العدد 6059
السبت 17 مايو 2025
banner
الطلاق العاطفي.. أم الكوارث الاجتماعية!
السبت 17 مايو 2025

لا شك أن التطورات الحديثة أدت إلى متغيرات كثيرة وغريبة في نمط حياتنا، حيث ظهرت تصرفات وممارسات لم تكن موجودة في السابق، فاليوم نتطرق إلى ما يمكن أن نسميه ونطلق عليه (الطلاق العاطفي) كمصطلح جديد بدأ يظهر على السطح، وهو يعني حالة الانفصال بين الزوجين لكن بطريقة مختلفة تمامًا، حيث يعيش الطرفان في بيت واحد لكن لا تربط بينهما علاقة الزواج الحقيقية المتمثلة في المودة والسكينة والاستقرار العاطفي والنفسي والمعنوي، ككل علاقة زواج شرعها الله سبحانه وتعالى، “وجعل بينكم مودة ورحمة”.

الطلاق العاطفي يعني أن العلاقة بين الزوجين مجرد واجب اجتماعي أو أسري، وربما يتساءل القارئ الكريم عن الأسباب التي تؤدي لحالة الطلاق العاطفي، السبب الحقيقي الذي لا نعترف به في الغالب هو التراكمات الطويلة من المشاكل والاختلافات في وجهات النظر التي تتطور يومًا بعد آخر، فتتحول إلى حائط كبير بين الزوجين فتنعدم الرؤية تمامًا بسبب تجاهل الحلول والتفاهم بين الطرفين، كل واحد منهم يريد الطرف الآخر أن يعتذر أو أن يقدم فروض الطاعة والولاء لهذه العلاقة.

وهناك أسباب يمكن علاجها لكن التعنت بين الطرفين يحول دون ذلك، مثل عدم القدرة على التعبير عن المشاعر والأفكار بين الزوجين، ما يمكن أن يؤدي إلى انفصال عاطفي، أيضًا الخيانة الزوجية يمكن أن تسبب جرحًا عميقًا يصعب شفاؤه، وهناك الضغوطات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تؤثر على العلاقة الزوجية، ثم يأتي الروتين اليومي وعدم وجود تجديد في العلاقة، هذه كلها أسباب تؤدي إلى فقدان الحماس والاهتمام بين الزوجين، وبالتالي الوصول إلى مرحلة الطلاق العاطفي.

بكل تأكيد، إن الأضرار حيال الطلاق العاطفي كبيرة ومؤثرة جدًّا للطرفين، فهي تؤدي إلى الشعور بالوحدة والاكتئاب والقلق لدى الزوجين، وتؤثر بشكل أو بآخر على العلاقات الاجتماعية للأفراد وتؤدي إلى انعزالهم، والأخطر من ذلك هو التأثير على الأطفال الذي يسبب لهم مشاكل نفسية خطيرة بسبب شعورهم بالضياع وفقدان الأمن النفسي الناتج عن العلاقة غير الطبيعية بين الوالدين، وهناك مشاكل صحية مثل اضطرابات النوم وارتفاع ضغط الدم.

إذا استمر الزوجان في حالة الطلاق العاطفي فستكون النتيجة في نهاية الأمر خطرة جدًّا على الجميع، لأن التراكمات من شأنها أن تنقل المشاعر إلى حالة عدائية بين الطرفين، وتصعب معها معالجة الموضوع، أعتقد أنه إذا كان أحدهما عاقلًا ويفكّر بموضوعية يمكن أن يخرجا من هذه الدائرة المفرغة، وأن تستمر حياتهما الزوجية، ومن هنا فإن المطلوب من الزوجين العمل على حل كل الإشكالات الصغيرة أولًا بأول حتى لا تتراكم، وذلك من خلال التواصل الفعال والتجديد في العلاقة، وهذا يتطلب تغيير النمط السائد مثل زيادة الطلعات معا للتنزه أو التسوق أو حضور فعاليات ترفيهية وغنائية ومشاركة الأصدقاء مناسباتهم والاستشارة الأسرية من خلال مقابلة المختصين بين فترة وأخرى، فالحفاظ على المودة بينهما يجنب الوقوع في هذا النوع من الطلاق العاطفي ومن أجل علاقة زوجية صحية وسعيدة.

 

كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .