+A
A-

استشارية الطب النفسي: الأشقاء قد يشعرون بالتجاهل نتيجة التركيز الزائد على طفل متلازمة داون

أكدت استشارية الطب النفسي، إيمان نور الدين، أن التأثير النفسي لمتلازمة داون على الأطفال والمراهقين يختلف من شخص لآخر، حيث يتمتع العديد منهم بنظرة إيجابية للحياة، وشعور قوي بالانتماء والعاطفة، لكنهم قد يواجهون تحديات نفسية مع تقدمهم في العمر. وأوضحت أن الوعي الذاتي المتزايد لدى المصابين، خاصة في مرحلة المراهقة، قد يجعلهم أكثر إدراكًا لاختلافاتهم عن الآخرين، مما قد يؤثر على تقديرهم لذاتهم واستقرارهم العاطفي، ويعتمد الأمر بدرجة كبيرة على البيئة الداعمة من حولهم.
وأشارت إلى أن الأسرة تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الصحة النفسية للطفل المصاب بمتلازمة داون، من خلال قبوله دون شروط، والتركيز على إمكانياته بدلاً من الصعوبات التي يواجهها. 
وأضافت “من المهم أن يكون هناك تواصل واضح وإيجابي مع الطفل، مع منحه قدراً من الاستقلالية لتطوير مهاراته الحياتية، بالإضافة إلى الحرص على دمجه في المجتمع وعدم عزله، حتى يكتسب تجارب طبيعية تسهم في تعزيز ثقته بنفسه”.
وحول التحديات النفسية التي يواجهها المصابون بمتلازمة داون، أوضحت الاستشارية أن من أبرزها صعوبة فهم المواقف الاجتماعية المعقدة، وعدم القدرة على تفسير الإشارات الاجتماعية الدقيقة، إلى جانب التحديات المتعلقة بالتعبير عن المشاعر، خاصة في حالات الإحباط أو الغضب، كما أن الصورة الذاتية قد تتأثر بسبب التفاوت الجسدي الملحوظ، وهو ما يستدعي دعمًا مستمرًا لتعزيز احترامهم لذاتهم.
وحول تعامل الأهل مع تشخيص طفلهم بمتلازمة داون، شددت  نور الدين على ضرورة السماح لأنفسهم بعيش المشاعر المختلفة دون إصدار أحكام قاسية على ذاتهم. 
وقالت “من الطبيعي أن يشعر الوالدان بالحزن أو القلق عند تلقي التشخيص، لكن من المهم تفهم أن هذه المشاعر لا تعني أنهم لا يحبون طفلهم، تقبل الواقع الجديد والتعرف إلى الطفل كفرد له شخصيته الخاصة يساعد في تجاوز هذه المرحلة، إلى جانب البحث عن معلومات دقيقة والانضمام إلى مجموعات دعم”.
وأوضحت أن الأشقاء قد يشعرون أحيانًا بالتجاهل نتيجة التركيز الزائد على الطفل المصاب بمتلازمة داون، مما يستدعي إشراكهم في الأحاديث العائلية، ومنحهم مساحة للتعبير عن مشاعرهم دون خوف. 
كما أكدت على ضرورة تعزيز مفهوم الأسرة المتكاملة، حيث يشعر كل فرد فيها بأهميته ودوره في بناء العائلة.
وعن العلاقة بين متلازمة داون والصحة النفسية، قالت إن الأبحاث تشير إلى أن المصابين بهذه الحالة أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب مقارنة بعامة الناس، وذلك نتيجة لعوامل بيولوجية مرتبطة بتطور الدماغ، إضافة إلى تحديات التواصل والعزلة الاجتماعية والتجارب السلبية مثل التنمر.
وأكدت نور الدين على أهمية الاعتراف بحقوق المصابين بمتلازمة داون في التعليم والعمل والحياة الاجتماعية، مضيفة “يجب أن تكون هناك بيئات دامجة منذ الطفولة المبكرة، مع تطوير برامج ترفيهية واجتماعية تناسب احتياجاتهم، وتقديم الدعم للأسر، وتثقيف المجتمع حول قدراتهم الحقيقية.”
وحول دور الإعلام، شددت على ضرورة تقديم تمثيل واقعي ومتوازن للمصابين بمتلازمة داون في الأعمال الفنية والبرامج، مع التركيز على قدراتهم بدلاً من تصويرهم كأشخاص يعانون بشكل دائم أو كرموز ملهمة بشكل مبالغ فيه.
وفيما يتعلق بالتطورات الحديثة في الدعم النفسي، أوضحت الاستشارية إيمان نور الدين أن هناك تقدمًا ملحوظًا في أساليب العلاج المعرفي السلوكي المصممة خصيصًا لهذه الفئة، بالإضافة إلى تزايد استخدام التطبيقات الداعمة للتواصل، والتركيز على تخطيط الانتقال بين مراحل الحياة المختلفة لضمان استقلاليتهم وتمكينهم من تحقيق أفضل جودة حياة ممكنة.