التنسيق بين الدول العربية:
لقد جاء انتخاب البحرين لهذه العضوية غير الدائمة بعد انتهاء عضوية مصر الدولة العربية الإفريقية في المجلس (1996 – 1997). وجرت العادة على أن يكون هناك تنسيق بين الدولتين العربيتين المنتخبة حديثًا والمنتهية عضويتها، بحيث يتم تبادل الآراء ونقل الخبرات بينهما. وكانت تلك إحدى أولى الخطوات التي اتبعتها البعثة الدائمة لمملكة البحرين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، استعدادًا لتولي مهمتها في مجلس الأمن.
يشار إلى أن الدول العربية التي تنتخب لعضوية مجلس الأمن غير الدائمة تمثل المجموعة العربية سياسيا، ولهذا تبرز الحاجة للتنسيق الدائم بين الدول العربية. ومن هنا، وقبل بدء عضوية البحرين في المجلس عُقد لقاءٌ تنسيقي في مقر البعثة المصرية لدى الأمم المتحدة بين الوفدين البحريني برئاسة السفير جاسم محمد بوعلاي المندوب الدائم للبحرين لدى الأمم المتحدة، والمصري برئاسة السفير الدكتور نبيل العربي المندوب الدائم لمصر آنذاك، حيث قدّم الوفد المصري في هذا اللقاء حصيلة تجربته في المجلس للوفد الدائم للبحرين، وهو أمر ساعد دون شك في تسهيل مهمة الوفد الدائم.
ولا يقتصر التنسيق العربي على ذلك فحسب، بل يمتد طيلة مدة العضوية، إذ يقوم العضو العربي في مجلس الأمن بتقديم إحاطات للمجموعة العربية في الأمم المتحدة بشأن ما يجري طرحه في مجلس الأمن بشكل دائم. وتقوم المجموعة العربية في الأمم المتحدة بتنسيق المواقف من القضايا العربية الأساسية، لا سيما القضية الفلسطينية. وغالبًا ما يطلب مجلس جامعة الدول العربية، على مستوى وزراء الخارجية، من المجموعة العربية في نيويورك التحرك لطرح موضوع معين في مجلس الأمن، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك. وبناءً على ذلك تجتمع المجموعة العربية في نيويورك للتنسيق حول التحرك الدبلوماسي الأنسب في المجلس الذي توكل للعضو العربي في المجلس مهمة القيام به.
انتخاب البحرين في مرحلة بالغة الحساسية:
جاء انتخاب البحرين للعضوية غير الدائمة للمجلس (1998 - 1999) في وقت بالغ الحساسية من تاريخ العلاقات الدولية، إذ تزامنت العضوية مع مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة التي أنتجت تحديات جديدة وقضايا دولية متنوعة لم يألفها مجلس الأمن من قبل، مثل الصراعات الداخلية التي وقعت في عدد من الدول المستقلة حديثًا.
ومن القضايا المهمة التي برزت على الساحة الدولية واستحوذت على اهتمام المجلس آنذاك مسألة العراق والكويت (تداعيات احتلال العراق لدولة الكويت الشقيقة)، وقضية لوكربي (بين ليبيا وكل من بريطانيا والولايات المتحدة)، والحالة في إفريقيا التي كانت تعاني من العديد من الصراعات الداخلية، بالإضافة إلى الوضع في الشرق الأوسط، لاسيما في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث زادت وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في ذلك الوقت، وكان هناك أيضًا الوضع في جنوب لبنان، حيث كان الجنوب آنذاك محتلا من قبل إسرائيل. وكانت الصومال أيضًا تعيش حربًا أهلية طاحنة، وكان على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفًا من هذا النزاع الداخلي.
الانسجام والتعاون بين البعثة الدائمة والوزارة:
استعدادًا للمهمة الكبيرة في مجلس الأمن، قامت وزارة الخارجية بتعزيز البعثة الدائمة للبحرين لدى الأمم المتحدة بزيادة عدد أفرادها، بزيادة عدد أفرادها ليصل إلى سبعة دبلوماسيين، بمن فيهم المندوب الدائم السفير جاسم بوعلاي. وقد تم توزيع المهام المتشعبة على أعضاء البعثة الدائمة على النحو التالي: دبلوماسيان للمسائل العربية، ودبلوماسيان آخران للجان العقوبات، ودبلوماسيان للقضايا الإفريقية باستثناء العربية منها. أما الشؤون الآسيوية فكانت من مسؤولية أحد الدبلوماسيين المعنيين بلجان العقوبات، فيما تولى أحد الدبلوماسيين المعنيين بالقضايا العربية المسؤولية عن الشؤون الأوروبية وشؤون الأميركتين.
ومن أجل تحقيق أعلى قدر من التنسيق والانسجام بين البعثة الدائمة ووزارة الخارجية، تم إنشاء فريق متابعة دائم في وزارة الخارجية برئاسة السفير كريم إبراهيم الشَكَر وكيل وزارة الخارجية الأسبق للشؤون الدولية رحمه الله الذي كان حينها مديرًا للإدارة الدولية (إدارة المنظمات حاليًّا)، ويساعده مجموعة من الدبلوماسيين المخضرمين إلى جانب بعض الدبلوماسيين الجدد وقتها. وقد ساهم إنشاء هذا الفريق كثيرا في تسهيل مهمة البعثة الدائمة التي أثبتت رغم صغر حجمها وقلة عدد أعضائها جدارتها العالية، وكانت مساهمتها في أعمال المجلس جيدة، وأصبحت محل تقدير كثير من الوفود التي عبرت عن إعجابها بعمل فريق البعثة الدائمة في مجلس الأمن، وقد تجلى ذلك في كثير من رسائل الشكر والتقدير التي تلقتها البعثة الدائمة عقب انتهاء عضوية البحرين في مجلس الأمن.