+A
A-

“البلاد” تحاور متفوقين (1-2): صداع توظيف خريجي علم الاجتماع... “الخدمة” يغلق باب الأمل

شاغران فقط سنويا لوظيفة باحث اجتماعي

المجتمع لا يعلم بتخصص علم الاجتماع

لم توفق الجامعة بدمج علم الاجتماع مع الخدمة

الأعمار ضاعت ولا حياة لمن تنادي

219 خريجا ينتظرون الوظيفة و98 % منهم إناث

10 سنوات على التخرج وانتظار فرج الوظيفة

 

أعلنت جامعة البحرين في العام 2001 لأول مرة عن فتح تخصص للطلاب لدراسة برنامج البكالوريوس في علم الاجتماع، وأغلقته لأكثر من مرة لعدم وجود فرص في سوق العمل.

ويعتبر تخصص علم الاجتماع التخصص الأكبر عددا بقائمة انتظار التوظيف، وذلك حسب آخر إحصائية صدرت من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، إذ سجل 219 خريج علم اجتماع، موزعين بين 215 أنثى، و4 ذكور بقائمة الانتظار للحصول على فرص عمل. وفي لقاء “البلاد” مع مجموعة من عاطلات تخصص خريجات علم الاجتماع الدفعة الأولى، والتي مضي على تخرجهن أكثر من 10 سنوات بدرجة امتياز، ناشدن رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة إصدار التوجيهات الفورية لتوظيفهن؛ من أجل رفع معاناتهم.

وأشرن في تفاصيل مسيرة بحثهن على وظائف في ظل شح فرص العمل لدى تخصصهن، إلى أن ديوان الخدمة المدنية يطرح شاغرين فقط سنويا لوظيفة باحث اجتماعي، ويشترط الديوان على المرشح أن يكون صاحب خبرة 5 سنوات فيما لا يوجد سنوات خبرة تصل إلى 5 سنوات لتوظيفهن في وظائف بغير تخصصاتهم.

 

سكينة عملت ببرادة لسنتين براتب قليل

قالت خريجة علم اجتماع سكينة عبدالله: “عملت في برادة لمدة سنتين براتب قليل، بالرغم من أننا أول دفعة تخرجت من علم الاجتماع، ولكن باتت دراسة فتح التخصص في ظل شح الوظائف التخصصية خطأ غير مدروس”.

وأشارت إلى أنها “تخرجت منذ العام 2006، وبعد التخرج صدمنا بالواقع المرير بعدم معرفة المجتمع بتخصص علم الاجتماع، والذي قامت الجامعة بعد تخرجنا بدمج علم الاجتماع مع الخدمة الاجتماعية، وهما تخصصان يختلفان عن بعضهما البعض، إذ إن تخصص علم الاجتماع منفصل، وعلم واسع وشامل، وهو علم معرفي ومتشعب بالكثير من العلوم، ومنها الخدمة الاجتماعية”. وبينت أن خريج علم الاجتماع يمكنه شغل شواغر عديدة في أغلب المؤسسات والشركات في القطاعيين، إذ التخصص مطلوب في جميع الدول، إلا مملكة البحرين دوره مهمش.

وقالت: “أعمارنا ضاعت ونحن ننتظر الوظيفة طرقنا كل الأبواب لعلنا نجد من يمد لنا يد العون، ولكن لا حياة لمن تنادي، فنحن نعاني يوميا ألم البطالة، ولا يخفى على أحد الألم النفسي الذي يعانيه من يبدل قصار جهد للوصول لهدفه”.

وأردفت “لقد طرقنا أبواب المختصين بمختلف الوزارات ذات الاختصاص طوال الفترة الماضية, وقابلنا العديد من المسئولين، إلا أن تلك الجهود باءت بالفشل، والسبب هي الأعذار المتجددة منها لعدم وجود شواغر وغيرها”.

وأكملت “ضاقت النفس ذرعا من الانتظار سنوات عديدة وبعد الجهد والدراسة وطوال العشر سنوات وربما أكثر ونحن نبحث عن العمل”.

 

شرف لم تيأس منذ 10 أعوام

شرف السيد باقر خريجة علم اجتماع من سنة 2008، اعتبرت فتح التخصص لأول مرة دون وجود خطة واضحة  للتوظيف هو هدر الطاقات والكفاءات دون وضع أي اعتبار وظيفي لها في المؤسسات العامة.

وقالت: بالرغم من تخرجي منذ 10 سنوات إلا أنني لم أيأس يوما، ففي كل يوم يولد بداخلي أمل وحلم  يذكرني بسنين تعلقت بها ورسمت خطوات أصل فيها لترقية مجتمعي من ناحية علم ونمو وتطور وازدهار هذا ما كنت اطمح للوصول إليه، وأن ما نواجهه هو مؤسسات كبيرة تجهل من هم خريجين علم اجتماع، وما طاقاته، وكيف يمكنه له أن يفيد ويستفيد.

وأردفت بأن وزارة التربية والتعليم لا تقوم بقبول أوراق تقديمنا لوظائف ولا تلقي عليها النظر، والحال لا يختلف عن الوزارات الأخرى بحيث ذهبت إلى وزارة الصحة وكذلك وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وغيرها، والتوظيف يأتي عن طريق ديوان الخدمة، إلا أن ديوان الخدمة يشترط توافر الخبرة، والتي لم تسمح لنا بأي مؤسسة أو وزارة للتدريب أو العمل بهذي المدة كخبرة في مجال تخصصاتنا.

وتساءلت: “من الذي يتحمل مسؤولية هذه الأفواج من الخريجين والخريجات العاطلات، وإلى متى نعاني التهميش وهدر الطاقات والكفاءات الهائلة؟”.

 

معدل القرني 3.5 وتعمل “رسيبشن” في “جيم”

قالت خلود القرني إن تخصص علم الاجتماع لا يلقى ترحيبا وظيفيا من جانب الوزارات والمؤسسات، إذ عملت كموظفة  استقبال في نادي رياضي نسائي (جيم) بالرغم من حصولي على شهادة البكالوريوس بمعدل 3.5، والذي يسمح لي بمواصلة دراسة الدراسات العليا.

وأكملت “يجب أن يكون هناك وعي للوظائف الذي تناسبنا، فخطة التخصص تقسم إلى مجالات عدة، وتشمل على قضايا التنمية وإشكالاتها، النظريات الاجتماعية وتطبيقاتها في الحياة، دراسة المجتمع من مداخله الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية، الأنثروبولوجيا، والتراث”.

وأوضحت أن “تخصصنا شامل يضم تحت جناحيه تفرعات كثيرة، إذ المواد الذي درسناها متنوعة كالجريمة، الدين والطبقات الاجتماعية والانقسامات في المجتمع والنوع الاجتماعي والسلوك والفقر والثروة والهوية والنسق والتطور والعمران والتحضر والاقتصاد والنمو السكاني، وغيرها”.

ولفتت إلى أن خريجي هذا التخصص يعتبرون كوادر يمتلكون مهارات اجتماعية عالية ومخزونا معرفيا يؤهلهم للتنبؤ بالمشكلات ورصدها وحتى وضع تصورات وحلول وإرشادات وتوصيات لها، وذلك من خلال دراسات وبحوث يجرونها تقوم على أساس مراقبة الحياة اليومية وعمل الاستطلاعات وإجراء المقابلات والاستبانات ثم تحليلها لتخدم أهداف البحث.

وأردفت “يخترق خريجو علم الاجتماع مجالات مهنية متعددة كالإرشاد المهني والمدرسي والاجتماعي ويقدمون بحوثا تنموية واجتماعية واستطلاعية وتراثية كذلك ولهم قدرة على الدخول في الوزارات، كما أشار إليها برنامج التخصص بجامعة البحرين كفرص عمل في القطاع الحكومي كوزارة الداخلية، وزارة التربية والتعليم، الصحة، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وزارة الإسكان والمجلس الأعلى للمرأة، وغيرها بالإضافة إلى أنهم يستطيعون أن يكونوا ذا دور بارز ومؤثر في الجمعيات والمراكز والأندية بأنواعها سواء أكانت خيرية أو أهلية أو اجتماعية وكذلك الجهات المعنية بكبار السن والموهوبين وذوي الاحتياجات الخاصة، وفاعلين في أقسام الشركات والوزارات، كقسم التخطيط الإداري وقسم شؤون الموظفين وقسم الموارد البشرية والإشراف المهني والإشراف الاجتماعي وقسم الشكاوى”.

وأشارت إلى أن أعمالهم وأدوارهم تبرز في مجال حقوق الإنسان والتنمية والمواطنة، وفي الصحافة وتحديدا في قسم الرأي العام والقضايا الاجتماعية والتحقيقات وفِي مجال جمع التراث وتوثيقه وتعريف المجتمع به.

وفي ختام حديثها لـ “البلاد”، ناشدت الجهات المعنية في “دعم قضيتنا، فنحن نعي تماما جهود المملكة في دعم الشباب ودفع عجلة التطور والتنمية للبلد، وهذا سيتم بتوظيف أصحاب التخصص في مكانهم المناسب، فكما للأجساد أطباء فللمجتمع أطباؤه”.