يُشكّل الفساد آفة عالمية تعوق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لأية دولة، مما دفع الأمم المتحدة إلى تخصيص التاسع من ديسمبر من كل عام يومًا عالميًّا لمكافحته، فالفساد هو إساءة استغلال السلطة العامة سواء من قبل أفراد أو مؤسسات لتحقيق مكاسب شخصية، وذلك على حساب الصالح العام. ومما لا شك فيه أصبحت مكافحة الفساد التحدي الأبرز الذي تواجهه الحكومات حول العالم، وفي هذا السياق برهنت مملكة البحرين التزامها الراسخ بمكافحة الفساد من خلال انضمامها المبكر إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وقد تجسد هذا الالتزام في إصدار قانون رقم (7) لسنة 2010 الذي صادق على الاتفاقية، مؤكدةً بذلك حرصها على تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد على كل المستويات.
وتُعد الحوكمة من الأدوات الرئيسة الفعّالة في مكافحة الفساد، حيث أصبحت ركيزة أساسية للقضاء على هذه الآفة، من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة والنزاهة في جميع القطاعات. الأمر الذي يُقلل فرص الفساد ويحد من استغلال موارد الدولة بشكل غير قانوني. فمبدأ الشفافية في القطاع الحكومي هو إتاحة المعلومات والبيانات الحكومية للجمهور بشكل واضحٍ وسهل المنال، حيث يهدف هذا المبدأ إلى تمكين المواطنين والمجتمع المدني من فهم أعمال وقرارات وأداء القطاعات الحكومية بشكل كامل. ولتفعيل الشفافية في القطاع الحكومي، يجب على كل جهة حكومية نشر معلومات وبيانات متعلقة بأعمالها وقراراتها وسياساتها بشكل دوري وواضح، مثل نشر البيانات المالية والميزانيات، والتقارير، واللوائح.
ويتطلب ذلك توفير سهولة الوصول لتلك المعلومات عبر إنشاء منصات إلكترونية شاملة وسهلة الاستخدام، مع ضرورة توضيح آلية اتخاذ القرارات في تلك الجهات والعوامل المؤثرة فيها.
يُعد تفعيل الشفافية في القطاع الحكومي خطوةً أساسيةً لتحقيق المساءلة، والتي تتطلب آليات فعالة لمراقبة وتقييم أداء القطاعات الحكومية ومسؤوليها بشفافية تامة. وتهدف المساءلة إلى تعزيز المشاركة المجتمعية في عمل القطاع الحكومي وضمان تلبية احتياجات وتطلعات المواطنين. ويتم ذلك من خلال: إنشاء هيئات مستقلة أو آليات لمراقبة أداء القطاع الحكومي مع ضرورة تقييم سياساتها وبرامجها، وتقديم تقارير دوري بناء على النتائج التي تم تحقيقها.
وأخيرًا، وجود حوكمة فعالة في القطاع الحكومي يساهم في تحسين إدارة مواردها، فتوجيه تلك الموارد بشكل فعال يؤدي إلى تقليل فرص الفساد والهدر العام. ويساهم في بناء الثقة العامة في القطاع الحكومي. ومن جهة أخرى تلعب الحوكمة دورًا في إنشاء هياكل رقابية مستقلة لمراقبة أعمال القطاعات الحكومية، من خلال إنشاء هيئات مختصة لمكافحة الفساد من خلال دورها الحاسم في رصد الفساد وتعزيز النزاهة، إضافة إلى ذلك دورها المحوري في المساهمة في تشجيع المشاركة المجتمعية في رصد الفساد في القطاع الحكومي. فعندما تكون للمواطنين فرصة للمشاركة والإبلاغ عن المخالفات، يتم تحقيق نتائج أفضل في مكافحة الفساد.