"إلى ابني المثقف الرياضي هيثم، وإلى زوجته الدكتورة حنان، أهديهما هذه المقالة في يوم زواجهما الميمون المتزامن مع هذه المناسبة الرياضية السعيدة لكل البحرينيين" .
------------------------------------------------
مما لا شك أن الفرح حاجة بيولوجية نفسية عظيمة للإنسان تعظم أهميتها في أوقات المحن والمآسي الطويلة على المستويين الفردي والجماعي، ومن أجمل نعوته ما عبّر عنه العالم اللغوي الكبير عبد القادر الجرجاني:" لذة في القلب لنيل المشتهىٰ"، والغاية هنا ( المشتهى) قد تكون بذلك فردية أو جماعية.وإذا كان الفرح يتحقق في المناسبات التقليدية العديدة في كلتا الحالتين، كمناسبات الزواج ومواليد الشخصيات العظيمة دينية كانت أم وطنية، وغيرها من المناسبات الأخرى،فإن الفرح يغدو مطلباً يفرض نفسه تلقائيا -بوعي الإنسان أو بدونه- في أوقات الأتراح والأحزان بعيدة المدى.
وبهذه المعاني كلها نفهم لماذا كرة القدم منذ نشأتها التاريخية، وبصفتها أكثر الألعاب شعبية في العالم، ظلت وما زالت تستقطب شعوب المعمورة كافة لنيل "المشتهى" بغية استعادة حيويتها وتجديد طاقتها،لنيل شحنة من الأمل تقلل من حجم الأحباط المتعاظم.
وفي تقديرنا مادامت الحاجة الماسة إليها قد فرضت نفسها موضوعاً، فإنه ينتفي بذلك ربطها بشروط اجتماعية أو سياسية أو خلافها، فلحظة الفرح لا يجوز تقييدها بشروط للتعبير عنها بل هي إذ تفرض نفسها -كعاطفة وحاجة- فإنها تنطلق من بواعث الذات بلا قيود أو شروط.
وغني عن القول أن منطقتنا العربية ليست بمنأى عما شهده العالم منذ 15 عاماً من توترات داخلية وحروب إقليمية،لا بل هي من أهم المناطق التي اكتوت وما زالت تكتوي بنيرانها.وبتلك المعاني يمكننا فهم الفرحة العارمة التي عمت شعبنا البحريني الذي خرج عن بكرة أبيه وبمختلف فئاته مساء السبت الماضي حتى الفجر للتعبير عنها إثر فوز منتخبنا الوطني على نظيره العُماني الشقيق بهدفين مقابل واحد لعُمان، لينال بذلك -عن جدارة واستحقاق- كأس الخليج للمرة الثانية في تاريخ هذه البطولة.وما كان شعبنا ليعرف مذاق هذه الفرحة العظيمة لولا منتخبنا أن الوطني "صانع الأفراح" وملاذ شعبه لطلبها، وما كان المنتخب ليحقق هذه "المعجزة الأسطورية" في تغيير مجرى المباراة خلال خمس دقائق فقط، بعد أن هيمن جو التشاؤم الشديد إثر تمكن عُمان من هزيمتنا بتسديد الهدف الأول، ولولا أن منتخبنا لم يتخل لحظة واحدة عن إرادته الفولاذية لتغيير الهزيمة إلى النصر، منطلقاً في ذلك من عاطفة ولاء وطني جامحة لوطنه العظيم" أوال". فكل الشكر والتقدير لمنتخبنا الوطني "صانع الأفراح" .. وللبحرينيين -قيادةً وشعباً- والذين حظي منتخبنا بدعمهم المادي والمعنوي.