العدد 6061
الإثنين 19 مايو 2025
banner
توطين صناعة الذكاء الاصطناعي في البحرين
الإثنين 19 مايو 2025

 إلى جانب ذلك، تعمل البحرين على تطوير منظومة تشريعية متوازنة تشجع الابتكار وتضمن الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي؛ ففي أبريل 2024، تم اقتراح قانون مستقل للذكاء الاصطناعي، والذي سيكون أول تشريع خاص بالذكاء الاصطناعي في المنطقة يفرض غرامات إدارية على عدم الامتثال، وبالإضافة إلى التشريعات الرسمية، وضعت البحرين مبادئ توجيهية أخلاقية لتطوير ونشر الذكاء الاصطناعي، تؤكد على الشفافية والعدالة والمساءلة وحماية الخصوصية؛ هذه المبادرات تعكس التزام المملكة ببناء بيئة تنظيمية داعمة للابتكار ومسؤولة في آن واحد، 
ربما يكون من أهم المبادرات ذات الصلة بمجال الذكاء الاصطناعي التي أطلقتها مملكة البحرين مؤخرًا هي تدريب 50 ألف بحريني في هذا المجال بحلول عام 2030، وهنا نحن نتحدث عن 10 آلاف بحريني سنويًّا، وربما هذا يضمن لنا ليس الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي فقط، بل توطين هذه الصناعة في البحرين من خلال كوادر وطنية قادرة على قيادة التطوير في المجال.
في الواقع لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مفهوم نظري، بل أصبح حجر الزاوية في الاقتصاد البحريني التقدمي، ومحركًا أساسًا لتحقيق الكفاءة والابتكار في مختلف القطاعات، وقد أصبح الذكاء الاصطناعي مكونًا أساسًا في بناء اقتصاد بحريني متطور وقادر على المنافسة عالميًا؛ فالبحرين، وقد شهدَ لقطاع الأعمال في البحرين تحولًا ملحوظًا بفضل تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث بدأت الشركات في مختلف الصناعات تدرك الإمكانات الهائلة لهذه التقنية في أتمتة المهام، واستخلاص رؤى قيمة من البيانات، وتحسين تجارب العملاء، ودفع عجلة الابتكار.
 ويأتي القطاع المالي في طليعة هذه القطاعات، حيث تقوم البنوك والمؤسسات المالية بتطبيق الذكاء الاصطناعي في تقييم المخاطر، واكتشاف الاحتيال، والتداول الخوارزمي، وتقديم خدمات عملاء مخصصة، وفي القطاع العام أيضًا، يتم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحويل عملية تقديم الخدمات واتخاذ القرارات؛ فمن معالجة المستندات الذكية إلى الصيانة التنبؤية للبنية التحتية، تعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي على تبسيط العمليات الحكومية وتحسين تجارب المواطنين. 
ولقد بدأت الاستثمارات في النظام الإيكولوجي للذكاء الاصطناعي في البحرين تشهد نموًا ملحوظًا، مدفوعة بالمبادرات الحكومية ورأس المال الخاص، وإن تركيز الحكومة على الذكاء الاصطناعي كمكون رئيس في استراتيجيتها للتحول الرقمي قد جذب استثمارات كبيرة في البنية التحتية والبحث والتطوير؛ ففي مارس 2023، استقطبت البحرين أكثر من 130 مليون دولار أميركي من الاستثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات، والتي تهدف إلى خلق أكثر من 900 وظيفة جديدة في العام التالي، ومن المتوقع أن يشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات نموًا بنسبة 35 % في التوظيف الوطني بحلول عام 2027.
وهنا نتطرق إلى نقطة جوهرية؛ ففي ظل التوسع المتزايد في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال، تبرز الحاجة الملحة لتعزيز تدابير الأمن السيبراني لحماية الشركات والمؤسسات من المخاطر المحتملة عند دمج لتطبيقات الذكاء الاصطناعي بأعمالها، فلماذا لا نستخدمه أيضًا لتعزيز الأمن السيبراني نفسه؟!
في نهاية المطاف، فإن مستقبل قطاع الأعمال في البحرين يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرته على تبني الذكاء الاصطناعي ودمجه في صميم عملياته؛ فالشركات التي تدرك أهمية هذه التقنية وتسارع إلى تبنيها ستكون في وضع أفضل لتحقيق النجاح والتميز في عالم الأعمال المتغير باستمرار، وإنني على ثقة بأن مملكة البحرين، بفضل رؤيتها الطموحة وجهودها المتواصلة، ستواصل مسيرتها نحو الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي وستحقق كامل إمكاناتها في بناء اقتصاد مزدهر ومستدام.

 

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .