+A
A-

أول كتاب عربي يدمج التحليل النحوي والدلالي مع لغة الجسد والانفعالات النفسية للدكتور علي المدني 

أصدرت دار الكتاب الجامعي في دولة الإمارات العربية المتحدة كتابًا أكاديميًا جديدًا بعنوان "تطبيقات من العربية تركيبًا ودلالة على ضوء التحليل النفسي السيميائي" من تأليف الأستاذ الدكتور علي محمد نور المدني، أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة البحرين سابقا. ويُعد هذا الكتاب من الإصدارات النوعية الرائدة، حيث يُطرح للمرة الأولى في العالم العربي بمنهجية علمية تجمع بين التحليل اللغوي والتحليل النفسي السيميائي في دراسة اللغة العربية. 

ويقدم هذا الكتاب فكرة جديدة وفريدة من نوعها في الدراسات اللغوية العربية، حيث يحاول الربط بين علم النحو والدلالة في اللغة العربية وبين حركات الجسد والوجه واليدين التي ترافق الكلام. فاللغة – كما يوضح المؤلف – ليست كلمات تُقال فقط، بل إن طريقة النطق، ونبرة الصوت، والإشارة بالعين أو اليد، وحتى الصمت أحيانًا، تحمل معاني مهمة تساعد على إيصال الرسالة تامة. ويأتي هذا الكتاب ليُظهر لأول مرة كيف يمكن دراسة هذه الجوانب الحركية والانفعالية بطريقة علمية، ضمن إطار علم النفس السيميائي، من خلال أمثلة واقعية من اللغة العربية، وبخاصة من الحديث النبوي الشريف. 

ويُعنى الكتاب بدراسة البنية النفسية للغة من خلال تحليل التراكيب اللغوية التي تعكس حالات شعورية وانفعالية عند المتكلم، مثل الحذف، والتقديم والتأخير، وتغيير ترتيب العناصر، إلى جانب التأثير الذي تحدثه إشارات الجسد المصاحبة. ويكشف عن أهمية هذه العناصر في تكوين المعنى العميق للجملة، ويؤكد أن فهم اللغة لا يكتمل دون النظر إلى هذه الإشارات المصاحبة للسياق الكلامي. 

وفي مقدمة الكتاب، يوضح الدكتور المدني أن الدافع العلمي وراء تأليفه كان غياب الدراسات التطبيقية العربية التي تتناول اللغة من هذا المنظور، قائلاً: "إن من أهم ما حملنا على تأليف هذا الكتاب، ويدفعنا إليه دفعًا، ندرة الدراسات العلمية الجادة في فروع متعددة من علم اللغة النفسي... بل أزعم أنها معدومة تقريبًا في السلوك اللغوي النفسي، وفي علم النفس النحوي، والنحو الإشاري، والمقصود بالندرة هنا: نُدرة الدراسات في تطبيق علم النفس على المقاصد النحوية، وعلى المعاني المعجمية، في العربية". 

ويضيف: "لقد حاولنا أن نجعل من هذا الكتاب مساهمة عربية أصيلة في ميدان لا تزال الجهود فيه مشتتة، بل وغائبة في بعض الفروع الدقيقة، خاصة في تتبع دلالات الحذف والتقديم والتأخير والتركيب في ضوء الإشارات المصاحبة للكلام، وما تنطوي عليه من إيحاءات شعورية وانفعالية". 

ويتضمن الكتاب تطبيقات تحليلية على الحديث النبوي الشريف، بوصفه نموذجًا لغويًا مركّبًا يجمع بين التعبير اللفظي وغير اللفظي، ويُظهر كيف تؤثر الإشارة، والنظرة، وحركة الجسد تأثيرا دلاليًا عميقًا في نقل المعنى وتثبيته لدى المتلقي. ويُعد الخطاب النبوي في هذا السياق مصدرًا غنيًا لتحليل التراكيب السيميائية والنفسية للكلام، حيث تجتمع فيه الفصاحة مع الإبانة بالحركة؛ مما يعزز من وظيفة اللغة بوصفها أداة شعورية متكاملة. 

ويمثّل هذا الكتاب إضافة علمية عميقة في مسار الدراسات اللغوية والنفسية العربية، ويضع حجر الأساس لمنهج تطبيقي حديث يدمج بين علوم اللغة وعلوم النفس في تحليل الخطاب العربي. كما يفتح المجال أمام الباحثين العرب لاستكشاف أبعاد جديدة في فهم اللغة بوصفها كائنا حيا متفاعلا مع الإنسان والواقع والوجدان. 

الدكتور علي محمد نور المدني هو أكاديمي بحريني معروف، وأحد الأسماء المرموقة في ميدان الدراسات اللغوية التطبيقية في العالم العربي، حاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات العربية الحديثة من جامعة ليدز في المملكة المتحدة عام 1987. التحق بهيئة التدريس في جامعة البحرين عام 1987 وتدرج في الرتب الأكاديمية حتى حصل على الأستاذية عام 2011، كما شغل منصب رئيس قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير وشارك في لجان التحكيم والنشر العلمي. له رصيد علمي متميز يتجاوز ستة عشر بحثًا منشورًا في مجلات محكمة، بالإضافة إلى مساهمات عديدة في المؤتمرات والندوات العلمية. وهو عضو في عدد من الهيئات العلمية والأكاديمية من بينها الهيئة العليا للذخيرة العربية بجامعة الدول العربية، والجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط، ورابطة الأدب الإسلامي العالمية، ومرصد ملبورن للغة العربية بأستراليا.