صدمت شركة “سوفت بنك”، الأسواق بخسارة مفاجئة في الربع الأول، الذي يغطي الفترة من أبريل إلى يونيو - لكن التكتل التكنولوجي الياباني حقق مكاسب استثمار نادرة في صندوق رؤية “Vision Fund” الضخم الذي يركز على التكنولوجيا.
أصبحت المملكة العربية السعودية مستثمرا مؤسسا في صندوق رؤية سوفت بنك، إذ تعهدت بمبلغ 45 مليار دولار، وسرعان ما تعهدت أبوظبي بمبلغ 15 مليار دولار أخرى.
كان مؤسس صندوق الاستثمار الخاص، الذي يعد الأكبر في العالم، هو خبير التكنولوجيا الياباني ماسايوشي سون، الذي توقع في ذلك الوقت أن الصندوق سوف “يسرع ثورة المعلومات”.
وفي أكتوبر 2016، أعلنت مجموعة سوفت بنك اليابانية عن إطلاق الصندوق إلى جانب مشاركة صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
ومع ذلك، بعد مرور ما يقرب من عقد من الزمان، ما يزال المستثمرون الخليجيون لا يملكون الكثير ليظهروه في مقابل إنفاقهم.
وتوقعت شركة سوفت بنك أن يتمكن الصندوق في النهاية من التوسع إلى 100 مليار دولار، وهو ما سيكون تقريبا نفس المبلغ الذي جمعته جميع شركات رأس المال الاستثماري الأمريكية في العامين ونصف العام السابقين، وفقا لتقرير صادر عن جامعة بنسلفانيا.
ويوضح التقرير أن صندوق الاستثمارات العامة ومبادلة يحصلان على توزيعات أرباح بنسبة 7 % على رأس المال المستثمر إضافة إلى نسبة من أي عوائد. ولم يستجب الثنائي لطلبات التعليق. وعلى عكس اسمها، فإن سوفت بنك ليست بنكا، بل شركة استثمارية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وقد أسس سون، المعروف باسم ماسا، الشركة في العام 1981.
وتعد شركة سوفت بنك أيضا مستثمرا في صندوق رؤية، وكثيرا ما تستثمر كلتا الشركتين بشكل مشترك في نفس الشركات، ما أدى إلى طرح تساؤلات حول تضارب المصالح.
وعموما، حقق صندوق رؤية سوفت بنك عائدا سلبيا للمستثمرين منذ إنشائه في العام 2016، وفقا لأتول جويال، المدير الإداري لبحوث الأسهم في جيفريز آند كو في سنغافورة.
في العادة، يتوقع المستثمرون في مثل هذا الصندوق عائدا سنويا مركبا بنسبة 20 %، وبالتالي فإن استثمار 100 دولار في البداية سيصل إلى نحو 440 دولارا بعد 8 سنوات. ومع ذلك، فإن قيمة صندوق الرؤية أقل مما التزم به المستثمرون.
ولم يقم صندوق الاستثمارات العامة بوضع أموال جديدة في صندوق رؤية سوفت بنك الثاني، بل قام فقط بإعادة استثمار الأرباح من النسخة الأولى، وفقا لتقارير إعلامية.
وقد تكبدت هذه الصناديق خسارة استثمارية قدرها 1.2 مليار دولار في السنة المالية 2023 حتى 31 مارس 2024. ويقارن ذلك بخسائر استثمارية بلغت 36.9 مليار دولار و25.1 مليار دولار في العامين الماليين السابقين إستنادا إلى أرباح سوفت بنك.
وبحلول الثلاثين من يونيو 2024 ، كان صندوق الرؤية الأول قد أجرى 64 استثمارا، بينما أجرى صندوق الرؤية الثاني 271 استثمارا. والآن أصبحت قيمة بعض الاستثمارات في الشركات المدرجة في البورصة أقل كثيرا من قيمتها القصوى.
وبلغت القيمة السوقية لشركة ديدي الصينية لتأجير السيارات 20 مليار دولار ابتداء من 30 يونيو، بانخفاض عن ذروتها البالغة 79.1 مليار دولار إذ تمتلك سوفت بنك 20 % من ديدي وتكبدت خسارة ورقية قدرها 8.1 مليار دولار من الشركة.
كما تكبدت الشركة خسارة ورقية قدرها 1.2 مليار دولار في شركة أوتو ستور، كما أن حصتها في شركة جراب “التطبيق الفائق” في جنوب آسيا أقل بنحو 300 مليون دولار من المبلغ الذي دفعه الصندوق. وعلى العكس من ذلك، حققت الشركة مكاسب غير محققة قدرها 5.6 مليار دولار في شركة كوبانج الكورية للبريد السريع.
وبحسب الإحصاءات، تتمتع سوفت بنك ببعض من أكثر الاستثمارات التكنولوجية الاستراتيجية في الأسواق الخاصة وكانت بمثابة الأساس الرئيس لثورة الذكاء الاصطناعي. ويعتقد أن ثورة الذكاء الاصطناعي هذه ستخلق العديد من الفرص على الصعيدين التكنولوجي الخاص والعام مع كون سوفت بنك لاعبا رئيسا.
