كلنا شهدنا آلاف القصص لضحايا الاستثمارات الوهمية والتي طالت مدخرات المواطنين أو حتى قيام البعض بالاقتراض بمبالغ بنكية لمحاولة التكسب من تلك الفرص، وهي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة بالتأكيد، فما قصة الانخراط السريع في قصص الثراء والاستثمار مؤخرًا!!
يذهب الكثير من المحللين إن معظم ضحايا الاستثمارات الوهمية قد يكونون من فئة الموظفين أو المتقاعدين، وقد يكونون على إحساس بنسبة كبيرة بأنهم قد يقعون فريسة الاحتيال والاستثمار الوهمي ولكن قد يتبادر الأمل في ذهنه ماذا لو أصاب الحظ معي !!!
الافتتاحية السريعة للمقالة والتي أساسها الوضع الحالي، الذي أصبح يجعل من الموظف إنسانًا محرجًا اجتماعيًّا، ورائد الأعمال حتى لو كان سيئ الصيت أو محتالًا بأنه ناجح وإنسان مقبل على الثراء وهو الأمر البعيد كل البعد عن الحقيقة!! إن تسليط الإعلام العربي والخليجي بالذات على رفع نسبة الوعي للتوجه لريادة الأعمال مؤخرًا لإعادة تشكيل الاقتصاد والتكامل الاقتصادي، خلق فجوة فكرية كبيرة وعزوفًا كبيرًا عن القبول بالوظيفة لأبنائنا وبناتنا وجعل من مفهوم الوظيفة مرتبط بالفقر والاحتياج، وريادة الأعمال باب الثراء السريع، لدرجة أن كثيرين من الخريجين الجامعيين والعاطلين عندما يحاوروني شخصيًّا فإنهم يعبرون عن رغبتهم بأن يكونوا رواد أعمال ناجحين وأثرياء وأنهم لا يستطيعون بأن يجعلوا من أنفسهم مرؤوسين!! وفي مقابل الكثيرات أيضًا من أخواتنا المقبلات على الزواج يصرحن لي شخصيًّا بأنهن لن يقبلن بالزواج من موظف ولكن طموحهن الارتباط برواد أعمال على أقل تعبير، وهو ما يعبّر عن كارثة اقتصادية واجتماعية كبيرة قادمة إذا ما تم الالتفات إليها قليلًا، بل إنه في بعض الأحيان صدق أو لا تصدق عزيزي القارئ بأن أكبر وأسرع أبواب الثراء يأتي أولًا من الوظيفة والخبرة التراكمية والملاءة المالية للنجاح في ريادة الأعمال وليس العكس، بل إن أكثر من بدأ طريق ريادة الأعمال مبكرًا بدون أدنى خبرة عملية انتهى به المقام موظفًا حتى آخر أيام عمله!!
ومن هنا أطالب الكثيرين من المعنيين في الدولة بإعادة النظر قليلًا في تلك المؤتمرات وورش العمل التي تضخم من ريادة الأعمال كأنها الملاذ المخملي لأي عاطل وأسهل طرق الثراء والذي جعلت من الكثيرين بصراحة يعزفون عن العمل بل عمقت مشكلة العاطلين أكثر وأكثر التي نواها الإحساس بتدني الوظائف والحرج من العمل والتي هي أساسها نفسي لا أكثر ولا أقل وهو الآفة الحالية التي خلطت المفاهيم جميعها !!
وأخيرًا، هذه الأسطر الحكيمة تكتبها لكم إحدى رائدات الأعمال شخصيًّا وهي إصراري الخاص لتهيئة أولادي تربويًّا وحتى أكاديميًّا لجعلهم موظفين في ظل الظروف الحالية وهو أفضل الخيارات حتى إشعار آخر.
* سيدة أعمال ومحللة إقتصادية