بعض الناس قد تجد صعوبة في التعامل معه، فلا تدري ما يريد، وما الذي يعجبه وما لا يعجبه، بل قد يكون هو نفسه لا يدري ماذا يريد! تراه أحيانًا طيِّبًا إلى حدٍّ يعجز الوصف عن وصف طيبته، وتراه أحيانًا أخرى شريرًا نكديًا لا يمكن تحمله.
التصالح مع النفس هو حالة من الانسجام الداخلي بين الفرد وأفكاره ومشاعره وسلوكياته، ويتحقق هذا التصالح عندما يقبل الإنسان ذاته بعيوبها ومميزاتها، ويسعى لتحسينها دون قسوةٍ أو جَلْد. يُعد هذا التصالح مفتاحًا لتحقيق السلام النفسي والسعادة، حيث يمنح الإنسان شعورًا بالراحة الداخلية والاطمئنان، ما ينعكس إيجابيًا على مختلف جوانب الحياة.
التصالح مع الذات يُعزِّز الثقة بالنفس، ويُمكِّن الإنسان من اتخاذ قراراته بثبات. كما أنه يساهم في تحسين العلاقات الاجتماعية، حيث يكون الشخص المتصالح مع ذاته أكثر قدرةً على بناء علاقات صحية ومتوازنة، بالإضافة إلى ذلك، فإنه يُخفف من التوتر الناتج عن النقد الذاتي أو التوقعات المجتمعية.
من أهم أسباب عدم التصالح مع النفس: الشعور بالنقص أو الدونية، أو الشعور بالكمال الزائف. ولتحقيق التصالح مع النفس يحتاج الإنسان إلى قبول ذاته كما هي، مع التركيز على نقاط القوة والسعي لتطويرها دون مقارنةٍ بالآخرين. التسامح مع النفس يساعد على تجاوز أخطاء الماضي واعتبارها دروسًا للنمو. كما أن تعزيز التفكير الإيجابي، واستبدال الأفكار السلبية بنظرةٍ متفائلة إلى جانب ممارسة الامتنان والاعتراف بالنِّعم، كلها خطواتٌ ضروريةٌ للوصول إلى هذه الحالة.
الإسلام يدعو إلى التصالح مع النفس من خلال التزكية والتهذيب. قال تعالى: “قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا”. فالتزكية تعني تهذيب النفس وتطويرها بما يُحقق التوازن والسكينة.
التصالح مع النفس ليس مهمةً قصيرةَ المدى، بل هو عمليةٌ مستمرةٌ تتطلب وعيًا وصبرًا. لكنه في النهاية يُعدُّ مفتاحًا للنجاح والسعادة، ووسيلة للتخلص من قيود النقد السلبي للذات، وكذلك للتخلص من وهم الحياة الزائفة التي يرسمها بعضهم لنفسه، وحقيقته خلافُ ذلك!.
مستشار بشؤون الأسرة