وسبق أن صرحت شركة سوفت بنك باستثمارات الصناديق في مجال الذكاء الاصطناعي، لكن الأرقام لا تعكس محفظتها الاستثمارية حيث كانت سوفت بنك وصندوق رؤية أكبر المساهمين في شركة تأجير المكاتب WeWork. ولكنه منع من زيادة حصة الصندوق في WeWork بعد فشل جهوده لطرح الشركة بسعر يقدر بنحو 50 مليار دولار.
وذكرت وكالة رويترز أن خطة إفلاس وي ورك تقدر قيمتها بنحو 750 مليون دولار، ويبدو أن الرهان الكبير من جانب صندوق الاستثمارات العامة ومبادلة على ماسا أمر مفاجئ بالنظر إلى سجله الاستثماري المختلط .
وتمثل النتائج نوعا من التحول بالنسبة لصندوق الرؤية المحاصر، والذي يديره ماسايوشي سون، والذي تكبد خلال العام الماضي أو نحو ذلك المليارات من الخسائر؛ بسبب الرهانات التقنية التي توترت في بيئة أسعار الفائدة المرتفعة.
من جانبه، صرح المدير المالي لشركة سوفت بنك يوشيميتسو جوتو بأن الشركة عادت بعناية إلى القيام بالاستثمارات بعد تقليصها سابقا لمثل هذا النشاط بسبب ظروف السوق القاتمة.
وأشار إلى أن الأوراق المالية في السوقين العام والخاص قد شهدت انتعاشا بالأشهر القليلة الماضية، إذ ارتفع كل من مؤشر ناسداك المركب ومؤشر طومسون رويترز فينتشر كابيتال بشكل كبير منذ بداية العام وبناء على هذا الاتجاه، نود أيضا تحقيق توازن جيد بين الوقود والمكابح لاستئناف الأنشطة الاستثمارية.
وأوضحت الشركة، التي قلصت حصتها في “علي بابا” في الوقت الذي تحاول فيه تعويض الخسائر من الانهيار العام الماضي في أسهم التكنولوجيا، إنها شهدت خسارة تقييم غير محققة لأسهم علي بابا بقيمة 553.4 مليار ين. ومع ذلك، تم تعويض ذلكل بمكاسب مشتقة قدرها 769.9 مليار ين.
وفي العام المالي الماضي، سجلت سوفت بنك خسارة قدرها 32 مليار دولار في ذراع الاستثمار “Vision Fund” الخاص بها، والذي دعم بعضا من أكبر الأسماء في مجال التكنولوجيا اليوم من “أوبر” إلى عملاق التجارة الإلكترونية في كوريا الجنوبية “Coupang”.
وصرحت بأنه على الرغم من خروجها من حصتها المتبقية في أوبر، إلا أنها ما تزال تسجل خسائر من استثمارات في شركات مثل “SenseTime”، وهي شركة ذكاء اصطناعي صينية، وشركة “GoTo” الإندونيسية لخدمات نقل الركاب والتجارة الإلكترونية.
وحصلت شركة التكنولوجيا العملاقة، التي تشارك في استثمار رأس المال الاستثماري عبر صندوق الرؤية الخاص بها، على نصيبها العادل من الصعود والهبوط ثم أوقفت استثمارات جديدة وباعت حصصها في شركة أوبر العملاقة لخدمات نقل الركاب، وقلصت حصتها في علي بابا.
الانتقال إلى وضع الهجوم
في اجتماع للمساهمين في يونيو، قال الرئيس التنفيذي ماسايوشي سون إن سوفت بنك تخطط للتحول من “وضع الدفاع” إلى “وضع الهجوم”، حيث قامت الشركة بتعبئة السيولة عبر سحب بعض حصصها في شركات التكنولوجيا.
وأشاد المدير المالي لشركة سوفت بنك يوم الخميس بعودة نشاط الشركة في السوق، مشيرا إلى أن سوفت بنك نفذت استثمارات بقيمة 1.8 مليار دولار في الفترة من أبريل إلى يونيو.
وقال جوتو “في العام الماضي، توقفت الشركة طيلة العام بأكمله تقريبا من حيث الاستثمار”. وأضاف “عندما تنظر إلى اتجاه السنوات الثلاث، فإننا نعيد بعناية أنشطتنا الاستثمارية”، مشددا على أن الشركة تستأنف “بعناية” أنشطتها الاستثمارية.
وفي الوقت نفسه، كان اللاعبون في السوق يراقبون بشدة أي تعليق من سوفت بنك على الطرح العام الأولي لشركة “Arm”، وهي شركة تصميم الرقائق التي استحوذت عليها في العام 2016 مقابل 32 مليار دولار.
وتبقى الرؤية الاستثمارية الواقعية:
هي أن امتلاك رؤية لما سينجح هو أمر واحد، ولكن تنفيذ ذلك من حيث خلق القيمة عبر اختيار فرق الإدارة المناسبة وفهم نماذج الأعمال الصحيحة يتلخص في اختيار الأسهم.
في حين كانت الرؤية بشأن الصناعات واتجاه التكنولوجيا أفضل من الآخرين، إلا أن قدرتها فيما يتعلق باختيار الأسهم لم تكن كذلك.