تخيّل معي باصًا ملوّنًا يجوب شوارع بلدك، مزيّنًا برسومات جذابة وشعارات تدعو إلى التفكير النقدي!، هذا ليس مجرد باص عادي، بل هو “القافلة” التي أطلقها معهد الإعلام الأردني وشاركت معهم بها احتفالًا بأسبوع التوعية بالدراية الإعلامية والمعلوماتية، فكرة مبدعة تستحق أن تُعمم في جميع أنحاء الوطن العربي.
يُحتفل هذا الأسبوع بأسبوع التوعية بالدراية الإعلامية والمعلوماتية الذي تنظمه اليونسكو، وهو مناسبةٌ نُسلّط فيها الضوء على أهمية امتلاك المهارات اللازمة للتعامل مع سيل المعلومات الهائل الذي يغمرنا في عصرنا الرقمي. فلم تعد القدرة على القراءة والكتابة كافيةً، بل أصبح من الضروري أن نكون قادرين على فرز المعلومات، وتحليلها، وتقييم مصداقيتها، واستخدامها بفعالية ومسؤولية.
يقولون الجزاء من جنس العمل، وبما أن التزييف والتضليل يكثران في التواصل الاجتماعي، فالتوعية يُفضّل أن تكون هناك، وبما أن التضليل يأتي ممزوجًا بالسكر بحيث يكون قصيرًا وخفيفًا وممتعًا، فمكافحته يجب أن تكون حلوة أيضًا بأن تكون خفيفة وسريعة وممتعة.
لأن التوعية الفعّالة تتطلب التواصل المباشر، تخرج “القافلة” من قاعات التدريب التقليدية لتجوب الجامعات، حيث تبدأ الرحلة بتقديم دورات تفاعلية قصيرة للطلبة، بينما يقف الباص في ساحة الجامعة ليُلفت انتباه الجميع، ويدعو المتطوعين الطلبة لصعود “الباص” والمشاركة في مجموعة من الأنشطة المُسلية والمُفيدة مثل مشاهدة فيديوهات قصيرة تُعرفهم بمفاهيم الدراية الإعلامية، ثم المشاركة في لعبة إلكترونية عبر هواتفهم لاختبار معلوماتهم في جوّ من المُنافسة، والمشاركة في لعبة “الحية والسلم” على سجادة كبيرة لتعلم مهارات الدراية الإعلامية بطريقة مُبتكرة، وخلال هذه الأنشطة، يتواجد المدربون للإجابة على أسئلة الطلبة وتشجيعهم على التفكير النقدي في قضايا الإعلام والمعلومات والحماية الرقمية.
بعد قضاء الوقت في الجامعة، ينتقل الباص لمؤسسة مجتمع مدني ناشطة في تلك المحافظة بترتيب مسبق، لنتحدث عن همومهم في التضليل، وأيضًا لتسليحهم بأدوات ومهارات التفكير الناقد لمواجهة هذه العاصفة.
“القافلة” تُقدّم لنا رحلةً ممتعةً ومفيدةً في عالم الدراية الإعلامية والمعلوماتية، فهي:
- تُثير فضولك: تصميمها اللافت للنظر يجذبك إليها حتى لو لم تكن مهتمًّا بالموضوع من قبل.
- تُقدم لك جرعاتٍ مُركزةً من المعرفة: دوراتٌ تدريبيةٌ تفاعليةٌ قصيرةٌ تُقدمها في الجامعات، تُعلمك كيف تُحلل المعلومات وتُقيّم مصداقيتها.
- تُشركك في ألعابٍ ومسابقاتٍ مُسلّية: تُتيح لك فرصة اختبار معلوماتك من خلال ألعابٍ إلكترونيةٍ على هاتفك، ولعبة “الحية والسلم” على أرض الواقع.
- تُخاطب مختلف شرائح المجتمع: تزور الجامعات والمؤسسات المدنية، لتُناقش التحديات التي تواجهها في التعامل مع المعلومات المُضللة.
فلا يكفي أن نكون مُجرّد مُستهلكين للمعلومات، بل يجب أن نكون قادرين على فرزها وتحليلها وتقييمها، لنُصبح مواطنين واعين ونُساهم في بناء مجتمعٍ مُستنيرٍ.