من هذه الفئة.

كما يؤكد الميثاق على أهمية دور الأسرة والمجتمع المدني، فيؤكد على تعزيز دور الأسرة في العناية بالمسنين والعمل على إبقاء المسنين دائماً في جو عائلي بما يحفظ كرامة المسنين ويعمل على إذكاء أواصر الترابط العائلي لتحقيق التمكين النفسي لكبار السن.

ويطالب المجتمع المدني بإحياء جمعيات أصدقاء المسن وتعزيز أنشطة هذه الجمعيات وتعميمها في الأحياء السكنية، وتشجيع قيام وإنشاء جمعيات المجتمع المدني المعنية برعاية المسنين وتشجيع المنظمات الطوعية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني للقيام بدورها في تقديم الرعاية الصحية والاجتماعية للنساء والرجال المسنين وخاصة من لا يتمتعون بحظ وافر من أسرهم وتشجيع توجيه الأوقاف لهذه الفئة ورعايتها.

السنة

1960

2014

 السعودية  7.2  2.8

الإمارات

 6.9  1.8
 البحرين  7.1  2.1

الكويت

 7.2  2.1

عمان

 7.3  2.8