نعم، لقد عادت الأميّة بيننا وتربعت وسط مجتمعاتنا، مهددة لمخططاتنا ومُدمرة لأحلامنا. كُنا نُحاربها بالكتب والتعليم، لكن اليوم حتى أعظم الكُتب لن تفيد. الأمية التكنولوجية أصبحت اليوم مشكلة جذرية وكارثة زمنية، هل هي أزمة تصادم فكري، أم شح في الموارد، أم خلل في التوجيه؟ تتداخل الأسئلة لحل هذه القضية، ولكن يبقى التساؤل الأكبر هل نحنُ مستعدون لمواجهة الأمية من جديد؟! في زمن كورونا تكاتفت الجهود لبناء أسس تكنولوجية قوية لجيل مثقف وواع استجابة للظروف العصيبة التي مرت بها دول العالم ومملكة البحرين على وجه التحديد، فقد احتلت مركزًا واضحًا ومشرفًا في لائحة الدول التي حاربت تبعات الوباء. لقد طورت مملكة البحرين القطاعات تكنولوجيًّا وجهزتها تقنيًّا لتكون قادرة على الاستمرار في ظل فترة كان البشر سجناء منازلهم.
وزارة التربية والتعليم مثال واضح يمثّل التطور الذي شهدته مملكة البحرين في المجال التكنولوجي، فقد انتقلت المدارس والمؤسسات التعليمية من كونها معتمدة على الوسائل التقليدية في التعليم كالأوراق والكتب – والتي هي مصادر غير متجددة تواجه نقصًا – إلى أن أصبحت في تلك الفترة معتمدة على وسائل تكنولوجية متقدمة تتمثل في برامج “التيمز” و”الزوم” وغيرها مما ولده عصر التكنولوجيا والتطوير. اليوم بعد أن هدأت عاصفة الوباء وأصبحنا خارج دائرة الطوارئ صحيًّا نرى أن تطورنا وجهودنا المتصاعدة تشهد ثباتًا ملحوظًا، فهل يا ترى نحتاج كارثة أخرى تدفعنا نحو التطور من جديد؟!.
فيروس كورونا كان بمثابة القنبلة النووية التي أحرقت 90 % من المدن اليابانية وقتلت ما يصل إلى 140,000 شخص في هيروشيما، و80,000 في ناغازاكي، اضطرت اليابان إلى النهوض من لا شيء وبناء المباني والبنية التحتية للدولة حتى نهضت على رماد ما دمرته القنبلة النووية كثالث أقوى دولة اقتصاديًّا. المصاعب تولد دولًا قوية ومتطورة قادرة على المقاومة، كانت ردة فعل مملكة البحرين تجاه العقبات التي تسببت بها الجائحة مبهرة نقلت المجتمع البحريني إلى مستويات جديدة في التقنية في عصر الروبوتات والذكاء الاصطناعي. أدعو جميع القطاعات نحو الاستمرار في مسيرة التطور التكنولوجي، واعتبار التطور في فترة كورونا مؤشر قدرتنا على إنشاء جيل متمكن تكنولوجيًّا وقادر على مجابهة تحديات المستقبل ودليل ذلك هو مدى فعالية مشروع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لمدارس المستقبل في مجال التمكين الرقمي.