في دورته الثامنة والسبعين
كان السينمائي: خمسة أفلام عربية ضمن الاختيارات الرسمية
تواصل السينما العربية حضورها اللافت والمتزايد عامًا بعد عام ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي، الذي يُعد الأهم عالميًا بين المهرجانات السينمائية، وبات محطة رئيسية لصنّاع الفن السابع من مختلف أنحاء العالم.
ومن المقرر أن تشهد الدورة الثامنة والسبعون من المهرجان، والتي ستُعقد في مدينة كان جنوب فرنسا خلال الفترة من 13 إلى 24 مايو المقبل، مشاركة عربية بارزة، تتمثل في خمسة أفلام عربية تم اختيارها ضمن البرنامج الرسمي، وهي أعمال لمجموعة من أبرز صانعي السينما من جيل الشباب.
ويشارك فيلمان من هذه الأفلام في المسابقة الرسمية للسعفة الذهبية، بينما تنافس ثلاثة أفلام ضمن تظاهرة "نظرة ما"، من بينها فيلم "عائشة لا تستطيع الطيران"، وهو أول عمل روائي طويل للمخرج المصري مراد مصطفى، من إنتاج سوسن يوسف، والمنتج السعودي فيصل بوالطيور.
ويُعد هذا الفيلم هو الثاني لمراد مصطفى في مهرجان "كان"، بعد مشاركته الأولى في قسم الأفلام القصيرة بفيلم "عيسى"، الذي عُرض ضمن تظاهرة أسبوع النقاد في الدورة 76.
وقد حصد الفيلم آنذاك جائزتين مستقلتين: إحداهما من جمعية محبي السينما، والثانية من جمهور صالة فالبون الفرنسية.
أما المعلومات المتوفرة حتى الآن عن فيلم "عائشة لا تستطيع الطيران"، فتشير إلى أنه من بطولة بوليانا سيمون، إلى جانب مغني الراب المصري زياد ظاظا، و*عماد غنيم*، و*ممدوح صالح*، بينما تولى محمد ممدوح مهمة المونتاج. ويُشرف على التصوير مدير التصوير المصري مصطفى كاشف، الذي سبق له التعاون مع المخرج مراد مصطفى في فيلمه السابق "عيسى".
ويشارك كاشف في "كان" للعام الثاني على التوالي ضمن تظاهرة "نظرة ما"، بعد مشاركته العام الماضي مع المخرج الصومالي مو هاراوي في فيلم "قرية قرب الجنة".
ويمثل السينما العربية أيضًا، ضمن التظاهرة ذاتها، المخرجان الفلسطينيان عرب وطرزان ناصر، بفيلمهما الجديد:
Once Upon a Time in Gaza أو "كان يا ما كان في غزة"، الذي تدور أحداثه في مرحلة تولي حركة "حماس" زمام الأمور في غزة، حيث يسعى البطل يحيى للانتقام من مقتل صديقه أسامة بطريقة وحشية، إلا أن لقاؤه المفاجئ بالقاتل يغير مجرى الأحداث. ويقوم ببطولة الفيلم الممثل السوري نادر عبد الحي.
وجدير بالذكر أن الأخوين عرب وطرزان ناصر كانا قد شاركا في مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان "كان" عام 2013 بفيلمهما القصير "كوندوم ليد"، ثم عادا للمهرجان في عام 2015 بفيلمهم الروائي الطويل "ديغراديه" الذي عُرض ضمن أسبوع النقاد. أما أحدث أفلامهما، "غزة مونامور"، فقد عُرض في مسابقة آفاق بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي عام 2020، وفاز بجائزة نيتبك في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي.
أما الفيلم العربي الثالث ضمن مسابقة "نظرة ما" فهو "سماء بلا أرض"، وهو الفيلم الروائي الطويل الثاني للمخرجة التونسية أريج السحيري، التي حظي فيلمها الأول "تحت الشجرة" بعرضه العالمي الأول في قسم "نصف شهر المخرجين" بمهرجان كان عام 2022، قبل أن يُختار لاحقًا لتمثيل تونس في ترشيحات الأوسكار لعام 2023.
وتدور أحداث "سماء بلا أرض" في تونس، حيث تعيش ثلاث سيدات من ساحل العاج، ينتمين لأجيال مختلفة، داخل منزل يُشبه الكنيسة. إحداهن قسيسة إنجيلية، والثانية سيدة أعمال، والثالثة طالبة جامعية. ومع وصول فتاة يتيمة إلى ذلك المنزل، تُجبرهن الظروف على مواجهة جراحهن العميقة، والتعامل مع هشاشة حياتهن وحياة المهاجرات الإفريقيات في تونس.
وفي المسابقة الرسمية لمهرجان "كان"، يشارك أيضًا فيلمان لمخرجين من أصول عربية، هما:
- المخرجة والممثلة الفرنسية من أصول تونسية-جزائرية حفصية حرزي، بفيلمها الجديد "البنت الصغرى"، الذي يتناول صراع فتاة شابة تُدعى فاطيما بين التربية الدينية المحافظة التي نشأت عليها، والحياة الجامعية المتحررة في باريس، بعد أن تغادر منزل عائلتها في الضواحي.
- والمخرج السويدي من أصول مصرية طارق صالح، الذي ينافس بفيلمه الجديد "نسور الجمهورية"، في عودته إلى "كان" بعد نجاحه الكبير مع فيلم "صبي من الجنة"، الحائز على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان عام 2022.
ويُعد "نسور الجمهورية" الفيلم الروائي الطويل الثالث في مسيرة طارق صالح بعد "حادثة النيل هيلتون"، الذي تناول مقتل فنانة شهيرة في مصر، و"صبي من الجنة"، الذي تطرق لصراعات سياسية داخل مؤسسة الأزهر. وتتميّز أعمال طارق بجرأتها وطرحها لموضوعات حساسة أثارت الكثير من الجدل.
وتدور أحداث فيلم طارق صالح الجديد حول ممثل شهير يجد نفسه في أزمة كبيرة مع السلطة، بعد تورّطه في فضيحة قد تكلّفه كل شيء. وللخروج من هذه الأزمة، يضطر إلى قبول عرض لا يستطيع رفضه. يقوم ببطولة الفيلم الممثل اللبناني فارس فارس، الذي سبق أن تعاون مع طارق في فيلميه السابقين، وتشاركه البطولة كل من الفلسطينية-الأمريكية شيرين دعيبس، و*الفرنسية-الجزائرية لينا خضري*، إلى جانب عمرو واكد، الذي يُعرض له في مهرجان "كان" فيلمان من بطولته؛ الأول "نسور الجمهورية"، والثاني "أورتشين" للمخرج والممثل البريطاني هاريس ديكنسون، المشارك في تظاهرة "نظرة ما".
أما المخرجة والممثلة الفرنسية من أصل تونسي حفصية حرزي، فتقدّم في فيلمها الجديد "البنت الصغرى"، المشارك في المسابقة الرسمية على السعفة الذهبية، قصة فتاة تُدعى فاطيما تنشأ في بيئة دينية محافظة، لكنها تقرر الانتقال إلى باريس لدراسة الفلسفة، حيث تصطدم بأسلوب الحياة المتحرر داخل الجامعة، ما يخلق صراعًا داخليًا بين هويتها الثقافية والتقاليد التي نشأت عليها.
ولا تزال السينما العربية وصنّاعها يترقبون الأيام القادمة، حيث يُنتظر الإعلان عن الأفلام المشاركة في بقية أقسام المهرجان، ومنها:
- تظاهرة "أسبوع المخرجين"
- تظاهرة "أسبوع النقاد"
- مسابقة الأفلام القصيرة
- قسم أفلام معاهد السينما – "سينيفونداسيون" والتي تستقطب سنويًا عددًا من أبرز المواهب الشابة في السينما من مختلف أنحاء العالم.
ويبقى أن نشير إلى أن هناك حضورًا عربيًا متميزًا من خلال الجناح السعودي والخيمة العراقية (لأول مرة)، بالإضافة إلى أجنحة تمثل فلسطين، الجزائر، المغرب، ومصر (بالتعاون مع مهرجان القاهرة ومهرجان الجونة)، وكذلك مركز السينما العربية. كما يتواجد عدد بارز من مديري المهرجانات السينمائية العربية، وأهم المنتجين والموزعين، إلى جانب الصناع والنقاد والقنوات التلفزيونية لتغطية هذا الحدث السينمائي الهام.