العدد 5892
الأحد 01 ديسمبر 2024
banner
القمة الخليجية وصناعة المستقبل
الأحد 01 ديسمبر 2024

وسط أجواء من الترقب وملفات معقدة لما تمر به المنطقة من منعطفات خطيرة، تستضيف الكويت القمة ٤٥ لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، وهي القمة الثامنة التي تستضيفها درة الخليج ومهد أنجح تجربة تكاملية جمعت دول الخليج بفكرة من الوالد حضرة صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله عام 1976، الذي ظل يناضل لخمس سنوات حتى نجح في تحقيق الحلم الذي أصبح واقعا في مايو ١٩٨١.
تنطلق أعمال القمة ٤٥ يوم الأحد الأول من ديسمبر بملفات عديدة ومتشابكة وسط ترقب عربي وإقليمي وعالمي؛ لما تمثله دول الخليج من ثقل سياسي واقتصادي في ظل تطورات الحرب الروسية - الأوكرانية، والحروب المشتعلة في المنطقة، وموقف دول الخليج من إيران، وخاصة بعد عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض والعلاقات الأميركية - الصينية وموقف دول الخليج المتوازن بينهما لتأمين المصالح الاقتصادية والحفاظ على العلاقات مع كليهما، في ظل عالم لن تنجح فيه إلا التكتلات والكيانات المترابطة.
والحقيقة أنني أراهن وبشدة على حكمة قادة دول مجلس التعاون في إنجاح القمة والوصول إلى بيان مشترك يحقق مصالح دول الخليج ومطالب شعوبهم، رغم صعوبة الظروف الراهنة والأحداث المشتعلة، إلا أنني أرى في الاتحاد قوة، وخاصة أن القمة تأتي تحت شعار “المستقبل... خليجي”.
لقد نجح مجلس التعاون لدول الخليج منذ نشأته في تحقيق أهدافه التي تأسس من أجلها تحت راية “خليجنا واحد”، ونجح في توحيد الكلمة والموقف والحفاظ على الهوية الخليجية التي ينتظرها ملف شائك فيما يتعلق بالتطورات التقنية التي تتمثل في التهديدات السيبرانية والذكاء الاصطناعي، وكيفية الحفاظ على شبابنا الخليجي من مساوئ هذا لتطور التكنولوجي المرعب واستغلاله بطريقة إيجابية. 
وتعزيز دوره في مسيرة التنمية والرؤى المستقبلية الخاصة بكل دولة، وكيفية استغلال هذه الرؤى التنموية في إطار سوق خليجية مشتركة تحقق أحلام شعوب دول الخليج، التي تملك صناديق سيادية تتخطى 4 تريليونات دولار وتتحكم في النفط، أهم مصادر الطاقة، ونقطة قوة يجب استغلالها.

ولعل ملف الطاقة المتجددة والأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية غير القائمة على القطاع النفطي، حاضر وبقوة على طاولة الخطط الاستراتيجية، التي نرجو أن تحظى مستقبلًا بالاهتمام في ظل التحديات المستقبلية والتصعيد العسكري في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي والحرب الروسية - الأوكرانية، والذي يؤثر بدوره في حركة التجارة العالمية ويقلل فرص الأمن والسلام.
لقد جاءت هذه القمة في توقيت مناسب، وهي فرصة ذهبية لبلورة موقف خليجي موحد في المجالات كافة، وأكرر مرة أخرى أني على ثقة من أن أرض الكويت الطيبة التي خرجت منها فكرة وحدة وتعاون دول الخليج، سوف تشهد نجاح هذه القمة في ترسيخ وحدة الصف الخليجي، وأن الكويت التي تمثل العمق الحضاري والثقافي والوسيط المعتدل المحايد وقت الأزمات بين الإخوة وجسر الروابط بينهم، سوف تعمل على إنجاح القمة تحت رعاية حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد حفظه الله ورعاه، مع إخوانه القادة من أصحاب السمو والفخامة، لتكون هذه القمة انطلاقة حقيقية لمستقبل مشرق من الأمن والأمان والسلام والرخاء لكل شعوب دول الخليج.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية