لا تتجاوز 20 دينارا سابقا
”الأعلى للقضاء”: تغريم المحرض على الفسق 50 ضعفا
يتجه مجلس الشورى الى إقرار مشروعين بقانون يقضي بتشديد عقوبة التحريض على الفسوق بما يشمل الوسائل الإلكترونية.
وأيدت الحكومة ما جاء به مشروع القانون الأول من تشديد العقوبة في المادتين (354) و (370) بحق من وجد في طريق عام أو مكان مطروق يحرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال أو بأية وسيلة أُخرى، وبحق من نشر بإحدى طرق العلانية أخبارًا أو صورًا أو تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد ولو كانت صحيحة إذا كان من شأن نشرها الإساءة لهم.
ولفتت الى أنه يأتي ذلك إزاء عدم تناسب العقوبة المقررة في القانون القائم مع الفعل الإجرامي المرتكب بحيث أصبحت العقوبة لا تحقق الردع العام الذي يكفل حماية المجتمع وصون آدابه المستمدة من الشريعة الإسلامية السمحاء أو العرف الراسخ بإعطاء الطريق حقه.
وأشارت الى أنه يهدف أيضا الى حماية الحياة الشخصية للأفراد خاصةً مع ظهور التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي قد يستغلها البعض للتعدي على حريات الأفراد وإفشاء أسرار حياتهم.
وارتأت أن مشروع القانون يمثل تطورًا مشهودًا في مجال العقاب يتواكب مع تطور وسائل ارتكاب الجريمة.
من جهتها، أفادت هيئة التشريع والرأي القانوني، أن ما جاء بمشروع القانون الأول يتوافق مع النصوص الدستورية، حيث إن تشديد العقوبة المقررة لجريمة ما يدخل بصفة أساسية في نطاق السلطة التقديرية للمشرع، الذي له أن يُعدل هذه العقوبة بالتشديد أو بالتخفيف تبعًا لما يراه محققًا مصلحة المجتمع، مع الالتزام بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات والمبادئ الدستورية المتفرعة عنه مثل مبدأ تناسب العقوبة، ومبدأ التفريد العقابي، ومبدأ شخصية العقوبة.
وبشأن مشروع القانون الثاني المقدم من الحكومة، لفتت الهيئة الى أن المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، أن تعديل المادة (370) يهدف إلى حماية الحياة الخاصة والعائلية للأفراد من الاعتداء عليها وتجريم كل فعل ينتهكها جراء الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من الوسائل سواء بالتقاط الصور أو نشرها أو إذاعتها.
وأضافت “تم تعديل المادة (372) بتشديد عقوبة كل من فض رسالة أو برقية بغير رضا من أرسلت إليه أو استرق السمع في مكالمة هاتفية وتشديدها لمن أفشى الرسالة أو البرقية أو المكالمة لغير من وجهت إليه دون إذنه متى كان من شأن ذلك إلحاق ضرر بالغير، وذلك لتكون العقوبة في المادتين رقمي (370) و (372) متناسبتين مع الأفعال الإجرامية المذكورة فيهما، لا سيما وأن كلتا المادتين انصبتا على تأكيد حرمة الحياة الخاصة للأفراد”.
الى ذلك، أوضح المجلس الأعلى للقضاء أن مشروع القانون تضمن تشديد عقوبة تحريض المارة على الفسق لتكون الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن مائة دينار ولا تجاوز ألف دينار أو إحدى هاتين العقوبتين، بدلًا من الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو الغرامة التي لا تجاوز عشرين دينارًا وفقًا لنص المادة الحالي، كما أضاف النص المعدل أية وسيلة أخرى تحرض المارة على الفسق بدلًا من حصرها في الإشارات والأقوال ليشمل التجريم كافة وسائل التحريض على الفسق.
وتابع “ولما كان تشديد العقاب على الفعل الإجرامي هو من إطلاقات المشرع للاعتبارات التي يقدرها فإنه ليس ثمة ما يمنع قانونًا من ذلك، فضلًا عن أن تجريم كافة وسائل التحريض على الفسق أمر محمود، وبناء عليه فإنه لا توجد على هذا النص ثمة ملاحظات”.
أما بالنسبة للمادتين (370) و (372) من قانون العقوبات رأى المجلس ضرورة وضع حد أقصى للغرامة المنصوص عليها في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (370) من مشروع القانون، بالنظر إلى أن الحد الأدنى للغرامة المنصوص عليه في هذه المادة يجاوز الحد الأقصى للغرامة المقررة للجرائم عمومًا – كأصل عام – وفقًا لحكم المادة (56) من قانون العقوبات المشار إليه.
