لطالما ألهمتني مقالات “ماذا لو” وأخذتني في رحلات إلى المستقبل، حيث تُعيد التكنولوجيا تشكيل حياتنا. اليوم، ونحن على أعتاب ثورة صناعية خامسة، يتبادر إلى ذهني سؤال مُلحّ: كيف سيستعد الإعلام لهذه القفزة الهائلة؟ لقد شهد العالم أربع ثورات صناعية سابقًا، كل واحدة تمتد على أكتاف سابقتها، حاملةً معها تطورات تكنولوجية جذرية غيّرت طريقة حياتنا وعملنا. من المجتمعات الزراعية إلى الصناعية مع ظهور الآلات البخارية في الثورة الأولى، إلى نمو الصناعات واختراع الهاتف والمصباح الكهربائي في الثانية، ثم ظهور الكمبيوتر والإنترنت في الثالثة، وصولًا إلى دمج التكنولوجيا في جميع جوانب حياتنا مع الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في الرابعة.
كل ثورة من هذه الثورات لم تكن مجرد تغيير تدريجي، بل كانت زلزالًا يُعيد تشكيل قواعد اللعبة، يُؤثر على سوق العمل، ويُعيد تعريف مفهوم الثروة والفقر. والإعلام، كونه مرآة العصر، تأثر بكل هذه التحولات، فمع اختراع المطبعة ظهرت الصحافة لتُساهم في نشر الوعي، ومع الهاتف والراديو تسارعت وتيرة الأخبار، ثم جاء التلفزيون ليُضيف البُعد البصري، وأخيرًا أحدث الإنترنت ثورة في كيفية تلقّينا للمعلومات مع ظهور المدونات وصحف الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت منصاتٍ إعلامية بحد ذاتها.
من الصعب تحديد مدة زمنية دقيقة لكل ثورة صناعية، لأنها عملية تطور تدريجي ومتداخلة، من الملاحظ أن مدة كل ثورة تقل عن سابقتها، من قرن إلى نصف قرن إلى ربع قرن، ونحن الآن في ثورة رابعة تفرخ مراحل كثيرة، وهذا يعكس تسارع وتيرة التطور التكنولوجي في العصر الحالي.
لكن كيف سيبدو الإعلام في عصر الثورة الخامسة؟ مع توقعات بظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي القادر على إنتاج المحتوى وتحليل بيانات الجمهور، وثورة الواقع الافتراضي والمعزز التي ستُتيح تجربة الأحداث بشكل غامر، وواجهات الدماغ الحاسوبية التي قد تُغيّر كيفية تفاعلنا مع المعلومات، يبدو أننا على مُفترق طرق. هذه التقنيات تفتح آفاقًا واسعة للإعلام، لكنها تُثير تحديات كبيرة أيضًا، مثل مخاطر التلاعب بالوعي وتعميق الفجوة الرقمية.
قد تظهر فجوة رقمية جديدة بين من يستطيعون الوصول إلى تقنيات الثورة الخامسة ومن لا يستطيعون، مما قد يؤدي إلى زيادة التفاوت في الحصول على المعلومات والمشاركة في الحياة العامة. ومن هذا المنطلق سنقوم بتخمين الثورة الخامسة ثم سنخمن ماذا سيتغير في الإعلام. لنعرف كيف نستعد.
هذا التنبؤ بالتأكيد ليس قطعيًّا، إلا أنني أحتاج حكمة الحشود، وتقول هذه النظرية أن مجموعة كبيرة من الأشخاص، حتى لو كانوا أفرادًا عاديين لا يمتلكون خبرة متخصصة، يمكنهم التوصّل إلى تنبؤات أو تقديرات أكثر دقة للمستقبل.
هذه المرة أحتاج مساعدتكم، أدعوكم للمشاركة في رسم ملامح المستقبل، شاركوني توقعاتكم حول شكل الثورة الصناعية الخامسة وتأثيرها على مستقبل الإعلام في التعليقات.