+A
A-

في قاعة الانتظار... فيلم فلسطيني يرصد صراع اللغة والعزلة

في عمل سينمائي يحمل الكثير من الحس الإنساني والبُعد السياسي، يعود المخرج الفلسطيني معتصم طه بفيلم قصير بعنوان "في قاعة الانتظار"، ضمن تظاهرة "سينما الهوية" في مهرجان أفلام السعودية، ليُقدّم صورة شاعرية مشحونة بالأسى والواقعية، من وحي تفاصيل الحياة الفلسطينية اليومية.

قصة الفيلم تدور في فضاء مكاني واحد، داخل قاعة انتظار بمستشفى إسرائيلي، حيث يصطحب الشاب حسين والدته رشيدة، ذات السبعين عامًا، إلى موعدها الطبي. ورغم بساطة الحدث، فإن التوتر يتسلّل عبر الحوارات الصامتة والنظرات القلقة، ليكشف عن فجوة كبيرة بين جيلين، وجدانين، وحتى لغتين.

رشيدة الأرملة الوحيدة، تحاول كسر حاجز الغربة والصمت من خلال تواصلها مع المرضى بلغة عبرية مكسّرة، اكتسبتها من محيط لا يرحم. في المقابل، ينكفئ حسين على نفسه، مستغرقًا في إنجاز بحث جامعي، وكأنّه يبحث عن مخرج عقلي من واقع قاسٍ لم يختره.

الفيلم يُوظف الكوميديا السوداء لتقديم مشهد ساخر وموجع في آن، حيث تنبع المفارقات من تضارب العوالم واللغات والمواقف، وتُفتح تساؤلات حول: هل يمكن للتواصل أن يحدث في مساحة مشوّهة بفعل الاحتلال؟ وهل فقد الفلسطينيون حقهم في العزلة والخصوصية حتى في لحظات المرض؟

تم تصوير الفيلم بأسلوب بصري بسيط لكنه غني، حيث اختار طه الاعتماد على لقطات ثابتة وإضاءة باردة تعكس برودة المكان وحالة الاغتراب، بينما تقود الموسيقى والإيقاع الداخلي الحوار الصامت بين الشخصيتين.

"في قاعة الانتظار" ينجح في تصوير العلاقة المركبة بين الضحية وجلّادها، وبين لغة القهر وأمل التواصل، ضمن عمل فني قصير لكنه عميق التأثير، يستحق التوقف أمامه طويلًا.

معتصم طه مخرج فلسطيني حاصل على البكالوريوس في السينما والتصوير الفوتوغرافي من كلية فيتسو بحيفا. كان طه جزءًا من حركة صناعة الأفلام الفلسطينية التي ركزت على الشباب الفلسطيني البالغ عددهم 48 شابًا وشجعتهم على إنتاج أفلام مع الحفاظ على هويتهم الفنية. أول مشاريع طه السينمائية كان فيلم وثائقي بعنوان "احترق"، ثم انتقل إلى الأفلام الروائية القصيرة بفيلمه الأول في غرفة الانتظار. يعمل طه اليوم على فيلمه الروائي القصير الثاني.