ونحن على مشارف العام 2025، يبدو الاقتصاد البحريني أمام مرحلة جديدة من التطور والنمو، مدفوعا بالعديد من المشاريع الكبرى التي تعكس التزام المملكة بتحقيق التنويع الاقتصادي وتعزيز جاذبيتها الاستثمارية، مثل مشروع توسعة مصفاة بابكو، ومواصلة عمليات الاستحواذ والاندماج خاصة في القطاع المصرفي، وتطوير التشريعات والقوانين التجارية، وغيرها.
وما يزال عدد من المشروعات الضخمة المرتقب إنجازها مثل جسر الملك حمد، ومشروع طريق البحرين الشمالي بتكلفة 1.3 مليار دولار، ومشروع مطار البحرين الدولي (المحطة الملكية) بتكلفة مليار دولار، ومشروع المرحلة الأولى من مترو البحرين بتكلفة 500 مليون دولار، ومشروع جسر المحرق، وغيرها الكثير من المشاريع النوعية الكبرى.
ومع هذه المشاريع الطموحة، تزداد الحاجة إلى تعزيز الانفتاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية، فوفقا لتقرير البنك الدولي للعام 2024، يعتبر تحسين بيئة الأعمال وتخفيف القيود البيروقراطية وتبني سياسات اقتصادية مرنة، من العوامل الرئيسة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وتبرز أهمية هذه المشروعات الضخمة في أنها تلعب دورا فاعلا في زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي بلغ خلال الفترة ما بين يناير ومايو من العام 2024 نحو 201 مليون دولار، وساهم في خلق 505 وظائف مستحدثة، مع توقعات بمزيد من النمو بفضل تحسين السياسات الاقتصادية.
ومما يبعث على التفاؤل أيضا أن هذه المشاريع تساهم في خلق فرص عمل جديدة للمواطنين البحرينيين، ففي مشروع توسعة مصفاة بابكو إنرجيز مثلا تم توظيف أكثر من 500 مهندس ومهندسة بحرينية حتى الآن، وكل وظيفة داخل الشركة تخلق حوالي 10 وظائف خارجية في القطاع الخاص لدعم الصيانة والخدمات، إلى جانب وجود خطة لتوظيف البحرينيين بنسبة تصل إلى 90 % خلال السنوات الخمس القادمة، فضلا عن فرص التدريب والتطوير المهني لتمكين الشباب البحريني من المهارات اللازمة لمواكبة تطورات سوق العمل.
يجب أن يكون اقتصادنا مواكبا أيضا للتوجهات الاقتصادية العالمية، نحو التحول الرقمي، والتنمية المستدامة، والاستثمار في الطاقة المتجددة كمحركات رئيسة للنمو، ومن المتوقع أن تلعب التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين دورا متزايدا في تغيير نماذج الأعمال التقليدية.
وفي هذا السياق، تمتلك البحرين فرصة سانحة لتبني هذه التوجهات العالمية بفعالية، إذ يمكن تعزيز الابتكار المحلي من خلال الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتطوير الكفاءات الوطنية، وتعتبر هذه الخطوات ضرورة اقتصادية، وعاملا حاسما في تعزيز تنافسية البحرين وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
ومن خلال كل ما سبق، يبدو لي أن العام 2025 سيكون بمثابة نقطة تحول في مسيرة الاقتصاد البحريني، حيث تجمع المملكة بين الاستثمارات الكبرى والانفتاح الاقتصادي لخلق بيئة مستدامة للنمو، ومن خلال تركيز البحرين على تعزيز رأس المال البشري وتحقيق التنوع الاقتصادي، وجذب الاستثمارات النوعية، وخلق فرص العمل للمواطنين، وفرص ومشروعات الأعمال للتجار.