دراسة تؤكد وجود "الطفل المفضّل".. لماذا يفاضل الأهل بين أولادهم؟
يصرّ الأهل على أنهم لا يستطيعون أبدًا المفاضلة بين أطفالهم، لكن دراسة حديثة تدعو إلى التشكيك في ذلك، حيث تشير إلى أن الآباء أكثر ميلاً إلى تفضيل البنات والأطفال الأكثر قبولاً لإرشادات الأهل وآرائهم، على الرغم من أن النتائج قد تنطبق فقط على الأشخاص من فئات سكانية معينة.
ووفقًا لموقع "لايف سينس"، كشف تحليل لـ30 دراسة شملت ما يقرب من 20 ألف شخص أن الآباء هم أكثر ميولًا لتفضيل بناتهم على أبنائهم. ويشير البحث أيضًا إلى أن الآباء يفضلون الأطفال الذين يُنظر إليهم على أنهم أكثر قبولًا لما يتلقونه مقارنة بإخوتهم.
أشار الموقع إلى أن الدراسات التي شملها التحليل أجريت في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية، وشملت في الغالب أشخاصًا من البيض، ما يعني أن النتائج قد لا تنطبق على أشخاص من فئات سكانية أخرى.
"مفاضلة" أو معاملة "مميزة"
وفي هذا السياق، فإن تفضيل الطفل لا يعني بالضرورة أن للوالدين أبناء "مفضلين" بل إنهم يختارون معاملة بعض الأطفال بطريقة أكثر تفضيلاً من إخوتهم، كما أشار الباحثون في الدراسة التي نُشرت في 16 يناير/ كانون الثاني الماضي في مجلة النشرة النفسية.
وفي التحليل الجديد، نظر الباحثون في 30 ورقة علمية و14 قاعدة بيانات، والتي سجلت معلومات عن ديناميكيات الأسرة لـ19469 شخصًا. وكان حوالي 67% من هؤلاء الأفراد من الولايات المتحدة، بينما كان البقية من أوروبا الغربية وكندا.
قام الباحثون بالتحقيق في كيفية ارتباط الخصائص المحددة للطفل بكيفية معاملة والديه له. وقد تم جمع هذه البيانات بعدة طرق، بما في ذلك عبر المقابلات والدراسات الاستقصائية والملاحظات المنزلية.
وتضمنت خصائص الأطفال عوامل مثل وقت ولادتهم مقارنة بإخوتهم، وجنسهم، ومزاجهم وسماتهم الشخصية، مثل القبول، والضمير، والعصابية أي الميل إلى تجربة المشاعر السلبية. وتم قياس المعاملة التفضيلية للوالدين من خلال كيفية تفاعل الوالدين مع أطفالهم، أو مقدار الأموال التي ينفقونها عليهم، أو مقدار السيطرة التي يمارسونها عليهم، فيما يتعلق بوجود قواعد صارمة أو متساهلة.
الآباء يفضلون "من يسمع الكلام"
وقد نظرت الدراسة فقط في الارتباطات بين خصائص الطفل والمعاملة الأبوية التفاضلية. ولذلك، فإن النتائج وحدها لا يمكن أن تفسر لماذا يبدو أن الآباء يفضلون البنات والأطفال الأكثر ميلًا للقبول بما يطلب منهم أو يقال لهم على الأبناء والأطفال الأقل قبولًا، على التوالي.
وكما توقع مؤلفو الدراسة، فمن المرجح أنه عندما يكون الأطفال أكثر استعدادًا لفعل ما يطلب منهم فإن والديهم قد يجدون أنه من الأسهل إدارتهم وبالتالي الاستجابة بشكل أكثر إيجابية تجاههم.
وينقل "لايف سينس" عن ألكسندر جنسن، المؤلف المشارك في الدراسة، وهو أستاذ مشارك في كلية الحياة الأسرية بجامعة بريغهام يونغ في ولاية يوتا: "الأمر لا يتعلق بحب الوالدين لطفل واحد وكره الآخر". وأضاف: "يتعلق الأمر بأن تكون أكثر حنانًا مع أحدهم، أو أن تكون أكثر صراعًا مع أحدهم، أو تقضي المزيد من الوقت مع أحدهم".
وتعد التفاعلات المختلفة بين الوالدين والطفل مهمة، لأن الأطفال الذين يتلقون معاملة أكثر تفضيلاً من الأهل هم أكثر عرضة للتمتع بصحة عقلية أفضل، وزيادة النجاح الأكاديمي وعلاقات أسرية أكثر صحة، من بين فوائد أخرى، كما أظهرت الأبحاث السابقة.
وقال جنسن: "أشارت دراسة أجريت منذ عدة سنوات إلى أنه إذا فهم الأطفال سبب معاملتهم بشكل مختلف، فإن الاختلافات لا تهم". فعلى سبيل المثال، قد يشعر الطفل الأكبر سنًا بأنه مهمل إذا كانت أمه تقضي وقتًا أطول في مساعدة أخيه الأصغر في واجباته المدرسية، حتى يدرك أن شقيقه يحتاج إلى مساعدة إضافية في ذلك.
لماذا يفضل الآباء أحد الأبناء؟
وكان موقع "تشوزنغ ثيرابي" قد أورد ستة أسباب تجعل من طفل مفضّلاً بالنسبة للوالدين.
الاشتراك في سمات شخصية مماثلة؛ ففي بعض الأحيان يكون من السهل أن ينسجم الأبوان مع الأبناء الذين يفهمونهم، ما قد يشعر الأشقاء بالغيرة من الشقيق الذي يحظى بأكبر قدر من الاهتمام أو المشاركة الأبوية.
ترتيب الميلاد؛ عادة ما يكون من الأسهل على البالغين التحدث مع البالغين الآخرين أكثر من التحدث مع الأطفال. لذا قد يفضل الآباء التواصل مع الطفل الأكبر. وفي بعض الأحيان، تتعقد علاقة الوالدين بالأبناء في سن المراهقة فيميلون للتفاعل بشكل أفضل مع الأبناء الصغار.
طبيعة العلاقة؛ يمكن أن تتغير العلاقات بين الأبناء والأهل مع مرور الوقت بسبب ضغوطات الحياة أو مراحل النمو أو الصعوبات العائلية. فعلى سبيل المثال، فإنّ العلاقة بين الوالدين والطفل المشحونة بالصراع طوال فترة المراهقة، قد تضعف بشكل كبير عندما ينتقل الطفل إلى خارج المنزل. وقد تفسح هذه العلاقة المجال للتقارب.
تقاسم القيم؛ قد يكون الآباء الذين يتشاركون القيم نفسها مع طفل واحد أكثر عرضة لإظهار المفاضلة بين الأبناء.
الثناء والمديح؛ قد يكون من الصعب على الآباء منع أنفسهم من ملاحظة الأشياء الرائعة التي يفعلها أطفالهم ما قد يدفعهم للتركيز والثناء على طفل معين الأمر الذي يبدو وكأنه محاباة.
الاحتياجات الخاصة؛ قد يكون لطفل معين احتياجات خاصة حيث يحتاج إلى رعاية واهتمام إضافيين أثناء تطوره. واعتمادًا على الموقف، قد يمتد هذا الاهتمام الإضافي إلى مرحلة البلوغ. وبطبيعة الحال، فإن هذا التكريس لطفل واحد قد يجعله يبدو وكأنه "المفضل".
آثار سلبية يمكن تجنبها
ولسوء الحظ، يمكن أن تكون هناك عواقب سلبية على الأسر التي يتم فيها تفضيل أحد الأطفال على الآخرين. وقد تشمل الآثار السلبية على الطفل "غير المفضل":
- الإهمال العاطفي؛
- زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب؛
- علاقة سيئة بين الأخوة.
لكن يمكن للآباء حماية أطفالهم من التعرض للضرر بسبب التفضيل، بحسب "تشوزنغ ثيرابي". فمن المهم أن يراقب الأبوان عاداتهما لتجنب تفضيل أحد الأبناء عن غير قصد وممارسة عادات تساعدهما على تجنب ذلك ومنها:
- تجنب المقارنات بين الأخوة؛
- استيعاب الأطفال؛
- تشجيع الأطفال على النمو؛
- أخذ تعليقات الأطفال على محمل الجد؛
- التنويه والثناء بطريقة عادلة بين الأطفال؛
- مساعدة الأطفال على التعرف على سبب عواطفهم.