الإعلام والمجتمع محركان رئيسان لتعزيز التعايش
خضوري لـ “البلاد”: أسبوع “الوئام” منصة لمكافحة التطرف وتعزيز التسامح بين الأديان
-
البحرين تتميز بشيء في غاية الجمال وهو الاحترام المتبادل
-
الحد من الخطابات المتطرفة عبر تعزيز ثقافة الحوار
-
تربية جيل منفتح لا يعتمد على التعصب من دون معلومة
-
نشر قصص ملهمة على مواقع التواصل لاستهداف الشباب
-
توجيه الشباب ليكونوا جزءا من حركة أوسع تسعى لتعزيز التسامح
أكدت عضو مجلس الشورى نانسي خضوري، أن الوسائل الإعلامية والمجتمعات المحلية تسهم في دعم وتعزيز رسالة “أسبوع الوئام العالمي بين الأديان”، عبر عدد من الطرق الاستراتيجية الفعّالة، التي تتضمن التوعية والتثقيف عبر وسائل الإعلام، عبر التغطية الإعلامية الشاملة، بتخصيص برامج أو تقارير خاصة تسلط الضوء على قيمة “الوئام بين الأديان”، وأهداف أسبوع الوئام العالمي، ويمكن أن تشمل هذه البرامج مقابلات مع رجال دين ومثقفين ومفكرين وكتّاب، وأشخاص معنيين بالمجال من مختلف الديانات والثقافات، وكذلك اجتماعيون ونشطاء في المجتمع المدني.
وأضافت خضوري في حوار مع “البلاد” بمناسبة أسبوع الوئام العالمي بين الأديان، أن عملية نشر الأخبار والتغطيات والمقالات توضح أهمية احترام التنوع الديني وكيفية التعايش السلمي بين الأديان، مع تسليط الضوء على الممارسات الإيجابية والقصص الملهمة، بالإضافة إلى أن استخدام منصات التواصل الاجتماعي؛ كونها الأكثر رواجًا الآن لدى المستخدمين والجمهور، ينشر رسائل تحث على تعزيز التعايش والتآخي بين الأديان، عبر نشر محتوى بصري مثل الفيديوهات التثقيفية، والاقتباسات الدينية المتنوعة، والمقالات التي تبرز أهمية التعايش، وتعطي الجانب المشرق منه، وتبين أن التنوع الثقافي والديني والفكري إثراء للمجتمع لا استنقاص منه.
خدمة المجتمع
ورأت خضوري أنه من المهم تكثيف الأنشطة المجتمعية والفعاليات المحلية، بتنظيم فعاليات ثقافية ودينية مشتركة مثل الندوات، وورش العمل، أو المحاضرات، إذ توفر هذه الفعاليات فرصًا لتبادل الأفكار وتعزيز الاحترام المتبادل، كما أنه يمكن للمجتمع أن ينشط بشكل كبير ويوصل رسائله بشكل متقن إذا ما وظف جهوده الواردة في إطار الوئام بين الأديان عبر أنشطة تطوعية مشتركة، مثل التعاون في المشروعات والأعمال الخيرية والاجتماعية التي تساهم في خدمة المجتمع. وهو ما يمكننا تلمس أثره في شهر رمضان على سبيل المثال، إذ تتضافر كل جهود مؤسسات المجتمع المدني للتعاطي الإيجابي مع شهر رمضان المبارك.
تنوع ثقافي
وشددت على نقطة مهمة للغاية، وهي تشجيع التفاعل المثمر والإيجابي بين أفراد المجتمع، خصوصًا في مجتمع مثل مملكة البحرين التي تزخر بلغة الحوار والتعاون والعمل والتنسيق المشترك، بحيث يتم تشجيع إقامة الجلسات الحوارية التي تجمع بين أفراد من خلفيات دينية متنوعة لتبادل الآراء بشأن القيم المشتركة والتحديات التي قد تواجه الأديان حاضرًا، وكيف يمكن أن تسهم هذه اللقاءات في تحسين الفهم المتبادل وتعزيز الاحترام. بالإضافة إلى تنظيم فعاليات للتبادل الثقافي التي تستعرض التقاليد والعادات الخاصة بكل دين، عبر الموسيقى والفن؛ لإظهار مدى التنوع الثقافي وتعزيز التقدير المتبادل؛ كونه أحد الكنوز التي تزخر بها المملكة، مضيفة أنه “على مستوى أوسع يمكن أن يعزز جانب التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية، من خلال دعم وتشجيع الانخراط في المبادرات العالمية التي تهدف إلى تعزيز التعايش والتآخي بين الأديان، مثل حملات وبرامج الأمم المتحدة الخاصة بالوئام بين الأديان”.
وقالت: إن البحرين تتميز بشيء في غاية الجمال، وهو التقدير والاحترام المتبادل، بحيث يحظى كل الأفراد بالمكانة الرفيعة والمنزلة العالية ويتميزون بالتسامح والوئام والتعايش من مختلف الأديان والطوائف والمذاهب. ولذلك، دائمًا ما أقول إن هذا أحد الكنوز التي تتفرد بها مملكة البحرين بين دول العالم. كما لا بد أن يُشرك الجيل الحالي من النشء والشباب في التفاعل مع هذا الموروث الغني للمملكة، والمحافظة عليه بما يعزز مكانة المملكة وسمعة شعبها الكريم.
ولفتت إلى أن الأنشطة المتنوعة يمكن للوسائل الإعلامية والمجتمعات المحلية أن تلعب دورًا كبيرًا في دعمها وتعزيز رسالة “أسبوع الوئام العالمي بين الأديان”، وبالتالي الإسهام في تعزيز السلام المجتمعي وتدعيم قيم الاحترام والتعايش السلمي بين الأديان في الوطن الواحد، وفي العالم أجمع.
فهم مشترك
ومن زاوية أخرى، قالت خضوري إن تعزيز الفهم المشترك بين الأديان دون المساس بمعتقدات الأفراد عبر التركيز على القيم الإنسانية المشتركة مثل التسامح والأخوة والتعايش السلمي، يمكنه إبراز القواسم الإنسانية المشتركة، وهو حقيقةً ما تنتهجه البحرين بمبادرات سامية من لدن صاحب الجلالة الملك المعظم، عبر تعزيز الحوار المفتوح والمشاركة في الأنشطة الثقافية والاجتماعية المشتركة، ما جعلنا اليوم نتمتع بثقافة وسلوك وطني يمكّن الأفراد من مختلف الأديان تبادل الآراء والتجارب الشخصية بطريقة تحترم المعتقدات الدينية، بما يساهم في بناء جسور من الفهم والاحترام المتبادل بين المجتمعات، واضعين نصب أعيننا العمل الوطني والمصلحة المشتركة.
وأردفت “إضافة إلى ذلك، يمكن استخدام التعليم كأداة فعّالة لتعزيز التسامح، وهو ما قطعت فيه وزارة التربية والتعليم مشكورة شوطًا كبيرًا من خلال المناهج الدراسية الحضارية والمتقدمة، بحيث أدرجت دروسًا حول المواطنة التي تناولت هذا الجانب بالنسبة للمرحلة التأسيسية للطلبة والطالبات، ومن المهم أن يكون الهدف هو تعزيز السلام والتعايش السلمي، مع التأكيد على أن التنوع الديني هو مصدر قوة للمجتمع وليس تهديدًا له”.
أسبوع الوئام
وتابعت خضوري بأن “أسبوع الوئام العالمي بين الأديان” يمكن أن يسهم في الحد من الخطابات المتطرفة والأفكار المتشددة عبر تعزيز ثقافة الحوار والتفاهم بين الأديان المختلفة، وتشجيع فعاليات ومنتديات ومؤتمرات ترسخ الاحترام المتبادل بطريقة منهجية وعلمية مدروسة. ولابد من التركيز على تقليل التأثر بالأفكار والمواقف وخطابات الكراهية الشاذة والمستوردة التي يتم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي تحديدًا، والعمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة وكسر الصور الجامدة التي يتم استغلالها من قبل المتطرفين. كما يمكن للأسبوع أن يشكل منصة لتأكيد أن الأديان السماوية تجتمع في الدعوة إلى الاعتدال والرحمة، وتحث على التعايش السلمي مع الآخرين. ويمكننا أن نستغل هذه المناسبة الدولية لتوجيه رسالة إيجابية ضد التشدد والنفور، ما يعزز بيئة مجتمعية تشجع على التنوع والقبول وتحد من تبني الأفكار المتطرفة.
وأشادت بمنظومة التشريعات الوطنية الحديثة والمتطورة التي تتميز بها البحرين من حيث احترام الأديان والتعايش، إذ كفل المشرع الدستوري هذا الحق ونص على تلك الحرية صراحة في المادة (22) من دستور البحرين، التي جاء فيها بأن “حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقًا للعادات المرعية في البلد”.
التسامح الديني
وقالت خضوري “إن أسبوع الوئام العالمي بين الأديان” يلعب دورًا حيويًا في تعزيز التسامح الديني والحد من الأفكار المتطرفة، عبر إبراز المفاهيم الدينية التي تدعو إلى التسامح والاحترام بين الأديان، ويمكن للأسبوع أن يساهم في تبديد اللبس بشأن الأديان المختلفة ومواقفها ومبادئها. ولذلك، نحن نحرص على أهمية الحوار والنقاش الفكري الموضوعي والمتزن، وعقد ورش عمل وندوات ومؤتمرات يشارك فيها الرواد ورجال الدين والمثقفون والعلماء والاجتماعيون والمفكرون وغيرهم”.
واستكملت أنه من المهم جدًا تصحيح الفهم المغلوط بشأن دين آخر، وإظهار كيف يمكن للأديان أن تتعاون في تعزيز السلام والإيجابية في المجتمع، وهي رسالة يجب أن يتبناها الجميع في هذا الوطن، وهو أن تنوع أدياننا وتعدد ثقافاتنا يجب أن نوجهه لصالح بناء وتطوير الوطن والحفاظ على تاريخه الغني والزاخر بالأمجاد.
ولفتت إلى أن الاحتفاء بالأسبوع يساعد على التفكير النقدي، إذ يعزز ثقافة الحوار بين الأديان ويساهم في تربية جيل منفتح لا يعتمد على التعصب دون معلومة، وتمكين الأفراد من التفاعل مع أتباع أديان مختلفة وفهم معتقداتهم بشكل أعمق، بما يمكن من تقليص فرص نشر الأفكار الشاذة والمتطرفة، وبناء مجتمع أكثر تسامحًا وتعايشًا.
لغة الحوار
كما قالت إن أسبوع الوئام يمكن عبره تعزيز الحوار بين الأديان عالميًا، عبر توفير منصة شاملة للتواصل والتفاعل بين أتباع الأديان المختلفة، وذلك يتحقق سواء عن طريق تنظيم فعاليات مثل المؤتمرات، الندوات، وورش العمل التي تجمع ممثلين عن الديانات المتنوعة. ويمكن للجمهور تبادل الأفكار والمعتقدات والتجارب الشخصية وسط الاحترام والتقدير المتبادل، فالتاريخ والتجارب أثبتا أن الحوار والنقاش الموضوعي الهادف يساهمان في إزالة الحواجز المعرفية والصور النمطية التي قد توجد بين الأديان المختلفة، ما يسهم في تعزيز الفهم المشترك، كما يساهم الأسبوع في دعم جهود التربية والتعليم والتوعية بأهمية التسامح الديني والاحترام المتبادل عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وهو فرصة لتفعيل حوارات معمقة تشجع على السلام العالمي، ما يعزز التعاون بين المجتمعات الدينية عبر الحدود الثقافية والجغرافية.
المجتمع المدني
وعن دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم التسامح، قالت خضوري “إن مؤسسات المجتمع المدني تلعب دورًا محوريًا في دعم التسامح من خلال عدة وسائل فعّالة، حيث يمكنها تنظيم حملات توعية وتثقيفية تركز على تعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل بين الأفراد من خلفيات ثقافية ودينية متنوعة، وهذه الحملات يمكن أن تشمل ورش عمل، ندوات، ومؤتمرات كما سبق أن ذكرت، وتهدف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة ونشر المعلومات حول أهمية التعايش السلمي والتسامح. بالإضافة إلى أنه يمكن لمؤسسات المجتمع المدني إقامة مشروعات مشتركة بين الأديان والمجتمعات، مثل الأنشطة التطوعية والعمل الاجتماعي الذي يجمع أفرادًا من خلفيات دينية وثقافية متنوعة للعمل معًا من أجل قضايا إنسانية مشتركة؛ فهذه الأنشطة تساعد في بناء جسور من التعاون والتفاهم بين الأفراد، مما يقلل من الفرص التي قد تُستغل فيها المواقف والأفكار والخطابات الشاذة أو المتطرفة” .
وتابعت بالقول “تسهم المؤسسات الأهلية بتعزيز الحوار بين الأديان من خلال إنشاء منصات للتفاعل بين أتباع الأديان المختلفة، مثل المنتديات أو المبادرات التي تجمع رجال دين ومفكرين من مختلف الأديان لفتح نقاشات بناءة حول كيفية تعزيز التسامح والنهوض بالمبادرات والمساعي المستدامة لتعزيز اللحمة والتسامح والتعايش وطنيًا بالدرجة الأولى، وكذلك عالميًا”. ولفتت إلى وجود استمارة تقديم للشباب لبرنامج الملك حمد للقيادة من أجل التعايش السلمي عبر موقع مركز الملك حمد للتعايش السلمي.
تثقيف الشباب
وبشأن أهمية توجيه الشباب للمشاركة في أنشطة هذا الأسبوع وتثقيفهم بمفاهيم التسامح والاحترام بين الأديان، قالت خضوري “من وجهة نظري، أرى أنه يمكن اتخاذ عدة خطوات استراتيجية، ومنها استغلال تواجد الشباب على منصات التواصل الاجتماعي، بنشر رسائل توعوية، مقاطع فيديو تعليمية، ومشاركة قصص ملهمة، وفتح الآفاق الفكرية والمعرفية لهم؛ لبيان حجم القواسم المشتركة بين الأديان، واستقطاب عطاءاتهم وكفاءاتهم للتعبير عن أنفسهم بطرق مبتكرة، وتغليب، في ذات الوقت، المحتوى الفكري الذي يحث على التقارب والاندماج والتعددية الدينية والفكرية”.
وزادت بالقول “إنه من الضروري جدًا تنظيم ورش عمل وحلقات نقاش تفاعلية خاصة بالشباب في المدارس والجامعات أو عبر الإنترنت، حيث يتم تزويدهم بالمعرفة حول الأديان المختلفة وقيم التسامح الديني، وكذلك تشجيع الأنشطة التطوعية المشتركة التي تتبناها مؤسسات المجتمع المدني، والتي تتضافر من خلالها الجهود في مشروعات اجتماعية أو بيئية أو ثقافية، وهي تحمل رسائل ومضامين تحث على التسامح والتعايش والتآخي بين الأديان”.
واختتمت خضوري قائلة “إنه يمكن إشراك الشباب في الفعاليات الميدانية، والتي لاقت تفاعلًا إيجابيًا كبيرًا في الفترة الماضية محليًا”، مردفة أنه من أبرز تجليات التعايش والتآخي في المملكة، تنظيم زيارات إلى دور العبادة المختلفة (المساجد، المآتم، الكنائس، المعابد)، وإقامة الفعاليات والأعياد المميزة للأديان، التي يمكن للكثير المشاركة فيها والتعبير عن مواقفهم التضامنية عبرها، فالطائفة الهندوسية تحتفل على سبيل المثال بعيد الألوان، وأصبح الآن حدثًا معروفًا ويحظى بتغطية وتداول كبير من وسائل الإعلام الرسمية أيضًا، وبالتالي، عبر هذه الأنشطة، يمكن توجيه الشباب ليكونوا جزءًا من حركة أوسع تسعى لتعزيز التسامح والاحترام المتبادل بين الأديان، ما يساهم في بناء جيل مؤمن بقيم التعاون والسلام.