العدد 5956
الإثنين 03 فبراير 2025
ورحل محمد بن فهد... فقيد السعودية
الإثنين 03 فبراير 2025

حقيقة الفراق صعب، وفقد الأحبة مؤلم يفتك بالقلوب، لكن ما نقول إلا ان العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزونون، ولا أقول إلا ما يرضي ربنا. الحمد لله على قضائه وقدره، فقدت السعودية رمزا من رموز الوطن وفقيدا غاليا، هو ابن الملك فهد، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز الذي فقده الصغير والكبير، لقد عم الحزن السعودية يوم الأربعاء، وفي مقبرة العود دفن بجوار أبيه وأعمامه رحمه الله وأسكنه الجنان.
والأمير محمد بن فهد هو الابن الثاني من أبناء الملك فهد بن عبدالعزيز، وهو وجه من أبرز وجوه الجيل الثاني من الأسرة المالكة، ولد في مدينة الرياض، ونهل من مدرسة والده الملك فهد بن عبدالعزيز، وهي امتداد لمدرسة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، فاكتسب من الصفات والقدرات ما أهله لتحمل المسؤولية عند أعلى مستوياتها.
رأيت الجموع في جنازته، الكل مفجوع، ورأيت ولي عهدنا في مقدمة المصلين على روحه، وعطفه وقربه، أثار شجوني قربه من أبناء الفقيد وتعزيته لهم، إنه الأب الروحي للجميع، شكرا لك يا ولي العهد على هذا العطاء، رأيت أخ المرحوم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد وتلك العيون الباكية الحزينة والفراق الذي آلمه يكاد يمزقه، عيون الأسى والحزن ظاهرة على محياه، لقد كان صابرا محتسبا مستقبلا جميع المعزين، والذي أتعبني حقيقة رؤيتي ابن الفقيد الأمير تركي بن محمد بن فهد حيث النظرات وذلك الشحوب وكأنه في عالم آخر لا يصدق ما حدث.
صورة تركي بن محمد بن فهد أثارت شجوني وأحسستني بالفراق وألمه، فراق الأب مؤلم، إنه محمد بن فهد صاحب الابتسامة الجميلة والأيادي المعطاءة، وكأنك تقول ونقول معك يمزقني البعد، والفراق، يقتلني الحنين، أحن إلى الأمس البعيد، أحن إلى الماضي الذي لن يعود، أشتاق لكلمة منه لنظرة أو ابتسامة، لكن الزمن يحرمني حلاوة اللقاء، ونداوة رؤياه. قد رحلت يا أبي وكأنك لم ترحل، أشعر أنني أراك في كل زاوية من زوايا البيت تناديني وأسمعك بكل حواسي، أستمتع بضحكاتك، تمتماتك التي كنت تخافت إلي بها، لكن كنت أستمتع بقرب أذني من شفتيك، وأنا أحتضن دفء أنفاسك. هكذا كان كلامي عن أبي فقيدي، نعم الفقد متعب والشوق أمر، ولكن قضاء الله وقدره. رحيل الأب حقيقة كسر لا يشعر به إلا من عاناه، تتوالى بعده مصائب الحنين والاشتياق والحزن والألم، فراق أبي خلق بداخلي فراغا لا يسد.
رحلت يا أبي وقد زرعت فينا الكرم والجود والأخلاق الحسنة وتفقد الآخرين والصلة والرحمة، كنت صبورا محبا للخير، كريما سخيا، باسم الوجه للجميع، بالفعل تفاجأت من أناس تعلقوا بك ونحن لا نعرفهم من لبنان واليمن ومصر وعدة دول كنت مصدر سعادة لهم، فهنيئا لك يا أبي على ما حظيت به من سمعة وأثر طيب يحكى.
نقول لك يا نجل محمد ما أصابك أصابنا وما حزنك إلا حزننا، لن أنسى والدك وهو ذلك الإنسان العطوف الكريم، رأيته مرة وأشاد بي وبمهنتي، أسلوبه مميز، إلى جنات النعيم يا نجل فهد، أسأل الله أن يجبر كسرك أنت وإخوانك ويلهمكم الصبر والسلوان، أمر الله والحمد لله على كل حال، ويكفي أنه ممن ذاع صيته، فللفقيد - رحمه الله - جهود عدة في تعزيز العمل الإنساني، ومساعدة الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى، ليس في المملكة فحسب، إنما على مستوى العالم العربي، وذلك من خلال مؤسسة الأمير محمد للتنمية الإنسانية التي تولى فيها منصب المؤسس ورئيس مجلس الأمناء.
ختاما نعزي قيادتنا الرشيدة، وعزاءنا لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولسمو ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظهم الله، وإلى أفراد الأسرة المالكة الكريمة، ونعزي أنفسنا ونعزي الوطن على هذا الفقد الأليم والموجع.
كاتبة سعودية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .