+A
A-

أذربيجان بلد الجمال... والنار تفتح ذراعيها للسياح الخليجيين

قبل سنوات عدة لم يكن اسم أذربيجان ضمن خارطة السياحة العربية، بيد أن الصورة تغيرت تمامًا الآن، فهناك مئات الآلاف من الخليجيين والعرب الذين يؤمون ويتدفقون على هذه الدولة التي تحمل مدنها من بين طياتها مزيجًا مميزًا من سحر الشرق وحداثة الغرب مع وجود آلاف المقاصد السياحية والاستجمامية والتاريخية التي تزخر بها مناطقها، وذلك من خلال المباني والمشاهد التي تعكس الفن المعماري القديم والحديث.

وفي ضيافة “طيران الخليج”، اطلعت مجموعة من الصحافيين في وسائل إعلام بحرينية، على ملامح عاصمة أذربيجان، باكو، المشهورة بمدينة الرياح، التي دشنت إليها الناقلة الوطنية للبحرين، أولى رحلاتها لهذا الصيف، ضمن خططها التوسعية الطموحة لتحديث أسطول الشركة وزيادة وجهاتها. وتخدم “طيران الخليج” مسافريها من خلال رحلتين أسبوعيًّا من مطار البحرين الدولي إلى باكو في رحلة تستغرق قرابة الساعتين والنصف.

تسهيلات للسياح الخليجيين

تقول مديرة شركة GREENWICH التي تعد من الشركات السياحية المعروفة في أذربيجان، سابينا باجيروفا، إن المدينة بدأت بتقديم تسهيلات كثيرة للسياح خصوصًا من دول الخليج العربية، منذ قرابة الثلاث سنوات، عبر منح تأشيرات من المطار أو حتى عن طريق الفيزا الإلكترونية في خدمة لا تتجاوز بضع ساعات، ما ساعد على استقطاب الكثير من السياح الخليجيين من مختلف دول المنطقة، من الراغبين في الاستجمام والتمتع بسحر الطبيعة والاطلاع على التراث المتنوع.

وأشارت إلى أن هذه الخطوة سهلت على المواطنين الخليجيين السفر إلى أذربيجان التي تعد من أفضل الدول السياحية في المنطقة مع نسبة أمان عالية.

موقع فريد:

تتميز أذربيجان بموقعها الفريد والمتميز على بحر قزوين، ممتدة بحدود مع جورجيا وايران وروسيا وأرمينا، حيث تشكل إحدى الدول التي يمر عبرها خط تجارة الحرير على مدى سنوات طويلة، قبل أن تكون أحد المنتجين الرئيسين للنفط لتصبح من خلاله واحدة من أباطرة الطاقة.

وكانت أذربيجان تقع ضمن دول الاتحاد السوفياتي حيث شكل كثير من المعالم المعمارية فيها، لكنها نالت استقلالها بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ووسعت علاقاتها مع جميع دول العالم لتكون أول ديمقراطية إسلامية في العالم. ورغم أن معظم سكان أذربيجان من المسلمين، إلا أنه من الواضح أن الدولة علمانية الهوى والطابع، وترحب بجميع الجنسيات.

ومع وصول طائرة طيران الخليج إلى مطار حيدر علييف وهو المطار الرئيس للبلاد، يلاحظ الزائر لمدينة باكو مستوى النظافة والنظام الذي تتمتع به مرافق المدينة والشوارع الرئيسة والفرعية، وعلى امتداد الساحل الذي يقدر طوله بنحو 30 كيلومترًا ويربط بين أجزاء المدينة، إذ من الصعب بمكان ملاحظة أية قمامة على مدى هذا الساحل، في حين تتوافر بنية تحتية قوية وشبكة اتصالات لاسلكية مجانية لعموم الناس والسياح.

أما عن الأجواء بالنسبة للمسافر الخليجي إلى باكو خلال صيف هذا العام، فتعتبر معتدلة مقارنة مع طقس الخليج، رغم أن هذا الموسم يعتبر من أحر الفصول التي شهدتها العاصمة الأذربيجانية بحسب المرشدين السياحيين، لكن ذلك لم يمنع بالطبع تدفق عشرات السياح إليها.

أبراج اللهب

تعد أبراج اللهب الثلاثة من المعالم الحديثة في مدينة “باكو” وهي من أعلى المباني في المدينة، والصورة المعبرة عن الطابع الغربي الحديث فيها، إذ يتم إضاءة هذه الأبراج بعشرات الآلاف من مصابيح “ LED” مساء بأنوار اللهب إلى جانب الكثير من اللوحات المعبرة، وفي أحد هذه الأبراج يقع فندق فيرمونت باكو، والذي يعد من أفخم فنادق العاصمة والمطل على بحر قزوين والمباني الحكومية وممر الشهداء.

