يحتفل العالم باليوم العالمي لذوي الإعاقة في الثالث من ديسمبر، وهو مناسبة تهدف إلى تعزيز الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتسليط الضوء على التحديات التي يواجهونها، ذلك أن حماية حقوق هذه الفئة تعد من الأولويات الأساسية في المجتمعات المتقدمة، وتسعى الدول إلى وضع تشريعات جنائية صارمة لضمان حمايتهم من أي انتهاكات أو تمييز.
صدرت في مملكة البحرين العديد من التشريعات التي تهدف إلى حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي وضعت لضمان تمتعهم بحياة كريمة وآمنة، حيث صادقت المملكة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتمدتها الأمم المتحدة التي تحمي وتعزز حقوقهم لضمان تمتعهم الكامل بحقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الآخرين، ولأغراض الحماية فإن التشريعات الجنائية أداة أساسية لحماية الأفراد، وقد أولى المشرع اهتمامًا خاصًا ببعض الفئات الأكثر عرضة للانتهاكات، ومن بينها الأشخاص ذوي الإعاقة، وفي هذا السياق، صدر القانون رقم (74) لسنة 2006 بشأن رعاية وتأهيل وتشغيل ذوي الإعاقة، والذي يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار كل شخص يلزم برعاية أحد الأشخاص ذوي الإعاقة أياً كان مصدر هذا الإلزام ويهمل في القيام بواجباته أو في اتخاذ ما يلزم لتنفيذ هذه الواجبات، وأيضاً بتغريم صاحب العمل أو المدير المسؤول الذي يرفض من دون عذر مقبول تشغيل الشخص ذي الإعاقة وفقاً لأحكام القانون، وأيضاً ما جاء بقانون العقوبات بالحبس أو بالغرامة لمن عرض للخطر شخصاً عاجزاً عن حماية نفسه بسبب حالته الصحية أو العقلية، والحبس أيضاً لمن انتهز حاجة قاصر أو محجور عليه أو من حكم عليه باستمرار الوصاية أو الولاية عليه، أو استغل هواه أو عدم خبرته وحصل منه على إضرار بمصلحته أو مصلحة غيره على مال أو على سند أو على إلغاء سند أو تعديله، فضلاً على ما جاء بالحماية بالنسبة للمتهمين إذا كان وقت ارتكاب الجريمة ناقص الادراك أو الاختيار بسبب حالة مرضية حكم عليه بعقوبة مخففة أو بإيداعه مأوى علاجيا، وغير ذلك من أوجه الحماية الجنائية التي نص عليها المشرع البحريني.
وفي هذا المقام نستعرض إحدى الوقائع التي وردت للنيابة العامة من وزارة التنمية الاجتماعية عن إهمال شخص ملزم برعاية ابن اخته الذي يعاني من إعاقة ذهنية في رعايته وذلك بوضعه في مكان غير ملائم للسكن وإجباره على العمل لساعات طويلة، وعليه تمت إحالة ذلك الشخص للمحكمة والتي قضت بإدانته، ولم تكتف النيابة العامة بذلك بل تابعت حالة المجني عليه الصحية والنفسية بالتنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية لوضعه في أحد دور الرعاية وشموله بالعناية اللازمة.
إن اليوم العالمي لذوي الإعاقة فرصة هامة لتسليط الضوء على حقوق هذه الفئة وتعزيز الوعي بأهمية حمايتهم، وإن القوانين التي اعتمدتها مملكة البحرين المتفقة مع الاتفاقيات الدولية لتعكس التزام المجتمع الدولي والمحلي بضمان حياة كريمة وآمنة للأشخاص ذوي الإعاقة، ومع ذلك يبقى التحدي الأكبر في تطبيق هذه القوانين بشكل فعال بعدم إمكانية فئة كبيرة من ذوي الإعاقة من الإبلاغ عما يتعرضون له من إهمال في الرعاية من قبل الأشخاص الملزمين برعايتهم مما يحد من مقدرة الجهات المختصة من الإحاطة بمظاهر التقصير في الرعاية، ومن ثم ولتجاوز هذه العقبة يجب تعزيز التوعية المجتمعية والحث على الإبلاغ لدى الجهات المعنية عن أي حالة إهمال أو أي مظهر من مظاهر التقصير، ومن خلال ذلك نضمن توفير الحماية في أعلى درجاتها.
* رئيس نيابة الوزارات والجهات العامة