العدد 5967
الجمعة 14 فبراير 2025
قالب الحاويات الرجل الغامض الذي ينتظر الاحتواء
الجمعة 14 فبراير 2025

بين زحمة الحياة وضجيجها، يعيش رجل بلا مأوى، يتنقل بين عدة مناطق في البحرين، هذا الرجل ليس مجرد عابر سبيل، بل هو قصة إنسانية تثير التساؤلات عن الظروف التي قادت به إلى هذا المصير. هل هو ضحية للظروف الاجتماعية والاقتصادية أو الصحية؟ هل هو هارب من ماض مؤلم؟ أم أنه اختار هذا الطريق بنفسه؟

في هذا المقال سأحاول تسليط الضوء على هذا الرجل، والغوص في بعض جوانب حياته بعيدا عن الخيال أو المبالغة، فهذا الرجل ضيعه الزمن، وتتقاذفه الشوارع والطرقات بين مناطق البرهامة والسنابس وجدحفص، ويعرفه سكان هذه المناطق جيدا، حيث إنه لا سقف يؤويه، ولا جدران تحميه من برد الليل أو حر الصيف سوى ظلال البساتين التي أصبحت ملاذه الوحيد. يقضي يومه متنقلًا على قدميه، باحثا عن مأكل يسد به رمقه، أو مكان يلجأ إليه لبعض الراحة. ومع كل خطوة يحمل معه قصة منسية، حكاية إنسان هامشي، يتعطف عليه أهل الخير في المناطق التي يحوم فيها بالطعام والشراب، لكنه يظل غريبا بين المارة، وكأنما أصبح جزءا من المشهد اليومي الذي اعتادوه دون أن يدركوا عمق مأساته.

فوضعه يثير القلق لدى الكثير من القاطنين في تلك المناطق التي يرتادها، فالرجل يعيش في ظروف غير صحية، ويتعرض للخطر في الشوارع. بالإضافة إلى ذلك فإن تصرفاته قد تسبب إزعاجا واضحا لمستخدمي الطرق التي يتواجد بالقرب منها، حيث يقوم متعمدا بقلب حاويات القمامة وإلقاء النفايات في الشارع بشكل مستمر.

هذا الرجل في حقيقته ليس إنسانا بكامل قواه العقلية، ربما أصابه الزمن بجرحٍ لم يندمل، أو لعل الحياة ظلمته يوما فسلبته عقله وتركت له جسدا هائما على وجهه.

ليس من العدل أن يستمر هذا المشهد لأكثر من عشرين عاما، وأن يبقى في هذا الضياع الطويل دون تدخل حقيقي يعيده إلى إنسانيته، فوجوده في الشارع لا يؤذيه وحده، بل ينعكس على المظهر الحضاري للمناطق التي يتواجد فيها، ويثير تساؤلات حول دور الجهات المسؤولة في حماية هؤلاء الذين لا يستطيعون حماية أنفسهم.

نتمنى أن تتظافر الجهود لإنقاذه وعلاجه في الطب النفسي، لكي يتلقى العلاج والرعاية الكاملة التي يحتاجها، بعيدا عن التشرد والتجاهل.

ربما لا يدرك الناس مدى قسوة الحياة التي يعيشها، لكنه بالتأكيد يستحق حياة تحفظ كرامته وتمنحه شيئا من الأمان الذي فقده منذ سنوات طويلة.

قصة هذا الرجل هي قصة إنسان ضاع في شوارعنا، وينتظر منا يد العون لانتشاله من الضياع، فهل نتركه يواجه مصيره المجهول، أم أننا نتحرك لإنقاذه وتوفير حياة أفضل.

 

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .