في خضم التحولات الإقليمية والدولية التي يشهدها القطاع السياحي، استطاعت مملكة البحرين، خلال الأعوام القليلة الماضية، أن تنتقل بخطى واثقة من خانة المشاركة إلى صدارة الريادة. ذلك الانتقال لم يكن وليد الصدفة أو نتاج مبادرات متفرقة، بل جاء ثمرة رؤية ملكية شاملة، ودعم حكومي مدروس، وعمل تنفيذي دؤوب يتم تنفيذه باحترافية واقتدار.
لقد وضعت لنا الرؤية الشاملة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، اللبنات الأولى لمسار سياحي طموح، حيث أكدت الرؤية السامية أن قطاع السياحة ركيزة تنموية وثقافية واقتصادية، تستند إلى ثروة تاريخية وإنسانية عميقة.
وتجلّى هذا التوجه الاستراتيجي بوضوح في البرنامج الحكومي بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، حيث أُدرجت السياحة ضمن أولويات التنويع الاقتصادي، وتم اعتماد خطة وطنية للسياحة 2022 - 2026 تهدف إلى مضاعفة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي، واستقطاب 14.1 مليون زائر بحلول 2026.
وفي هذا السياق، برز دور وزارة السياحة، بقيادة فاطمة بنت جعفر الصيرفي، التي أظهرت خلال السنوات الأخيرة أداءً استثنائيًا تمثل في نقلة نوعية بالقطاع، لم تقتصر على المؤشرات والأرقام، بل امتدت لتشمل الهوية والتوجه والشراكات الدولية والطرح الإبداعي في إدارة السياحة الحديثة.
فبحسب البيانات الرسمية، التي نشرتها هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، فإن البحرين استقبلت خلال العام 2024 أعلى عدد سياح في تاريخها، الذي بلغ 14 مليونًا و881 ألفًا و607 سياح، بارتفاع قدره 19.94 % مقارنة بالعام 2023، مما يؤكد نجاح استراتيجية الوزارة في تنويع الأسواق، وتكثيف الحملات الدولية، وترسيخ البحرين كوجهة جاذبة للعائلة والسياحة الثقافية والفعاليات الكبرى. كما ساهم هذا الزخم في رفع إيرادات القطاع، معززة بذلك مكانة البحرين كمركز إقليمي للسياحة المستدامة.
ويُحسب للوزيرة الصيرفي أيضا قدرتها على ترجمة الرؤية الوطنية إلى آليات تنفيذية واضحة، تجمع بين الترويج الذكي، والتحفيز الاستثماري، واستقطاب الشراكات النوعية، وخاصة في قطاع المعارض والمؤتمرات الذي يُعد من أبرز الروافد السياحية الحديثة، حيث أطلقت الوزارة مجموعة من المبادرات الرائدة بالشراكة مع “البحرين للسياحة والمعارض” ومؤسسات دولية، في إطار خطة متكاملة لتعزيز السياحة التجارية والفعاليات الدولية.
كما لعبت الوزيرة دورًا محوريًا في تحسين الصورة الذهنية للسياحة البحرينية عالميًا، من خلال الدبلوماسية السياحية النشطة، والتواجد الفاعل في المحافل العالمية، وفتح قنوات جديدة للاستثمار السياحي، فضلًا عن تطوير البنية التحتية ودعم الكوادر الوطنية.
إن قصة نجاح وزارة السياحة البحرينية في هذا العهد المتجدد، هي قصة قيادة تؤمن بالتحول الذكي، وتُجيد بناء الجسور بين الإرث والانفتاح، بين القيم والرؤية المستقبلية. وهي في جوهرها، قصة وطن يكتب من خلال أجنحة السياحة فصلا جديدا من الازدهار.
إن ما تحقق حتى الآن ليس إلا بداية مسار طويل نحو مزيد من التمكين والتأثير. والآمال كبيرة في أن تتحول البحرين إلى مركز سياحي ومقصد لتنظيم المعارض يُنافس بثقة على الساحة الدولية، ويؤكد مرة أخرى أن الرؤية حين تتكئ على الإرادة، تُصبح واقعًا يُبهر الجميع.