المحللون السياسيون الواقفون إلى جانب حماس وغزة يرددون خلال المقابلات التي تجريها معهم الفضائيات في كل حين وعلى الخصوص منذ الإعلان عن الاتفاق على وقف إطلاق النار ما ملخصه ان “الإنجاز الوحيد لإسرائيل منذ بدء طوفان الأقصى قبل عام ونيف هو القتل والتدمير”، وأن هذا ليس من معايير تحقيق النصر، وأن الذي انتصر في هذه الحرب هي حماس بتكتيكاتها وأهل غزة بصمودهم وصبرهم.. لكن إلى أي مدى يمكن اعتبار هذا الكلام صحيحا؟
إسرائيل دمرت المباني والمستشفيات والمدارس وكل ما يمت إلى الحياة في غزة بصلة، وأوصلت أهلها إلى حال لا يمكن لبشر أن يتحملوه وليس في هذا أي انتصار، لكنها أيضا أخرجت سوريا والعراق و “حزب الله” ولبنان وكثيرا من حماس وإيران من المعركة، وبدأت في إضعاف اليمن، أي أن المقاومة لم يعد لها وجود فعلي ولا تأثير يمكن أن يوصل إلى مفيد، وهذا أمر لا ينكره إلا من لا يزال ينطلق في تفكيره من العاطفة، وهذا أمر لا يمكن لمنطقي أن يقول إنه ليس انتصارا حققته إسرائيل. القول إننا حققنا النصر وهزمنا إسرائيل قول يفرحنا جميعا، لكن واقع الحال يقول إن إسرائيل حققت العديد من أهدافها، وإنها بعد أن تتمكن من إغلاق ملف المختطفين ستعمل على تحقيق باقي أهدافها وأولها تغيير السلطة في غزة والقضاء على حركة حماس التي تريد لها أن تلاقي المصير نفسه الذي لاقاه “حزب الله”.
هذا الكلام مؤلم، لكنه الواقع الذي علينا، نحن العرب والمسلمين، أن نتحرك من خلاله وإلا فإن الأحوال ستسوء في غزة والضفة الغربية ومختلف الدول التي شهدت نشاطا للمقاومة.
اليوم تشهد المنطقة تغيرات لا تصب في صالح المقاومة، والغالب أن التغيير الذي طال سوريا سيطال غزة والضفة واليمن، وكل هذا سيضعف إيران التي إن لم تتمكن من الإفلات من تفكيرها الذي لم يجلب لها سوى العداوات، قد تلاقي المصير نفسه.