العدد 5873
الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
banner
بايدن وهاريس.. والتسامح الانتخابي
الثلاثاء 12 نوفمبر 2024

لعل من طبائعنا في حياتنا السياسية العربية أننا لا نتعلم من إيجابيات أعدائنا أو خصومنا السياسيين، مهما كان مقدارها، فلطالما تجاهلنا مثل هذه الإيجابيات و أغمضنا أعيننا عنها، ولا سيما فيما يتعلق بالممارسة الديمقراطية تجاه بعضنا بعضاً خلال المنافسات الانتخابية.مناسبة هذه المقدمة هو خبر اعتراف كل من الرئيس الأميركي جو بايدن ومرشحة الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس بهزيمة الأانتخابات الرئاسية،فبعد مضي يومين على هذه الانتخابات وقفت هاريس في جامعة هوارد دون أن تسبقها ضحكاتها التي عُرفت في كل إطلالاتها، وأمارات الحزن التي فشلت في إخفائها بادية على وجهها، حتى أنها بالكاد تمسك برباطة جأشها، وقفت وبصوت أقرب إلى التهدج لتعترف بهزيمتها، وإنها أتصلت بمنافسها المرشح الجمهوري دونالد ترامب لتهنئته بالفوز، وأنها وفريقها ستساعده على انتقال السلطة إليه ودياً وبأريحية. وهذا بالضبط ما فعله الرئيس بايدن حيث هنأه بالفوز مؤكداً على تسليمه السلطة الرئاسية سلمياً وبسلاسة في موعد تسليمه إياها في 20 يناير القادم. 
وإذا كانت تهنئة المهزوم للفائز هي هو  واحدة من الأعراف التي استقرت ردحاً من الزمن بُعيد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن ما يكسبه هذا العُرف من دلالات في التحضر والتسامح الإنساني بشكل أعمق أن المهنئين-هاريس وبايدن- لم يعاملا ترامب بالمثل الذي رفض الاعتراف بفوز بايدن في انتخابات 2020 وشكك في نزاهتها، ولم يقم بتهنئته جرياً على العرف الديمقراطي. إن هذه الروح الراقية من التسامح إزاء الخصم في المعارك الانتخابية،على أختلاف أنواعها من رئاسية ونيابية أو في أي مؤسسة مدنية، إنما تتجلى حين ندرك إن مرارة وطعم الهزيمة التي تعتمل في روح الإنسان المهزوم هي هي من حيث شدتها. على أن اعترافنا بهذا التسامح الإنساني الحضاري الذي عُرفت به الانتخابات الأميركية لا ينفي بأي حال من الإحوال غيابه في تعامل الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاه خصومها وأعدائها في العالم، ولا سيما تجاه قضايانا العربية، حيث سياسة العداء والانتقام هي العرف السائدالسائد دائماً منذ نكبة 1948.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .