+A
A-

زينب جاسم: طفلي التوحدي ملهمي وأتمنى أن أسمع كلمة “ماما”

الأم كطبيعةٍ فطرية قد لا تتقبل حقيقة أن فلذة كبدها يعاني من مرضٍ ما، خصوصا إذا ما كانت المشكلة لا تظهر جليةً واضحة ولا تصنف كأعراضٍ جسدية، مثل التوحد أو فرط الحركة أو قلة التركيز وما شابه، في المقابل، نلاحظ تزايدًا في الفعاليات الاجتماعية والحملات التوعوية التي تتناول هذا الشأن، بالإضافة إلى الجهود المبذولة في دمج الأطفال الذين يعانون من هذه المشاكل في المدارس مع توفير البيئة الصحية الملائمة لهم.

زينب جاسم أمٌ لطفلٍ توحدي، شاركتنا التجربة..

 

حدثينا عن تجربتك مع اضطراب طيف التوحد، كيف كانت البداية؟

كان ذلك في العام 2011 عندما لاحظت تغيرا بمقدار هائل في تصرفات ابني وسلوكياته، حيث كان يجلس ساعات طويلة مندمجا مع قناة طيور الجنة ويرفض الخروج من البيت ويجلس عند إحدى الزوايا.

من وحي التجربة، ما أهم الأعراض التي لاحظتها على طفلك؟

أول الأعراض كانت توقفه عن ترديد بعض الكلمات التي كان يتلفظ بها والبسيطة جدا، وتوقفه أيضا عن تناول الوجبات الخشنة ليشرب حليبا فقط، بل ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل كنت أتفاجأ بتناوله قطع إسفنج أو بعض الأصباغ من الحائط مرورا بخشب سريره وصولًا إلى إطارات سياراته.

كيف كان تقبلك للأمر في البداية؟

صعب جدًا جدًا، خصوصا أنني انتظرت قدوم محمد قرابة الخمس سنوات ومررت بتجربة ولادة صعبة، فمجرد أن يكون مختلفا كان أصعب ما يمكن.

هل يتأقلم المجتمع من حولك بسهولة مع الطفل التوحدي؟

بالطبع لا، فقد مررت بكثير من المواقف من أشخاص لا تحترم الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد، سواء في المجمعات والأماكن العامة أو حتى بعض الأهالي والجيران وأحيانا يصل الموضوع لشجار وملاسنات حتى أن الشخص المثقف والقارئ قد يكون آخر من يتقبله.

ما تقييمك للنشاطات الخاصة باضطراب طيف التوحد التي تقام في مملكة البحرين؟ وهل هناك جهة معينة تتبنى التوحديين؟

لا يزال الوضع قاصرًا، فالتوحد يحتاج لتكاتف الجميع من وزارات ومؤسسات المجتمع المدني، وحتى الآن الوضع غير مرض، إذ إن إقامة الفعاليات للطفل التوحدي تحتاج لدراسة مفصلة والبعض يقيم فعاليات بشكل عشوائي لمجرد أنه يجب عليه ذلك دون استفادة تذكر للتوحدي أو أهله.

نرى بعض الأمهات يرفضن بشكل قاطع فكرة أن الطفل قد يكون مصابًا بأحد الاضطرابات أو المشاكل مثل التوحد أو فرط الحركة وحتى التأخر الدراسي مثلًا أو غيرها، مما يجعلها لا تخضعه لأي عناية تخص حالته، برأيك ما السبب في ذلك؟

صحيح، ومن البداية يرفضون تشخيص الطفل في الطب النفسي بحجة أن هذه المستشفى للمجانين، ويرفضون أيضا وسم الطفل باضطراب قد يلوث تاريخه كاملا فيتم حبسه في البيت رغبة في إخفائه عن المجتمع من دون أن يعوا أنهم من خلال هذا التصرف قد يدمرون مستقبل طفل كان يمكن أن يبدع ويتطور لو تم التدخل المبكر.

يقال “اسأل مجرب ولا تسأل طبيب”. ما النصيحة التي تقدمينها لأمهات الأطفال التوحديين؟

حاربوا من أجل أطفالكم، ولنسعَ لتغيير نظرة المجتمع، عزيزاتي الأمهات، وتقبلن أطفالكم بكل ما فيهم وتوقفن عن المقارنات، فكل طفل له حالته ودرجة تطوره، كما أنه لا يوجد مدرب للطفل كأمه، فلا تلقين بالمسؤولية كاملة على مركز التربية الخاصة أو المدرسة، فكم من أم جعلت من ابنها مخترعا.

كلمة أخيرة تودين إضافتها.

محمد هو طفلي الأول وملهمي، وهو من جعلني أتجه للكتابة عن التوحد سواء مقالات أو خواطر، أتمنى أن يكون بحال أفضل، والأمنية التي طالما تنميتها أن أسمع كلمة “ماما” من شفتيه تطوقها ابتسامة علمه، إنه حتى دون كلام يبهجني بتصرفاته. أما على الصعيد العام فأتمنى إيجاد حل لكل الأطفال التوحديين الذين لم يتمكن أهاليهم من تدريبهم في مراكز التربية الخاصة من خلال المستثمرين أو بنوك أو الأيدي السخية.