وأضاف “وأنه ولئن كان للمشروع في جرائم معينة وللاعتبارات التي يقدرها عدم التقيد بالأصل العام في تقدير الغرامة، إلا أنه من الضروري تحديد الحد الأقصى للغرامة التزامًا بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليه في المادة (20/أ) من الدستور حتى لا يلحق النص شبهة عدم الدستورية، وهو ما انتهت إليه – وبحق – اللجان المختصة بمجلس النواب”.
ولفت الى أن المادة (372) من مشروع القانون تضمنت في فقرتها الأولى تشديد العقاب في جريمة استراق السمع في مكالمة تليفونية، إلا أنها غفلت في فقرتها الثانية عن تشديد العقاب حال إفشاء تلك المحادثة لغير من وجهت إليه ودون إذنه إذا كان من شأن ذلك إلحاق الضرر بالغير، أسوة بما جرى عليه النص الحالي، الأمر الذي يرى فيه المجلس تشديد العقاب على جريمة إفشاء تلك المحادثة للغير.
من جانبها، بيَّنت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف أن التعديلات التي تضمنها المشروع جاءت لمواكبة التطور الحاصل في مجال التكنولوجيا واستخدام الأجهزة الإلكترونية والتواصل عبر شبكات الإنترنت، بما يوفر الحماية للحياة العائلية والخاصة للأفراد من الاعتداء عليها جراء الاستخدام السيء لوسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل تداول المواد المسموعة والمرئية الحديثة وذلك بالنص على أفعال وصور ليست مجرمة في النصوص الحالية النافذة، وذلك بهدف صون حياة الأفراد والمجتمع من سوء استخدام التكنولوجيا.
وأشارت الى أن مشروع القانون أعاد صياغة المادتين المتعلقتين بتجريم الأفعال والصور الإجرامية بأن جعل المادة (370) تتناول الأفعال الإجرامية للجرائم التي تقع على حرمة الحياة الخاصة كاستراق السمع في المكالمات والمحادثات وتسجيلها ونقلها ونشرها وتصوير الأشخاص، وغيرها من صور التجريم المستحدثة، وشددت العقوبات الخاصة بهذه الأفعال، فيما تم صياغة المادة (372) بجعلها تتناول تجريم فض الرسائل والبرقيات وإفشائها والعقوبات المقررة لذلك.
من جهتها، قالت وزارة الداخلية بشأن الفقرة الثانية من المادة 370 إن الفقرة تنص على أن “فإذا ارتكبت الأفعال بعلم من ذوي الشأن دون اعتراضهم في حينها فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضًا”، مشيرة الى أن النص في مجمله ليس قيدًا على تقديم الشكوى، حيث إن التقدم بالشكوى حق للجميع، إلا أن الجاني يمكنه إثبات رضا المجني عليه أمام القاضي.
وأضافت “عبارة (في حينها) متعلقة بالاعتراض وليس بالتقدم بالشكوى، وأن القاضي له أن يقدر عدم مقدرة المجني عليه على الاعتراض، وإدراجها يعد ضمانة للطرفين، حيث لا يمكن أن يتقدم أحد بالاعتراض على صورة مر عليها عدة سنين”.
وأفادت الوزارة أنها لم تتوافق مع قرار لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلس النواب بحذف هذه الفقرة ورأت ضرورة إبقائها، باعتبار أن سبب الحذف هي المخالفة الدستورية للمادة (20/أ) .
وعن البند (2) من الفقرة الأولى من المادة (370) والذي ينص على “التقط أو نقل صورة أو فيلم لشخص بشكل مباشر أو في وضع غير لائق أو في مكان خاص”، لفتت الى أن تحديد المكان الخاص أمر يختلف من فكر لآخر، وكلٌ له تحديد خاص لأغوار الحياة الخاصة، والحكومة قد حددت بشكل مفصل الحياة الخاصة حتى خارج أسوار المنزل، ومن ذلك تصوير الحادث أيًا كان، وليس بالضرورة أن يكون الحادث مروريًا.
الى ذلك، اتفقت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان مع الأهداف والمقاصد التي يرمي إليها مشروعا القانونين الأول والثاني، حيث إن مشروع القانون الأول انتهج التشديد في الجرائم محل البحث، وجاء لتحقيق الردع العام والخاص عن ارتكاب هذا النوع منها، ويتناسب مع جسامتها، وإن التعديلات المتضمنة بمشروع القانون الأول تنسجم والمادة (17) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت له مملكة البحرين بموجب القانون رقم (56) لسنة 2006.
وأضافت “يغطي مشروع القانون الثاني حالات لم يتناولها القانون النافذ، ويشدد العقوبة المقررة على مرتكبها، وهي حالات جديرة بالحماية القانونية في شأن احترام الحياة الخاصة والعائلية للأفراد”.