ورجعنا لكم في مقالة مستلهمة من حديث الأسواق المحلية، وفي الحقيقة إن فكرة المقالة ليست بالعنوان البسيط الذي يمكن حشوه في مقالة مختصره تصل بشكل جيد للمتابع المهتم في الاستثمار البحريني، ولكن نظرا لتواتر الأحداث الاقتصادية المحلية التي تشكل منعطفا جديدا في الأسواق، خصوصا مع طرح فكرة الاستحواذ التجاري على بعض الشركات البحرينية مؤخرا، قد طرحت الكثير من الأسئلة في الجوار.
والحقيقة أن مملكة البحرين كانت رائدة جدا في الاستحواذات والاندماجات المصرفية، والتي كانت برعاية بنك البحرين المركزي، الذي رفع مؤخرا حصص البنوك المالية عبر حوكمة المصارف المحلية لتبوئها مكانة عالية عالمية لتنافس أكبر المجمعات المالية سيولة وتمويل، في المقابل لم نشهد أي تنظيم قانوني أو تجاري أو رعاية حكومية لاندماج الشركات أو تعثر الشركات سوى لجنة فض المنازعات أو لجنة تعثر المشاريع، التي لا تختص بتنظيم السوق البحرينية الصغيرة ذات الشركات العائلية المعروفة والتي عددها يعد على أصابع اليد، ومن هنا ومن المنطقي جدا أن تترك هذه الأمور لدهاء التاجر البحريني، وكما نقول في لغة السوق (هوامير السوق)؛ لتحديد ما هو مستقبل هذه الشركات، إذ شهدنا مؤخرا خسارة كبيرة من القيمة السوقية لمعظم الشركات البحرينية في البورصة المحلية ما عدا المساهمة الحكومية منها، وهو الأمر الذي يفتح باب الكثير من الأسئلة لماذا تخسر الشركات المحلية بالرغم من امتلاكها واحتكارها للعديد من المشروعات في القطاعات الحيوية خصوصا بعد طرحها للاكتتاب التجاري وجعل أموال المواطنين شريك أساسي لدفع عملية بناء تلك الشركات الوطنية لتحمل أكبر حس للمسؤولية المجتمعية قبل النظر إلى التكسب المالي السريع عبر التوسع الاستثماري من بعد عمليات الاكتتاب التجاري.
ومع تسليط صحيفة “البلاد” الضوء على الكثير من الملفات الساخنة التجارية وبث الآراء القانونية بشأن ذلك، إلا أنه على ما يبدو من الصعب جدا معرفة لماذا لا تحال إجباريا الشركات المفلسة في نظام البورصة للتفكيك والبيع، ولماذا لا تربح الشركات المحلية لسنين طويلة برغم ربحها الكثير من المناقصات والدعم الحكومي وحتى أموال صندوق السيولة مثل المثل المحلي (بطتنا بطت بطتكم، بتقدر بطتكم تبط بطتنا مثل ما بطتنا بطت بطتكم) وهكذا، ولله عاقبة الأمور!
وتبقى تلك الأسئلة مفتوحة حتى نتعلم ما تعلمته في الجامعة في أول فصل من مادة (اقتصاد 101)، من أن الأخلاقيات التجارية تأتي في المقام الأول قبل الربح والخسارة، وأن القبول المجتمعي للشركات المحلية كشريك أساسي هو من يصنع أعظم ثرائها، وإن تغير ذلك فإنه قد لا يبشر بحسن عواقب الأمور!
* سيدة أعمال ومحللة اقتصادية