كثير من المتابعين القراء لنوعية مقالاتي يعرف مدى اهتمامي البالغ بالاقتصاد المحلي والذي أولي جزءًا من اهتماماتي فيه بالرؤية الملكية للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم، حيث أركّز فيه، كل دور انعقاد، على برنامج عمل الحكومة ومشروعي تمرير الميزانية كمراقب اقتصادي يترجم ما وراء الأرقام إلى نوعية الإيقاع القادم للسنتين الاقتصاديتين لمملكة البحرين.
كمتابع جيد لهذا النمط التشريعي وجدت أن شعبية المجلس النيابي برغم الجدل الحاصل وعنف النقد وشراسة الهجوم من الشارع والذي قد يترجمه البعض أنه إخفاق كبير من الأعضاء طيلة آخر 3 فصول تشريعية لكن أرقام مشاهدات اليوتيوب -الأرقام لا تكذب- أتت صادمة بشكل كبير بأن عدد المشاهدات لجلسات المجلس من بث مباشر على وجه الخصوص قد زاد بوتيرة مضاعفة تصاعدية آخر 5 سنوات ماضية، حتى أصبح مادة إعلامية دسمة تؤهل كتاب وإعلاميين جددًا ومشاهير سوشال ميديا إما لم نسمع بهم من قبل أو ممن قد حاولوا الوصول إلى قبة البرلمان ولم يحالفهم الحظ واكتفوا بمئات من المقالات اللاذعة التي تصب حسرة بأنهم لو كانوا من بين السادة النواب لأحدثوا فارقًا كبيرًا مع احترامي للجميع، ربما هذه أحد الأسباب التي أدّت إلى وقف البث المباشر الذي تكسب الكثيرين منه وجعله مهنة من لا مهنة له!!!
جدل وشعبية المشاهدات لمشروع تمرير الميزانية الأخير والتي شغلت الشارع البحريني دلالة على الدور الكبير الذي تضطلع به الحكومة والأمل الكبيرين اللذين باتا يهمان المواطن البحريني بدرجة كبيرة بالذات مع تولي صاحب السمو الملكي ولي العهد حفظه الله رئاسة الحكومة وتأسيس فريق البحرين الوطني وهي إضافة جديدة لمهام منصب ولاية العهد حتى على مستوى دول الخليج العربي.
ناهيك عن شعبية المجلس البرلماني والتي دخل مرحلة التنوير بتنوع احتضان أفراد والشباب من الشارع لا الوقوف على 3 أحزاب إسلامية قد بات أكثر قبولًا وأريحية وفعالية بين الشارع ونوابه البرلمانيين، وهذا ما يفسّر شراسة النقد والضغط في مشروع تمرير كل ميزانية والتي سوف أقف على تحليل المشهد الأخير من تشكيل اللجان، حيث شكلت مفاجأة نوعية جديدة لم تمر من قبل أبدًا، مما يرجّح على الأغلب بدء مرحلة التغيير في مكتب الرئيس بدءًا من تغيير الأمين العام بشكل إيجابي ودور رئيس المجلس في تشكيل اللجان وضبط الإيقاع بعد سنتين من العمل البرلماني وعودته للأضواء وإمساكه بزمام الأمور.
تركيزي على رئاسة لجنتي التشريعية والتي شكلت صمام أمان عمل المجلس بدون أي نزاعات وتدوير ناعم آخر دورتين تشريعيتين منذ 2018 لوجود نائبين مخضرمين هما د. علي النعيمي ود. هشام العشيري واللذين يديران ملفات التشريعية بطريقة العمل الجماعي وإعطاء فرصة لدماء جديدة لنظيريهما النائبين العسبول والفردان، مما يتبقى دور اللجنة الأهم في هذا الفصل التشريعي والمعني بصناعة توافقات مشروع تمرير الميزانية والتي آلت رئاستها إلى غير العادة إلى أحد نواب بيوتات التجار النائب أحمد السلوم والذي كان بعيدًا جدًّا عن عمل هيئة المكتب الرئاسي هذه الدورة على غير نمط الدورة الماضية، ومن غير المرجح أبدًا الحصول على رئاسة اللجنة المالية بعد توافقات داخل اللجنة بتدوير الرئاسة بين النائبين الأحمد وعبد الأمير بالتعاقب، مما يطرح سؤالًا مهمًّا قادمًا: يا ترى ما هو الجديد في مشروع تمرير الميزانية لعام 2025 و2026 والتي أؤكد أنها سوف تكون على غير العادة بالتأكيد أو سوف تشهد تفاعلًا ساخنًا!!!
* سيدة أعمال ومحللة إقتصادية