+A
A-

خالد بن خليفة: الميثاق قاعدة رئيسة نرتكز عليها بالحوار والتعايش بين المذاهب

نظمت جمعية “هذه هي البحرين” وبالتعاون مع مركز عيسى الثقافي صباح يوم أمس بمقر المركز، ندوة تعريفية عن مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي، المزمع إشهاره مارس المقبل تحت رعاية كريمة من عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وسط حضور كثيف من مختلف الأطياف والأديان والمذاهب الدينية التي تحتضنها مملكة البحرين، إضافة لجمع من رجالات السلك السياسي والدبلوماسي والإعلامي.

وكان من جمع الحضور أيضًا، أعداد كبيرة من طلبة المدارس، الذين حرصت “جمعية هذه هي البحرين” على دعوتهم؛ للتعرف على الشوط الكبير الذي قطعته مملكة البحرين ومشروع جلالة الملك الإصلاحي بتعزيز التعايش بين الأديان والتعددية والتسامح الديني.

وألقت عريفة الندوة الإعلامية سمية المير كلمة ترحيبية بجمع الحضور، موضحة أن مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي يجسد رؤية جلالة الملك الثاقبة في التعايش والتسامح الديني، واحتضان كل الأطياف والمذاهب والأديان.

رؤية ملكية ثاقبة

وقال نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة في كلمة ألقاها على مسمع الحضور الذين اكتظت بهم القاعة، “إن ما وصلنا إليه اليوم في البحرين من تعايش سلمي، ونعمة الأمن والأمان، وحريات متنوعة للأديان، والمذاهب، رؤية بنيت على أساس رصين، وقواعد متينة، خلال فترات زمنية مختلفة، نستند عليها بقوة عزمنا بمسيرة التسامح الديني والتعايش السلمي، حيث تميزت البحرين ومنذ القدم عن دول كثيرة بالعالم، بتمتعها بالتلاحم اليومي، بخلاف بعض الدول الأخرى التي تحتضن هذا التنوع، ولكن مساحاتها الكبيرة تحول دون تحقيق هذا التلاحم”.

وأضاف “المسافة المتباعدة ما بين المدن والتي تكون أحيانا بمئات الكيلومترات، تحول دون تحقيق الالتحام اليومي بين العرقيات والمذاهب والأديان المختلفة، فنجد على سبيل المثال، بشمال السودان تجمع مسلمين، وفي الجنوب المسيحيون، كل منفصل عن الآخر، في حين أن في بالبحرين، توجد وبمسافة صغيرة بالمنامة، الكثير من المآتم، والمعابد، والكنائس، والمساجد، وعليه فإن التعايش اليومي واضح، وعميق، ومستمر”.

وأردف “اسم مركز الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي، ينبع من هذا الواقع، وبالتالي فإن الميزة الجغرافية تضفي على البحرين عامل قوة لتحقيق هذا التقارب، والذي أوجد مشاركة أبناء هذا المذهب والدين، بالاحتفالات التي يقيمها أبناء الأديان الأخرى”.

ويتابع “الميزة الثانية هي الوعي المجتمعي، الذي كان الحصانة الأساس ضد ما جاء لنا من ملوثات خارجية، سواء بما سمي بالربيع العربي، أو بغيره، وكذلك الأفكار الخارجة من التنظيمات الإرهابية كـ (داعش) وغيرها، إذ نجح هذا الوعي لأن يوصلنا إلى بر السلام، وساعدنا على بناء على هذا المجتمع الجميل والمتجانس، والذي لا يشعر به الإنسان البحريني بأي فروقات مع أبناء الأديان الأخرى”.

دور حكام البحرين

لحظات، قبل أن يضيف المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي “كما أن هنالك دورًا مهمًا لحكام البحرين، لأن من خلال تاريخنا لأكثر من 250 سنة، أوجد آل خليفة هذا التسامح الديني، ومن الموطن الأصلي (الزبارة)، حيث انتهجوا سياسة الانفتاح اقتصاديا وسياسيا وعلميا، وبالتجارة استطاعت الزبارة أن تتحول لمركز تجاري كبير، استقطب كل العلماء، من مختلف المناطق بالوطن العربي، لتتحول إلى مركز علمي حضاري تتفاعل به الكثير من الأفكار والأطروحات، منهم علماء أجلاء من الأحساء، والبصرة، والمدينة المنورة، ومكة المكرمة”.

وقال “تم منح أول ترخيص لمأتم في البحرين العام 1783 وكان لمأتم بن رجب، والذي جسد حينها التحول الحكومي في بالبحرين، ونظرة الحكام لمنظور التعايش ما بين الأديان، كما منح الهندوس ترخيصهم لأول معبد العام 1817، ومأتم العجم الكبير العام 1882، وأول كنيسة مسيحية العام 1892، وأول معبد يهودي العام 1931، وبمبادئ جاءت من آل خليفة من الزبارة، تقوم على التسامح الديني، والتعايش المذهبي بين الجميع، يضاف إليها أيضًا الجوامع السنية، والمساجد”.

وتابع الشيخ خالد “هنالك أيضا، التنظيم الذي رعته الحكومة منذ البدايات، والتي ترعى وتنظم وتحمي كل هذه الشعائر المقدسة، منها تنظيم المواكب الحسينية، والتي لم يُسمح لها بذاك الوقت بالكثير من الدول العربية، منها دول تحتضن أعدادا كبيرة من الشيعة، والحماية هنا لم تشمل المواكب والطقوس فقط، بل دور العبادة، والتي سمحت القوانين ونظمت بوجودها، لكي تمارس حرية الشعائر بحرية تامة، وبصورة تعكس مبادئ آل خليفة بتعزيز مبادئ التعايش السلمي”.

وأردف “عندما أتى جلالة الملك بمشروعه الإصلاحي، ومن بعد بمركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي، بنيت هذه الفكرة على أساس رصين وقوي وتاريخي، سيضع البحرين مكانتها المستحقة كمنارة للعالم ككل، ونحن بواقع الأمر نختلف كثيرا عن دول غيرنا، فأنشئ المعبد اليهودي لأن هناك يهودا بالبحرين، وأنشئت كنيسة بالبحرين لأن هنالك مسيحا بالبحرين، وهكذا، في حين أن تختلق الوقائع، ومنها دولة أعلنت مؤخرًا عن التوجه لبناء أكبر كنيسة بالشرق الأوسط، لكن من دون مسيحيين تحتضنهم أراضيها، وعليه فنحن بعيدون عن هذه الفبركات، وتأسيسنا للأمور يكون دائمًا على خلفيات صحيحة”.

الأساس بالميثاق

وواصل  “الحريات التي ضمنها مشروع ميثاق العمل الوطني، وصوت عليها شعب البحرين بالإجماع، تؤكد الاتفاق على هذه المقومات التي من ضمنها الحريات الدينية والتعايش المذهبي، ولهذا يجسد الميثاق القاعدة الرئيسة التي نرتكز عليها، والذي أكد من خلال تصويت الشعب هذه الحريات، وبوضع يعكس الحال الطبيعي للمجتمع البحريني”.

وقال “كما أن هنالك مبادرات عاهل البلاد في التعايش الديني والتسامح، إذ أكدت مملكة البحرين للجمعية العام للأمم المتحدة تسمية العام 2001 عاما للحوار بين الحضارات، واعتماد عام خاص بذلك، وفي 2005 استضافت البحرين مؤتمر الفكر العربي ومقرة الأردن، بعنوان (الوسطية بين التنظير والتطبيق)، وأيضًا تنظيمها منتدى الحوار بين الحضارات، ومشاركة جلالة الملك باجتماع رفيع المستوى بالجمعية العامة للأمم المتحدة، واحتضانها كذلك في العام 2016 اجتماع صيام من أجل السلام، وتأسيس كرسي الملك حمد لتدريس الحوار والسلام والتفاهم بين الأديان بمدينة “لاسبينزا” بإيطاليا، وإعلان تأسيس مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان، والتعايش السلمي بلوس أنجلوس، وغيرها الكثير...”.

وتابع الشيخ خالد “يمثل تأسيس مركز الملك حمد الجامعي للحوار، وثيقة تلتزم بتعزيز الحرية الدينية للجميع بروح من الاحترام المتبادل والمحبة المؤدية للتعايش السلمي والقضاء على التطرف، على غرار فلسفة القيادة الرشيدة لجلالة الملك، ومن المهم الإشارة لريادة وتميز البحرين بمشروع إنشاء المركز، وبمبادرة تؤكد أن البحرين أصبحت مركزا عالميًا للاجتماعات والحوارات والمؤتمرات المتعلقة بتحقيق السلام والوئام بين جميع الأديان، والقضاء على الإرهاب، والتطرف، خصوصا بين الشباب.

مشاريع ملكية فريدة

من جهتها، رحبت الأمين العام لاتحاد الجاليات بالبحرين بيتسي ماثيسون بالحضور، قائلة “ممتنون لاهتمام ورعاية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لهذه المبادرات، كما أشكر الجمعيات كافة على تواجدهم اليوم، وأشكر القادة والأعضاء للمدارس كافة، آسيا، البريطانية، العلوم التطبيقية، هذا الأمر يعد ركيزة أساسية للتنوع بين التعليم، ويستعرض أمرا مهما على مدى عقود طويلة، يقوم على احترام الأديان، وتعزيز التعايش فيما بينها”.

وقالت “قمنا اليوم بعرض المشاريع الثلاثة الفريدة لجلالة الملك، والنادرة عالميًا، والتي تعكس فلسلفة جلالة، منها الافتتاح الرسمي لوثيقة مملكة البحرين، التي أشارت إلى أن الجهل هو عدو السلام، وأن علينا أن نتعايش فيما بيننا، وعليه نبدأ هذا الصباح بعقول وقلوب مفتوحة على هذه المبادرة، التي لم تأت بمحض الصدفة، وإنما من قبل جمعية هذه البحرين”. وأضافت ماثيسون “بدأت هذه المبادرة، منها مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان، والتعايش السلمي، وكرسي الملك حمد بجامعة لاسبينزا بإيطاليا التي امتنت لهذه المبادرة الهادفة لتدريس التعايش السلمي بين الطلبة، مع الإشارة هنا إلى أن العديد من الجامعات حول العالم، كانت تطمح للحصول على هذا المقعد، لتوفير هذا الفكر المستنير”.

جوهرة التاج

وأكملت “مركز الملك حمد سيكون الركيزة الأساس لهذا الفكر النهضوي، وإعلانا لوثيقة السلام بين مختلف الأشخاص حول العالم، ولم يود جلالته أن تكون هذه مجرد وثيقة، وإنما وسيلة لنشر المحبة والسلام بين مختلف الأديان بين العالم، وكذلك لتعزيز المسؤوليات، ورفض الحقد والكراهية، وتعزيز للتعايش السلمي. إن تأسيس هذا المركز الذي كان في مدينة لوس أنجلوس الأميركية، ومن خلال سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، لهو أقرب لرحلة البداية لكل أنحاء العالم، لنشر فكر جلالته ومبادرتين ملكيتين شجاعتين، والثالثة - وهي المركز - تعتبر الجوهرة بالتاج الملكي، والرؤية الملكية، التي لا تنحصر بالمركز فقط، وإنما بمعرض شامل ومتنوع لمختلف حضارات العالم ومركز عالمي للدراسات وتبادل الثقافات بين الشعوب”.

وقالت ماثيسون “إن مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي، سوف يكون مركزا للقادة للتعريف عن التعايش السلمي في البحرين، وسيكون الافتتاح الرسمي له بقاعة مركز عيسى الثقافي 14 مارس المقبل”.