سؤال يتبادر في ذهن كل شاب عند التخرج من المرحلة الجامعية، ويشكّل هاجسًا مرعبًا للأجيال في العصر الحالي، إلا أنه من المنطقي طرح هذا النوع من الأسئلة، فبعد قضاء سنوات في الجامعة والاعتياد على الروتين الجامعي والانشغال بالدراسة يحين وقت الصعود على المسرح واستلام شهادة التخرج، مع تصفيق من الجمهور وهتافات العائلة والأصدقاء وتشجيع الزملاء يُدرك الطالب في تلك اللحظة أن حياته لم تعد محصورة بين جدران الجامعة، فيسأل نفسه ماذا بعد هذه اللحظة المنتظرة؟
تتسارع المخاوف التي تلقي بنفسها على الطلبة حديثي التخرج، كالخوف من البطالة والقلق على المستقبل، ولا شك في أن مرحلة ما بعد التخرج هي من أكثر المراحل تحدّيًا في حياة الطلبة، لكن يمكننا أن نُطَمئن الجيل القادم بأن المستقبل مشرق وأن المرء يصنع فرصه بنفسه ويحقق أمانيه بيديه. للإجابة على سؤال “ماذا بعد؟” لابد من بيان بعض الأمور التي يجب أن تكون نصب عيني الشباب حديثي التخرج لتيسر المرحلة القادمة عليهم، أولًا يجدر علينا تأكيد أن الوظيفة الأولى التي يعمل بها الشاب حين تخرجه ليست الوظيفة التي سيستقر عليها بقية حياته، لأنها تعد وسيلة لاكتساب الخبرات والمساعدة على الانخراط في سوق العمل، لكن ذلك ليس مؤشرًا على ديمومة هذه الوظيفة.
ثانيًا ليس من السليم اعتبار الاشتغال في مجال لا يتوافق مع التخصص الجامعي فشلًا، لأنه كما سبق وأن ذكرنا آنفًا أن الوظيفة الأولى ليست إلا مرحلة أولية لاكتساب الخبرات العملية والحياتية.
كما أن العمل في مجال مختلف عن التخصص الجامعي سوف يساعد على توسعة مجال العمل لدى الطالب وسيكسبه خبرات متنوعة تسهل عملية توظيفه في وظائف أخرى.
ثالثًا أهمية توسعة دائرة العلاقات والمحافظة على العلاقات الجامعية المكتسبة لما فيها من الأهمية في هذه المرحلة، بحيث يكون من السهل معرفة الفرص الوظيفية المطروحة في مختلف الجهات.
رابعًا: إن التعلم والمعرفة لا يتوقفان بعد المرحلة الجامعية، إنما تزيد أهمية البحث والتعلم في هذه المرحلة لأن ذلك يعد من مقتضيات سوق العمل تبعًا للتطورات المستمرة التي تشهدها قطاعات مملكة البحرين، ما يتطلب استمرارية البحث العلمي والتعلم لمواكبة هذه التنمية، وبالتالي القدرة على رفع الإنتاجية المهنية.
خامسًا: في هذا العصر أصبحت السيرة الذاتية لا تقتصر على ما نقدمه لجهة العمل على ورقة مكتوبة، إنما أصبح الأمر يتطلب أكثر من ذلك، اليوم أصبح من المهم الانخراط في المجال الإعلامي وصنع سيرة ذاتية حديثة في برامج التواصل الاجتماعي أو في (LinkedIn)، لأنه للحصول على نتائج فعالة وغير مسبوقة لابد من سلك طرق استثنائية تتطلب المخاطرة واغتنام الفرص.
أما بعد هذه المرحلة يحين وقت الجد والاجتهاد، فهذه هي النقطة الفاصلة بين المسيرة الجامعية والمسيرة المهنية للطالب، آرثر تشارلز كلارك قال “الطريقة الوحيدة لاكتشاف حدود الممكن هي أن نتجاوزها إلى المستحيل”.
*كاتبة بحرينية