+A
A-

رئيس جمعية الصيادين المحترفين لـ “البلاد”: دعم المخزون السمكي يبدأ بإنزال الأرياف الاصطناعية

  • تدمير موائل الأسماك من أخطر ما واجهته الثروة البحرية في السنوات الأخيرة

  • لوضع خطة طويلة الأمد لإعادة تأهيل البيئة البحرية وحماية الموائل الطبيعية للأسماك

  • لإيجاد بدائل لتكوين بيئة حاضنة وجاذبة لصغار الأسماك 

  • قوة الجمعيات بقربها من الصيادين وصدق تمثيلها لهم

  •  أدعو لتشخيص دقيق للمشكلات الحقيقية لقطاع الصيد

 

أكد رئيس جمعية الصيادين المحترفين إبراهيم البوعينين لـ “البلاد”، أن تدمير موائل الأسماك من أخطر ما واجهته الثروة البحرية في السنوات الأخيرة، إذ تعد خزانات طبيعية لتكاثر الأسماك الصغيرة، مؤكدًا أن القضاء على هذه البيئات البحرية من دون إيجاد بدائل أو خطط واضحة يمثل تهديدًا مباشرًا لاستدامة المخزون السمكي. 

وأضاف البوعينين قائلا “يجب دعم المخزون السمكي من خلال إنزال الأرياف الاصطناعية ومنع الصيادين من إنزال المشدات بجميع أشكالها؛ لأنها لا تزيد من الكتلة السمكية بل إنها تعد أداة جذب واستقطاب وتعمل في تغيير انتشار الكتلة الحيوية السمكية، كما يمكن أن تكون سببًا من أسباب الصيد الجائر”. 

وتابع “كما يجب وضع خطة طويلة الأمد لإعادة تأهيل البيئة البحرية وحماية الموائل الطبيعية للأسماك، وسن تشريعات فعالة وتنفيذها بشكل عادل على الجميع، بما يضمن وقف الممارسات التي تضر بالبحر وثرواته”.

بداية، ما هي أولويات جمعية الصيادين المحترفين؟
تتمحور أولويات جمعية الصيادين المحترفين حول الحفاظ على الثروة السمكية الوطنية، وذلك استجابة للتوجيهات السامية لملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بضرورة حماية الموارد الطبيعية واستدامتها. كما أنها عقيدة راسخة لدى جمعية الصيادين المحترفين بالحفاظ على البيئة البحرية، وهذا لا شك في أنه ينبع من إيمان الصيادين بالحفاظ على بيئة سليمة معافاة. فالصيادون هم أحرص الناس في مسألة الحفاظ على البيئة البحرية لاستمرار الموارد السمكية لهم وللأجيال المقبلة، فالبحر هو مصدر رزقهم الوحيد. 
كما تسعى الجمعية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك في المملكة، عبر تطوير قطاع الصيد البحري وتنميته بما يواكب متطلبات المرحلة، إضافة إلى نشر الوعي البيئي في أوساط مجتمع الصيادين، وتعزيز ثقافة الصيد المسؤول. وقد قدمت الجمعية العديد من المقترحات في هذا الشأن للجهات المختصة. 


وتضع الجمعية في مقدمة أولوياتها الدفاع عن حقوق الصيادين المهنيين، وصون مكتسباتهم، والعمل على تحسين ظروف عملهم، بما يضمن استدامة هذا القطاع الحيوي وارتباطه الوثيق بهوية البحرين وتراثها البحري العريق.

كيف تقرؤون أسباب تدمير البحر؟ وما هي وسائل العلاج؟
شهدنا في السنوات الأخيرة تراجعًا حادًّا في الناتج السمكي نتيجة ارتفاع مستويات جهد الصيد الذي يتركز في منطقة ضيقة ومساحة محدودة بعد تقلص مياه الصيد البحرينية، وهو أمر حذّرت منه جمعية الصيادين المحترفين منذ أكثر من 20 عامًا، مطالبة بضرورة الالتفات إلى مستقبل هذه الثروة البحرية التي أصبحت غير كافية لتلبية احتياجات الأسواق في فترات الشح إلا في بعض مواسم الوفرة. 
ومن أخطر ما واجهته هذه الثروة هو تدمير موائل الأسماك، التي تعد خزانات طبيعية لتكاثر الأسماك الصغيرة، وإن القضاء على هذه البيئات البحرية دون إيجاد بدائل أو خطط واضحة يمثل تهديدًا مباشرًا لاستدامة المخزون السمكي. 
وعليه، ترى الجمعية أنه لابد من أن تتحقق الأمور التالية: يجب دعم المخزون السمكي عبر إنزال الأرياف الاصطناعية، ومنع الصيادين من إنزال المشدات بجميع أشكالها؛ لأنها لا تزيد من الكتلة السمكية بل تعد أداة جذب واستقطاب وتعمل على تغيير انتشار الكتلة الحيوية السمكية، كما يمكن أن تكون سببًا من أسباب الصيد الجائر. إن إنزال الصيادين للمشدات يقود إلى تملك المكان وحرمان الصيادين الآخرين من مناطق الصيد، لذلك يجب أن يكون الإنزال مقتصرًا على الدولة.
وبهذا تكون هذه الأرياف موائل اصطناعية للأسماك وبدائل للموائل البحرية الطبيعية التي تدهورت لأسباب عدة، وقد كانت تعد خزانات متجددة للمخزون السمكي، من دون أن يتم إيجاد بدائل لها لتكوين بيئة حاضنة وجاذبة لصغار الأسماك. وحبّذا لو تكون على مسافة قريبة من كل معالم النهضة العمرانية الراقية والجميلة بالمناطق الساحلية التي تم إنشاء الجزر الاصطناعية بها، والتوسع في إمداد المخزون السمكي بصغار الأسماك، خصوصا الأسماك التي يكون الطلب عليها أكثر، عبر إمداد مواقع الأرياف الاصطناعية (المشدات) الحكومية بالأسماك الصغيرة، ويمكن أن تكون معلمًا سياحيًّا لمحبي الغوص. كما أنه لابد من وضع قوانين رادعة لحماية صغار الأسماك من الصيد وتركها لإكمال دورتها الطبيعية، عبر تغيير وقت حظر صيد الأسماك التجارية من فترة التبويض إلى فترة الحضانة لاستمرار وجود الأمهات البياضة وخلق أجيال جديدة، ومنع الصيد غير المرخص وغير القانوني.

هل ترون عدد جمعيات الصيادين الحالي ظاهرة صحية؟ وكيف؟
نعدها ظاهرة صحية ما دامت تلك الجمعيات تعمل بصدق وإخلاص من أجل خدمة الصيادين والدفاع عن حقوقهم. فالصيادون في البحرين يُعرفون بطيبتهم وأصالتهم، وتجمعهم علاقات أخوّة واحترام متبادل، ليس فقط داخل المملكة بل مع إخوانهم في جميع دول مجلس التعاون الخليجي.
كما أن تاريخ هذه الجمعيات يشهد لها، فقد كان لها دور بارز في إيصال صوت الصيادين للجهات الرسمية، والمطالبة بحقوقهم، والمشاركة في صياغة السياسات المتعلقة بالثروة السمكية. ومجتمع الصيادين نفسه يعرف من هي الجمعيات التي تمثّله حقًّا، ويقدّر تلك التي أثبتت وجودها عبر النشاط والعمل الدؤوب والميداني. 
وقوة الجمعيات لا تُقاس بعددها، بل بمدى قربها من الصيادين، وصدق تمثيلها لهم، وفاعليتها في الدفاع عنهم. وعليه، فإن وجود جمعيات متعددة ليس هو المشكلة، بل الأهم أن تكون هذه الجمعيات معتمدة وموثوقة من قِبل مجتمع الصيادين، وتمارس دورها بكل شفافية وحرص على المصلحة العامة.
ما أهم الوسائل اللازم إنفاذها لكي تعود الحياة البحرية لسابق عهدها؟التدهور الحاصل هو نتيجة تراكم أخطاء وسلوك خاطئة شارك فيها الجميع، هذا الاعتراف الجماعي ينبغي أن يكون نقطة البداية نحو إصلاح حقيقي، يدفعنا جميعًا للتعاون من أجل صياغة مشروع وطني متكامل للنهوض بمستقبل ثروتنا السمكية، يقوم على الشراكة والتفاهم. 
ومن أهم الوسائل التي نراها ضرورية:
- تشخيص دقيق وواقعي للمشكلات الحقيقية التي يعانيها قطاع الصيد.
- تعزيز مبدأ الشفافية والشراكة المجتمعية بين الصيادين والجهات المختصة، بما يضمن مشاركة أصحاب الخبرة في اتخاذ القرار.
- وضع خطة طويلة الأمد لإعادة تأهيل البيئة البحرية وحماية الموائل الطبيعية للأسماك.
- سن تشريعات فعالة وتنفيذها بشكل عادل على الجميع، بما يضمن وقف الممارسات التي تضر بالبحر وثرواته.

كيف تنظرون لظاهرة تأجير رخص الصيد وأثرها على البحارة والبحر؟
تُعد مسألة تأجير رخص الصيد للعمالة الوافدة واحدة من المشكلات التي تعانيها السوق التجارية في البحرين، إذ إن هناك الكثير من السجلات والتراخيص التجارية مؤجرة على العمالة الأجنبية، وليس قطاع الصيد التجاري البحري في البحرين بمعزل عن هذا الأمر غير القانوني وغير المحبب، وهي مشكلة ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في انتشار ممارسات خاطئة تؤثر على سمعة الصيادين والبيئة البحرية.
وأكثر الذين يقفون خلف تأجير التراخيص ليسوا من المتفرغين للبحر. ونحن في جمعية الصيادين المحترفين نؤيد بقوة أي إجراء تتخذه الجهات المختصة للقضاء على هذه الظاهرة بشكل جذري، وندعو إلى تشديد الرقابة، وتحديث التشريعات، وإغلاق الباب أمام أي استغلال غير قانوني لرخص الصيد؛ حفاظًا على الثروة السمكية، وحرصًا على حقوق الصيادين الذين يمارسون هذه المهنة بصدق وأمانة. ولدينا في الجمعية الحلول والتصورات التي يمكن طرحها لحل هذه المشكلة مع الجهات المختصة.

ما أولويات واحتياجات أصحاب البوانيش؟
ليس لأصحاب البوانيش مطالب خاصة أو منفصلة، فهم في النهاية صيادون بحرينيون أفنوا أعمارهم في البحر، يعملون بجد لتوفير غذاء صحي وآمن من مختلف أصناف الأحياء البحرية للمواطنين والمقيمين، ويشكلون أحد أعمدة الأمن الغذائي في مملكة البحرين. 
ولقد ظهرت في الآونة الأخيرة محاولات من بعض الدخلاء والحديثين على مهنة الصيد لتوجيه الاتهامات إلى أصحاب البوانيش وتحميلهم مسؤولية أخطاء القطاع، وكأنهم هم السبب في كل ما آل إليه وضع الصيد، لكن الحقيقة هي أن الجميع يعمل في المجال نفسه، والمسؤولية تقع على عاتق الجميع، وإن كانت هناك أخطاء فلا يمكن تحميلها وحصرها في فئة دون أخرى.
وما نحتاجه اليوم هو العمل بروح وطنية موحدة للحفاظ على وسائل الصيد التقليدية، وفي مقدمتها “البوانيش”، التي تُعد جزءًا أصيلًا من تاريخ البحرين البحري. لذا فإن من الضرورة الاعتراف بجهود أصحاب البوانيش ودورهم التاريخي في دعم الأمن الغذائي، وحمايتهم من الاتهامات غير العادلة والتشويه الإعلامي، ودعم استمرارهم في استخدام البوانيش كوسيلة صيد تُجسّد الموروث الوطني، وإشراكهم في أي نقاش يخص مستقبل قطاع الصيد مع أقرانهم أصحاب القوارب.