التحكيم هو اتفاق من خلاله تقوم الأطراف بالتعبير عن إرادتها بالتراضي على اختيار التحكيم كوسيلة بديلة لتسوية المنازعات التي ثارت أو قد تثور في المستقبل، ويجوز أن يكون طرفًا التحكيم من أشخاص القانون الخاص أو القانون العام، وقد يتعددون – أي حالة تعدد جانبي النزاع – وبالتالي يتجسّد التحكيم في كونه نظامًا قانونيًّا يمكن أن تختاره الأطراف كبديل عن القضاء.
 ثم يتم تشكيل هيئة تحكيمية بناءً على اختيار الأفراد، ولهم حرية اختيار العدد إلا أنه لابد أن يكون وتريًّا لإمكانية إنشاء أغلبية مقابل أقلية. ومن حيث الموضوع يقتصر شرط التحكيم على المسائل المالية والتجارية، بحيث لا يجوز أن يكون محل التحكيم المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية أو النظام العام أو العقود الإدارية لما فيها من خصوصية. أما إجراءات التحكيم فتحكمها قواعد قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لسنة 1985، وذلك مراعاة لخصوصية هذا النظام لتسوية المنازعات، وتسري هذه القواعد في مملكة البحرين، وذلك بعد أن صادق جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم على القانون رقم (9) لسنة 2015. 
إن التحكيم وسيلة ذات فعالية خصوصًا للقضايا التجارية، فالفصل في الدعاوى أمام التحكيم يكون أسرع، بالإضافة إلى ميزة تمتع أطراف الدعوى التحكيمية بالحرية في اختيار الهيئة التي تكون مسؤولة عن حسم النزاع. إن اللجوء لطريق التحكيم أمر في غاية الإيجابية، لاسيما أن المحاكم مكتظة بالقضايا، ما يشكّل حافزًا للتجار والمهنيين والقانونيين للتوجه نحو التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات.
رغم هذه المزايا إلا أننا نستشعر وجود تحفظ من قبل أصحاب الأعمال والقانونيين في اختيار التحكيم كبديل عن القضاء العادي، وذلك بحكم أن التحكيم كوسيلة لفض المنازعات تعتبر حديثة نسبيًّا مقارنة بالقضاء. ولكن في المستقبل القريب سنشهد طفرة إيجابية في مجال التحكيم نظرًا للجهود المبذولة لتعزيز ثقافة التحكيم كوسيلة أساسية لحل النزاعات.
ففي مملكة البحرين نجد العديد من المراكز المهتمة بالتحكيم والتوعية القانونية المتعلقة بهذا المجال، منها مركز التحكيم والوساطة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات، ومركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومركز التحكيم التجاري الخليجي.
إن المؤتمرات والندوات والورش التدريبية أمور لابد منها لغرس ثقافة جديدة في المجتمعات، فالتوعية السليمة أولى خطوات التطور، وجهود هذه المراكز وغيرها من الجهات واضحة وتستحق التقدير.

كاتبة بحرينية