العدد 6058
الجمعة 16 مايو 2025
banner
سؤال عن الصحافي الافتراضي “عبدالله”
الجمعة 16 مايو 2025

لعلي أكون آخر من كتب عن قانون الصحافة، وبشيء من التردد، حيث فضّلت أن أفسح المجال أمام الجميع، بمن فيهم أساتذتي من الصحافيين الكبار، لأتعلم وأدرس وأحلل نتائج هذا المشروع الضخم بهدوء. مشروع طال انتظاره، وحرمت الصحافة البحرينية من ثمار تأخر ولادته، رغم أننا لا ننكر أن هذه الصحافة العريقة حظيت برعاية كافية حتى صدور القانون.

ولتسهيل الطرح، لا بد من التذكير بأن أي مشروع قانون يُبنى على احتياج حقيقي، وهو من أبجديات العمل التشريعي. هذا المشروع جاء لتنظيم العمل الصحافي وترتيب موضوعات الدعاية والإعلان، وهو الميدان الذي كان يُمثل “محراب” السلطة الرابعة في البحرين. غير أن هذا النفوذ تراجع أمام الحسابات التفاعلية على وسائل التواصل الاجتماعي، التي استولت على جزء من الحضور الاجتماعي والإيرادات المالية دون رقابة أو تنظيم، ما أدى إلى تراجع دخل المؤسسات الصحفية.

حين تم إعلان ولادة المشروع في جلسة استثنائية، عشنا أسبوعًا كاملاً نترقب خروجه كاملاً من رحم لجنة الخدمات بمجلس النواب. ومع تقديرنا لجهود اللجنة، إلا أن تواضع الخبرة البرلمانية لدى رئاستها ساهم في سقوط المادة (90) مكرر.

ولأني أُحلل المشهد من منظور اقتصادي ومالي، لا يمكنني كناقدة إلا أن أصفه بمعطياته الواقعية. فكيف لمشروع بهذا الثقل أن يُناقش بعيدًا عن اللجنة المالية أو اللجنة التشريعية، أو حتى لجنة مشتركة بينهما؟ لا سيما أن محدودية خبرة لجنة الخدمات أدت إلى تعثر المادة وسقوطها بيد رئيس اللجنة التشريعية.

النجاح الكبير الذي حققته اللجنة المالية، برئاسة النائب أحمد السلوم وأعضائها خلال دور الانعقاد الثالث، يجعلنا نؤمن بأن الأمور كانت ستؤول إلى نتائج مختلفة لو كان مشروع قانون الصحافة قد خضع لدراستهم، أسوةً بقوانين ذات طبيعة خدماتية مثل قانون أعالي البحار والمحيطات وقانون المواصفات والمقاييس، والتي كانت تجاربها ناجحة.

وأعتذر مرة أخرى عن صراحتي، لكنني أؤمن بأن المؤسسات الصحفية البحرينية قادرة، تحت مظلة القانون، على المنافسة والتطور واستعادة مكانة السلطة الرابعة، عبر التأثير والانتشار، وسحب البساط من وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي. ولعل مبادرة صحيفة البلاد بإطلاق الصحفي الافتراضي “عبدالله” مثال حي على ذلك، حيث أعادت التنافس المؤسسي أمام الحسابات الفردية، وأكدت أهمية التوسع والشراكة الاجتماعية في مباراة عادلة.

ويبقى الأمل في ولادة قانون آخر ينظم وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، نشارك فيه نحن عشاق الصحافة البحرينية بأفكار جديدة، حتى يحين ذلك الوقت.

** سيدة أعمال بحرينية ومحللة اقتصادية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية