العدد 5839
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
banner
تحويلات الأجانب للخارج.. مليارات تستنزف الاقتصاد البحريني
الأربعاء 09 أكتوبر 2024

نحن بصدد قضية كبرى نحتاج إلى مناقشتها بواقعية وبرؤية اقتصادية، وهي تحويلات الأجانب للخارج، وخاصة الفئة الآسيوية، والتي تعد من أكبر مصادر استنزاف مصادر العملات الأجنبية في البحرين، مع الأخذ بعين الاعتبار أنهم ‏يحولون جميع مدخراتهم للخارج، ولا يتم صرف أو استثمار أي شيء منها في البحرين، وبالتالي لا تستفيد منها المملكة إطلاقا.
وتبلغ تحويلات الأجانب إلى الخارج على مدار العام حوالي مليار دينار بحريني، وبحسب بيانات رسمية حديثة فقد بلغ إجمالي المبالغ التي حولها الأجانب في النصف الأول فقط من العام الجاري، ما مجموعه 487 مليون دينار، بزيادة بلغت نحو 6 ملايين دينار مقارنة بالفترة نفسها من العام 2023، ‏وهذا يعد استنزافا كبيرا جدا للاقتصاد البحريني.
ويبقى التساؤل مشروعا حول كيفية تقييد حركة هذه التحويلات، مع عدم الإضرار بسمعة البحرين المالية والاقتصادية، أو انتهاك حق العامل الإنساني في إرسال التحويلات، وفي الواقع هذه المعضلة تتطلب حلولا جذرية، ومن الحلول المقترحة التي يمكن اعتمادها هي تنفيذ برنامج لإحلال الكوادر البحرينية في المناصب القيادية بدلا من الأجنبية، ويجب أيضا التدقيق على التحويلات الخارجية ‏للعمالة الأجنبية ومراجعتها ومراقبتها عن كثب، ومقارنة الرواتب المدفوعة لهم مع ما يتم تحويله، وتطبيق إجراءات صارمة لضمان نظافة هذه الأموال.
علاوة على ذلك، من الممكن أن تضع الحكومة أهدافا محددة لتقليل حجم التحويلات السنوية بنسبة معينة في كل عام تتراوح بين 20 % و30 %، وذلك من خلال تعزيز الفرص الاستثمارية المحلية، وتشجيع توجيه الاستثمارات نحو القطاعات التي تعزّز النمو المستدام في الاقتصاد البحريني، كما أنه من الممكن فرض ضريبة على التحويلات المالية الخارجية للوافدين المقيمين داخل المملكة تحت مسمى رسوم تحويل للخارج، وإعطاء الجهات المختصة مسؤولية إصدار القواعد المنظمة لاحتساب الرسوم وجميع الإجراءات المرتبطة بها؛ وذلك لتقليل التحويلات من جهة، وتماشيا مع الخطط الحكومية لتنويع الإيرادات المالية وتنويع مصادر الدخل من جهة أخرى.
من المهم الوصول إلى حلول قابلة للتطبيق للتعامل مع هذه الظاهرة دون أن تكون لها آثار سلبية على سمعة البحرين، واستفادة ميزانية الدولة والسوق والاقتصاد البحريني من هذه التحويلات دون فرض قيود جامدة، وذلك من خلال وضع قواعد معينة حول النسب التي لا يجب تجاوزها في التحويلات المالية خارج البلاد حتى تبقى بعضها لتساهم في انتعاش السوق البحريني، أو إمكانية فرض رسوم بسيطة على هذه التحويلات مع الرقابة، فنكون بذلك نجحنا في الحد من المخاطر سواء ما يتعلق بالسيولة النقدية أو غسيل الأموال.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية