افتتح معرض المخطوطات السعودي بالرياض في 28 نوفمبر 2024م، والذي حضرته بدعوة كريمة من الجهة المنظمة المتمثلة في وزارتي الإعلام والثقافة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، والذي يعد الأول من نوعه في الوطن العربي.
لقد حقق المعرض الهدف الذي يسعى إليه بجدارة تامة، والمتمثل في التعريف بالتراث في المملكة العربية السعودية، وجهودها المبذولة في المحافظة على المخطوطات النادرة وصيانتها.
وضم المعرض زهاء 2000 مخطوطة ضمت العديد من المخطوطات المهمة والنادرة، والتي منها عشرات النسخ من المخطوطات القرآنية التي كتبت بخط اليد عبر مئات السنين. كما تم عرض مجموعة كبيرة جدًا من مخطوطات الكتب التي كتبت بخط مؤلفيها، والتي غطت الكثير من كتب التاريخ والأدب والدين وغير ذلك من مواضيع معرفية متعددة، وكانت تلك خطوة مهمة جدا وإضافة جديدة.
ويعد معرض المخطوطات السعودي أول معرض من نوعه تنظمه دولة عربية من حيث عدد المخطوطات التي تم عرضها، والذي ساهمت فيه بعض المؤسسات المعروفة ومن أبرزها مكتبة الملك فهد الوطنية.
لم يقتصر المعرض على عرض المخطوطات القديمة والمهمة والنادرة فقط، بل نجح القائمون على تنظيم المعرض نجاحا باهرا في إعداد وتنفيذ برنامج ثقافي مصاحب للمعرض تحت عنوان “الجلسات الحوارية” تحدث في فيها كبار المتخصصين والمهتمين والمؤلفين والباحثين في مجال المخطوطات من بعض الأقطار العربية، إضافة إلى مجموعة من المهتمين وأصحاب الخبرة في المخطوطات من أبناء المملكة العربية السعودية.
تناول اليوم الأول في جلسته الأولى موضوع “تاريخ المخطوطات النادرة”، والذي تم التركيز فيه على نوادر مخطوطات الدرعية المتمثلة في مخطوط عمره 800 سنة. وتم في الجلسة الثانية من اليوم الأول موضوع “المخطوطات والتقنية”، إذ تم التركيز على الأرشفة الرقمية للمخطوطات، وكيفية استخدام التقنية في رقمنة وتحليل المخطوطات.
وخصص اليوم الثاني في جلسته الأولى للحديث عن تحقيق مخطوطات التفسير ودور الوثائق في استكمال أخبار كتب التاريخ والرؤية الحديث في تحقيق المخطوطات. وخصصت الجلسة الثانية عن إسهامات الدولة السعودية في حفظ المخطوطات السعودية في مجمع المكتبات الوقفية بالمدينة المنورة، والعناية بدراسة المخطوطات في الدرعية. كما تم تناول موضوع المخطوطات في العالم العربي مع التركيز على وضع المخطوطات في المكتبات: العراقية والمغرب العربي ومصر.
تركز اليوم الثالث في جلسته الأولى على أهمية الحفاظ على المخطوطات من خلال الحديث عن التقنيات المستخدمة في الحفاظ على المخطوطات في وقتنا الحالي، وكذلك التركيز على استخدام التقنيات في ترميم المخطوطات. وخصصت الجلسة الحوارية الثانية للحديث عن فنون الكتابة والزخرفة. وتم في الجلسة الحوارية الثالثة تناول موضوع دور المخطوطات في تطور العلوم.
تبيّن لي من خلال الخمسين سنة التي قضيتها في خدمة الكتاب والمكتبات العامة والوطنية، وزيارتي المتعددة للمكتبات والمعارض على اختلافها في الشرق والغرب، تبين أن معرض المخطوطات السعودي نقلة نوعية وفريدة من نوعها في التنظيم المتميز والعالي الجودة من جهة، وعرض المخطوطات القديمة والنادرة جدا والمحافظة عليها من جهة أخرى.