وتتمتع “باكو” بمجموعة كبيرة من الفنادق الراقية، مثل فندق Boulevard hotel وهو من فئة الخمس نجوم ويضم نحو 800 غرفة، ويعد من الفنادق المفضلة للسياح العرب خصوصا أنه يقع في منطقة هادئة على البحر وبالقرب من المقاصد السياحية الرئيسة، إلى جانب فندق Intourist hotel الذي يعد من أقدم الفنادق، إذ بني قبل نحو 90 عامًا قبل أن يتم تجديده بأسلوب حديث.

خارج أسوار المدينة القديمة

كانت باكو قبل مئات السنين محصورة داخل أسوار المدينة القديمة قبل أن تتوسع لتضم حركة عمرانية جديدة، وللاطلاع على الحقبة القديمة من الفن المعماري، لابد لك من زيارة منتزه “فيلاهروميا” خارج أسوار مدينة باكو القديمة، التي تشكل بداية التوسع لتتحول إلى مركز التغيير في مظاهر المدينة وتشكل انطلاقة جديدة في البناء. ومن المدينة القديمة يشخص للسائح “برج العذراء” الذي شيد قبل ألفي عام وهو جزء من سور المدينة القديم، وقبل نحو 18 سنة وضعت منظمة اليونيسكو هذا البرج على لائحة التراث العالمي، ويدور حول هذا البرج عدد من القصص بشأن تسميته بهذا الاسم، إحداها تعود كما قيل إلى قصة فتاة كانت تعشق حبيبا لها ولم يسمح لها بالزواج منه. وعندك خروجك من البوابة ترى شارع الشعراء، وفيه نصبت تماثيل تخلد لأعظم الشعراء في الدولة على مر العصور.

شارع نظامي قلب المدينة النابض

وللتعرف على التحولات السياسية في أذربيجان، لابد من المرور بممر أو مقبرة الشهداء والتي يعتز بها الشعب الأذربيجاني وهي من الصروح الوطنية التي تعبر عن نضال الشعب في فترات تاريخية مختلفة، إذ إن أي رئيس دولة أو شخصية كبيرة تزور البلاد لابد أن تمر على هذا المعلم. وإذا رغبت في أن تعيش أجواء الحداثة والتسوق، فلا بد لك من عبور شارع نظامي، الذي يعد قلب مدينة باكو إذ لا تتوقف الحركة فيه طوال اليوم، وأكثر الشوارع صخبًا بمزيج من المطاعم وأماكن الترفيه.

وتعود فترة تشييد هذا الشارع ومرافقه إلى حقبة الاتحاد السوفياتي وكان يشكل مركز التجارة في مدينة باكو.

ولمحبي السجاد، فإن متحف السجاد بمعروضاته الفريدة يشكل فرصة جيدة للاطلاع على تاريخ صناعة السجاد اليدوي في أذربيجان، كما لا بد لأي سائح من زيارة مركز حيدر علييف وهو أحد أشهر المتاحف على مستوى العالم بفنه الفريد الذي صممته المعمارية العراقية الراحلة زها حديد، التي حصدت فيه جائزة متحف لندن للتصميم.

جبل النار التي لا تطفأ

تعد عبادة النار من الديانات التي انتشرت في بلاد القوقاز وإيران عمومًا قبل مئات السنين، وشكلت كذلك ديانة أذربيجان حتى قبل وصول الإسلام، ويعد معبد النار مقصد عبدة النار من بلاد الهند والبلاد المجاورة لسنوات، إذ يمثل مقرًّا لطقوس عبادة النار، ويحتوي المعبد على مجسمات ورسوم توضح طقوس هذه العبادة.

وليس بعيدًا من هذا المعبد، يوجد جبل النار، حيث تشتغل النار أسفل الجبل منذ آلاف السنوات، وهو ما شكل إلهامًا للكثير من الخرافات والأساطير والديانات في البلد الذي يسبح فوق ثروة من النفط والغاز.

قوبا مدينة الثلج والجبال والغابات

وعلى بعد ثلاث ساعات تقريبًا بالسيارة من باكو، تقع مدينة قوبا الساحرة بطبيعتها الريفية وغاباتها، وعلى الطريق لا بد لك من المرور بمنطقة “شاهداج” ومنتجعها، حيث يوجد “التلفريك” والأنشطة الرياضية المختلفة في الصيف إلى جانب التزلج على الجليد في الشتاء.

وتنتشر في مدينة قوبا كذلك غابات كثيفة من الأشجار إلى جانب بحيرتها الممتدة بين الجبال والوديان.