العدد 5862
الجمعة 01 نوفمبر 2024
banner
هل نحن مقبلون على عصر فك ارتباط الدولار خليجيا؟
الجمعة 01 نوفمبر 2024

الكثير من رواد الأعمال، وزملاء من التجار البحرينيين، يتبادلون أطراف الحديث بشأن تحليلات كثيرة تتعلق بانخفاض أسعار صرف الدولار وارتفاع الذهب، مستندين إلى المعطيات الاقتصادية الدولية التي تؤثر على الوضع الاقتصادي الخليجي والمحلي بشكل خاص، الذي يحدده بلا شك سعر برميل النفط وتعريف سعره في إيرادات الدولة ومن ثم وضع خطة المصروفات.

وإن المشهد ليس بالسهولة التي يمكن فيها تعريفه وشرحه، نظرا لتشابك المعطيات التي قد ترجح استمرار سبب ارتباط العملة الخليجية، الدينار البحريني والريال السعودي على وجه الخصوص، بالدولار.

هذا الارتباط يأتي نتيجة وجود واستقرار الصناديق السيادية الأحادية ذات الاستثمارات بالدولار أولا، وارتباط جميع المعطيات المالية والاقتصادية بالبنك الفيدرالي المركزي، الذي يحتسب أيضا الفائض أو العجز بالدولار، ويعد هذا الارتباط بالغ الأهمية نتيجة جعل برميل النفط مرتبطا بالتعرفة المالية لبقية الدولار، بسبب العلاقات التجارية العديدة والقديمة جدا، والسبب الأخير والأهم في اعتقادي هو أن الدولار هو العملة الأكثر انتشارا في العالم، ويليه اليورو بنسبة انتشار أقل من 25 %، ما يجعل تطبيق ما تفعله دولة الكويت الشقيقة صعبا، إذ ترجح سعر صرف الدينار الكويتي على مجموع سلة العملات، التي أيضا أساسها الدولار؛ بسبب تنوع صناديقها السيادية من جهة، وقدم وضخامة صناديقها في أكثر من منطقة اقتصادية مختلفة، ما يجعل من الأمر النظري سهلا تحققه فعليا مقارنة بنا.

ومن هنا، كنت أرجح صعوبة فك ارتباط العملة المحلية بالدولار، الأمر الذي كان أشبه بسابع المستحيلات سابقا، حتى ظهرت عصبة دول “البريكس” منذ الأزمة الاقتصادية السابقة في 2008، وحاولت منذ ذلك الوقت التأسيس لائتلاف اقتصادي مختلف عبر تنظيم تجاري معين للخروج من عباءة الدولار، وكانت هذه العملة تعرف القيمة الفعلية لجميع البضائع والخدمات والمواد الغذائية والطبية، التي بالطبع فرضت إيقاعا قويا جدا بسبب ارتباط الدولار بشكل مباشر بأسعار براميل النفط الخليجية.

والعام 2024، هو العام الذي  شهد قرارا من الدول الخليجية بحضور الاجتماعات التحضيرية لدول مجموعة البريكس، وقد سجل قرار دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية تحولا جذريا بالدخول إلى دول البريكس منذ نحو العام، ما ينذر بتحولات متسارعة جدا، وتغير معطيات نفق الركود الاقتصادي الذي يعاني منه العالم منذ سنوات.

ويتزامن هذا مع تفاقم أزمة الديون الدولية، إذ إن بعض الدول قد أفلست بسبب فوائد البنك الأميركي الفيدرالي، الذي يتحكم في عالم الدولار وجميع التحويلات المالية العالمية المعتمدة وفق النظام المالي المتوافق مع رصد التحويلات المالية، بعيدا عن عمليات غسل الأموال. 

وإن العملات المعتمدة تتنوع وفق التصنيف الائتماني العالمي، الذي يتراوح من AAA إلى BB وأحيانا يكون سالبا، وهذا ما يُبنى عليه أيضا الكثير من القرارات الاستراتيجية بشأن وضع الديون وآلية الإقراض التي تمول مشروعات الدول.

إن فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار يظل موضوعا معقدا يتطلب دراسة شاملة للعديد من العوامل الاقتصادية والسياسية!

*  رائدة أعمال ومحللة اقتصادية [email protected]

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .