+A
A-

الهريس أساس السفرة الرمضانية في البحرين

من منا لا يحب الهريس، فهو يعتبر نجم الموائد في شهر رمضان بالبحرين والدول المجاورة منذ الصغر، ونحن نرى أمهاتنا يجهزونها قيبل الإفطار بساعات بالدق وتزينها للسفرة. ولا يعلم أحد إلى أي حقبة زمنية يعود تاريخ الهريس الذي يعتبره البحرينيون وجبة ثمينة وراقية، ولم يكن يصنع قديما إلا في شهر رمضان، والعيدين وفي “صباحية” العروسين، وبالتأكيد لدى الأغنياء طوال أيام العرس التي تمتد إلى سبعة أو ثلاثة أيام عند متوسطي الحال.

كان للهريس صيت تشتهي النفس ذكره بين المجتمعين، ولأن الناس في قديم الزمان لم يكونوا في الغالب من الأغنياء، إلا قلة قليلة منهم، فإن طبخ الهريس كان يقتصر على الأغنياء في معظم المناسبات، وعندما يفعلون ذلك، فإنهم في العادة يبعثون بأطباق الهريس إلى كل من حولهم من الجيران سواء كانوا على علاقة بهم أم لم تكن هناك علاقة، فالناس قديما كانوا يعرفون بعضهم بالاسم وإن لم تكن هناك صداقة أو علاقة جيرة بينهم.

وعندنا في البحرين يضيفون القرفة، والبعض يضيف السكر، وهي مسألة ذوق، ولكن نحن جميعا متفقون على المناسبات التي يقدم فيها الهريس، وعلى طريقة الصنع الرئيسة، وأهم ما في ذلك الاتفاق أن الهريس يطبخ على الأقل مرة في الأسبوع في شهر رمضان لدى العائلات التي ليس لديها من يقوم بضرب الهريس؛ لأن حبات القمح لابد أن تختفي ولا تترك ظاهرة للعيان. فلابد للطبق الذي يصل للناس الذين نرسل اليهم، أو للضيوف الذين يأتون لتناول القهوة أن يكون متجانساً وإلاّ سيقولون “هريستهم مب مضروبــــــة عــدل”. لقـــد تــــــم اختراع ماكينة ضخمة تشبه تلك التي يحفرون بها الشوارع يدويا لضرب الهريس حتى يصبح متشابكا هو واللحم، فيعطي منظرا لطيفا مثل عجينة رخوة غير سائلة، ولكن يكون مذاق الهريس الذي يضرب بـ (مضراب) خشب ألذ وأشهى، ويصنع ذلك المضراب خصيصا فقط للهريس!

ولا يوجد بلد خليجي لا يعرف الهريس، فهذه الوجبـــــــة هي سيدة الموائد في رمضان في كل دول مجلس التعاون، وهو يطبخ أيضا للنذور، فإن أراد شخص أن ينذر نذرا، فإن الشخص، سيدة كانت أم رجلا في الغالب يقول “سوف نطبخ جدر هريس” والجدر هو القدر، وطبعا ليس أي قدر.